الإعلام يبث الكوليرا الفكرية

الإعلام يبث الكوليرا الفكرية

الإعلام يبث الكوليرا الفكرية

 العرب اليوم -

الإعلام يبث الكوليرا الفكرية

معتز بالله عبد الفتاح

لا توطّن نفسك على المعارضة بلا إنصاف، فدوام الخلاف من الاعتساف. ولا توطّن نفسك على الموالاة بلا استحقاق، فدوام الوفاق من النفاق.

هذه العبارة بتصرف قالها الشيخ الشعراوى رحمة الله عليه. وهى سهلة القول، عظيمة المعنى، صعبة التطبيق. تحتاج تدريباً ذهنياً. تحتاج أن نكون موضوعيين، أى أن نناقش الموضوع بغض النظر عن الأشخاص، أن نناقش المنتَج بغض النظر عن المنتِج.

مَن له اتصال بالعمل الأكاديمى يعرف أن المجلات العلمية ودور النشر ترسل للباحثين والأساتذة كتباً أو مقالات للتحكيم دون أن يكون مكتوباً عليها أى إشارة لصاحبها حتى يناقشوا ما هو مكتوب دون أن يتأثروا بأن فلاناً صديق أو منافس أو عدو. ناقش المنتَج.. وليس صاحبه.

هذه هى الموضوعية بواحد من معانيها. الموضوعية تقتضى الـ«إف بى آى»، أى Fairness + Balance + Integrity أى الإنصاف (فنقول الحق) والتوازن (فلا نبالغ) والنزاهة (فلا نخلط المواقف والمصالح الشخصية بما هو غير شخصى).

كم من أصدقائنا فقدناهم فى الفترة السابقة، وبعدما فقدناهم هل حللنا أى مشكلة؟ طيب مش الأفضل أن نتكلم معهم بـ«إف بى آى» يا إما نقنعهم أو يقنعوننا أو نظل مختلفين مع بعض.

كلمات الشعراوى السابقة وجدتها فى الخارج أكثر مما وجدتها فى الداخل، لذلك ليس غريباً أنهم يتقدمون ونحن مشغولون بتوزيع الاتهامات والبحث فى الخصوصيات وقتل الأمل فى نفوس الناس.

القرآن يقول عن يهود المدينة إننا نحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، ولكن أصبح هذا هو حالنا نحن العرب، ونجح يهود إسرائيل فى أن يبحثوا عن نقاط الالتقاء من أجل مصلحة بلدهم، ولم يتبنوا منطق المناضل الرافض تحت شعار: «خُلقنا لنعترض». الاعتراض منطقى فى موضعه، ولكن الاعتراض الدائم يُفقد الإنسان مصداقيته أو على الأقل تأثيره خارج إطار من يتبنون منطقه.

قول الشعراوى مرة أخرى: لا توطن نفسك على المعارضة بلا إنصاف، فدوام الخلاف من الاعتساف. ولا توطن نفسك على الموالاة بلا استحقاق، فدوام الوفاق من النفاق. صحيح، دوام الخلاف من الاعتساف يعنى من الظلم، ودوام الوفاق من المهادنة والمنافقة. ولكن افتعال الخلاف أو افتعال الوفاق رغبة فى الشهرة أو الزعامة الزائفة يجيده كل خفيف بلا قضية، ويستجيب له كل خفيف بلا عقل. أحسب أن الرزانة، كل الرزانة، أن تستمع لآراء الناس باهتمام واحترام، ولكن لا تجعلهم قبلتك، لا سيما فى المجالات التى أنت أعلم منهم فيها. ولنُحط أنفسنا بقلة من الأشخاص متنوعى المشارب ناضجى العقول من أهل الرأى والعلم والحلم والمشورة، كى يكونوا ضميراً خارجياً لنا، يراجعوننا حين نخطئ ويدعموننا حين نصيب.

فى مادة «مهارات التفكير النقدى» كنا نطلب من كل طالب أن يكتب اسم أكثر شخص يكرهه من الشخصيات العامة فى ورقة، ثم فى ورقة أخرى يكتب أسباب كراهيته له، ثم فى ورقة ثالثة أطلب منهم كتابة صفات إيجابية فى هذا الشخص. وبعد أن أشرح لهم الـ«إف بى آى» أطلب منهم أن يكتبوا فى ورقة رابعة مميزات نفس الشخص. بعد ما ينتهى هذا التمرين أطلب منهم أن يعلقوا على ما كتبوا. عادة ما تكون النتيجة أننا نملك القدرة على أن نكون موضوعيين، حينما نريد، أو حينما ندرك أن الموضوعية مفيدة. الكوليرا الفكرية المنتشرة فى مصر كان يمكن أن تتراجع بعد ٣٠ يونيو، ولكن الفضاء العام يتلقى يومياً جرعات هائلة من هذه الفيروسات التى تدمر ولا تبنى الشخصية المصرية.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام يبث الكوليرا الفكرية الإعلام يبث الكوليرا الفكرية



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab