بقلم - سحر الجعارة
فى لحظة فارقة من عمر الوطن قيل للمتظاهرين أمام «قصر الاتحادية» إن المشير «عبدالفتاح السيسى» سوف يمر من بينهم، كانت القوات المسلحة قد أعلنت بيانها فى 30 يونيو 2013 والشعب فى انتظار زوال حكم عصابة الإخوان، ومصير كل متظاهر فى مهب الريح، فجأة أصبح طوق النجاة هو «المشير» آنذاك.. أصبح «السيسى» يجسد الرمز: الدولة، الدستور، الحكم المدنى، «الحياة» التى لم يكن أى منا يضمنها فى هذه اللحظة.. أصبح حاضرنا ومستقبلنا مرهوناً بكل حرف ينطق به وكل إيماءة تصدر عنه، أصبحنا نحب ضحكته وغضبه ونعشق ارتجاله وتحديه للمستحيل، وأصبحت عبارة «السيسى مر من هنا» رمز النماء والاستقرار واللون الأخضر وجاهزية جنودنا البواسل، بتعبير رومانسى: احتضن «السيسى» المصريين وألقى عليهم بمظلة الأمان وذهب ليحارب على كل الجبهات: الإرهاب، الفساد، العشوائيات، الإهمال، الفقر، المرض.. ذهب ليقتحم الملفات المهملة: عاصمة إدارية جديدة لدولة أرادوها متخلفة، شرايين الحياة فى أنفاق قناة السويس، اكتشافات النفط والغاز، القواعد العسكرية الجديدة، تجديد شرايين القوات المسلحة بأحدث النظم العسكرية، المطارات، شبكة الطرق.. إلخ مشروعات التنمية المستدامة فى كل مكان.
الآن يطل شبح الإرهاب من جديد، مؤامرة تهجير الفلسطينيين إلى مصر، وخلق «الوطن البديل»، إن تحققت بدفع أهل غزة لاقتحام معبر رفح مرة ثانية فلن نكون أمام «إخوة لاجئين»، (يفضل الرئيس أن يسميهم ضيوفاً)، بل سنصبح مقراً لـ«تنظيم إرهابى» سبق أن اقتحم المعبر 2008، وطوق مصر بأنفاق لتهريب الأسلحة والمجرمين وشارك فى اقتحام السجون المصرية.. وبينما يقف العالم كله متفرجاً (أو متواطئاً بالصمت)، يسعى «السيسى» لوقف الحرب باتفاق عادل بين الطرفين، ويتحدث عن «السلام» بينما «الحرب» تدق طبولها على أعتاب وطننا فى «سيناء».
وكأن قدرنا أن تجمعنا بالرئيس لحظات الخطر كما جمعتنا به لحظات العطاء!.
لو لم يكن الرئيس «السيسى» موجوداً الآن وهنا أعلى قمة هرم السلطة لربما وقفنا فى طوابير أمام السفارات الأجنبية للحصول على حق اللجوء كما حدث أثناء النظام الفاشى للإخوان.
مؤامرة «الوطن البديل»، إن تحققت والعياذ بالله، سنجد أنفسنا -ثانية- أمام جماعة تحتكر الحديث باسم الله، وتبرر كل جرائمها الوحشية بزعم أنها تجاهد فى سبيل الله (حماس هى الذراع العسكرية للإخوان)، ونجد أنفسنا من جديد أمام «الجهادية التكفيرية» وتحالفاتها مع سلفيى الداخل وفلول الإخوان والخلايا الداعشية النائمة.
كان «حزب تويتر» من «مرتزقة يناير» ينعق كالبوم ويتساءل: لماذا ننفق كل هذه الأموال على «التسليح»؟.. وفى مؤتمر «حكاية وطن الأول 2018»، تحدّث الرئيس عن «تحصين الدولة المصرية فى مواجهة التحديات والتهديدات والمخاطر، وتعزيز عناصر القوة الشاملة للدولة، ولا سيما القدرات العسكرية من أجل الحفاظ على الأمن القومى وحدود الدولة وتأمين السلام والدفاع عن مقدرات هذا الوطن ومكتسباته وثرواته». وبالفعل كلف الرئيس -آنذاك- قيادة العمليات العسكرية فى القوات المسلحة بضرورة إنهاء قوى الإرهاب التكفيرى فى غضون فترة من 90 إلى 100 يوم.. وتمت المهمة بنجاح لدرجة أن الناس فقدت الحذر وبعضها لا يعلم أعداد الشهداء «دفاعاً عن سيناء».
باسم «الدين» استوطنت «التنظيمات الإرهابية» فى سيناء، وبعضها بايع تنظيم «داعش».. وتحولت الأرض إلى «خريطة دم»، وكنا كل يوم نصطف فى صلاة الجنازة، ونشيع جنودنا البواسل والمدنيين الأبرياء.. وليس بيننا من يقبل بعودة هذه الأيام السوداء.
لكن مصر كانت جاهزة بأحدث التقنيات العسكرية، وتحدّث الرئيس عدة مرات عن «قوة الردع» وعن «القوة الغاشمة».. وفى افتتاح «حقل ظهر» للغاز الطبيعى، قال الرئيس: «والله أمنك واستقرارك، أمنك واستقرارك يا مصر تمنه حياتى أنا وحياة الجيش».. وهى كلمات تعبّر عن عقيدة «محارب صلب» خاض حرباً حقيقية ضد الإرهاب.. ومن خلفه تقف «جبهة داخلية صلبة».
وتأتى الانتخابات الرئاسية بينما نحن أيضاً فى مرحلة فارقة من عمر الوطن، وحياتنا ومستقبل أولادنا فى رقبة «السيسى»، الذى حاول كثيراً وطويلاً القضاء على الأفكار المتطرفة ونشر الوعى الدينى وتصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة، وتلك ساحة حرب لا تزال مفتوحة نتحدث عنها العدد القادم.
سيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»: ما زلت أشعر بالأمان بوجودك بيننا رئيساً وقائداً أعلى للقوات المسلحة.. لقد سقطت من حولنا أوطان وتلطخت حدودنا بالدم.. لكننا نشهد الله أنك حافظت على مصر شامخة، لم تخشَ على حياتك حين سلّمناك قيادة ثورتنا (تعرض الرئيس لأكثر من محاولة اغتيال).. وعشت «فدائياً» من أجل مصر وشعبها، تقاتل على كافة الجبهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. إلخ.. ومصر تحتاج لقائد بنفس المواصفات.