الزيادة الأرنبية

الزيادة الأرنبية

الزيادة الأرنبية

 العرب اليوم -

الزيادة الأرنبية

معتز بالله عبد الفتاح

الخشية، كل الخشية، أن نأتى للحظة نكتشف فيها أن «الوقت قد تأخر جداً». ولو حكم مصر أفضل العقول فستكون المشاكل أعظم وأعمق وأوسع من قدرتهم وقدرتنا معهم على حلها بسبب الزيادة الأرنبية - السكانية.

وللموضوع عدة أوجه، فمن وجهة نظر دينية، فإن الاحتجاج بأن هناك حديثاً يدعونا للتناكح والتكاثر لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) سيباهى بنا الأمم يوم القيامة لا يُفهم إلا فى إطار حديث آخر يقول: «كفى بالمرء إثماً أن يضيّع مَن يعول». وكذلك حديث «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، وبالتالى علينا أن ننجب من الأطفال بقدر ما نحسن التربية.

وقد أعجبنى قول البابا شنودة بأن الله لن يسأل أحدنا: كم أنجبت من الأطفال؟ ولكنه سيسألنا عن حسن تربيتنا لأولادنا.

ومن وجهة نظر اجتماعية، فالمكون الأساسى لهذه المشكلة ليس فى الزيادة فى ذاتها وإنما فى أن هذه الزيادة تأتى من أقلّ الناس قدرة على تربية أطفالهم وتعليمهم. ولنأخذ مثلاً الوجه القبلى الذى يمثل حوالى 18 مليون نسمة بنسبة 25 فى المائة من سكان مصر. ويبلغ عدد مواليد الوجه القبلى حوالى 41 بالمائة من إجمالى مواليد الوطن (حوالى 2 مليون).

ومن وجهة نظر اقتصادية، فإن كل جنيه ينفق على تنظيم الأسرة يؤدى إلى توفير فى المصروفات العامة (مباشرة وغير مباشرة) فى حدود 134 جنيهاً، وتوفير فى إنفاق مباشر 44 جنيهاً، مع العلم أن نصيب كل مولود جديد من الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية فى الموازنة العامة للدولة يبلغ 4500 جنيه تقريباً. إذن مصر فى خطر «سكانى» لا يقل عن الأخطار التى تحيط بها وتنفجر من داخلها. لقد بلغ تعداد سكان مصر عام 1980 حوالى 40 مليون نسمة، والآن (أى بعد ٣٥ عاماً) أصبح عدد السكان ٩٠ مليون نسمة، وإذا استمرت الزيادة السكانية على نفس المعدل الحالى فإنه من المتوقع أن يصل عدد السكان بعد 30 عاماً أخرى إلى ما يقارب ١٧٠ مليون نسمة.

يعنى بعد 30 سنة سنكون بحاجة لنفس العدد من المدارس والمستشفيات والطرق والجامعات الموجودة حالياً، ليس بغرض أن نتقدم، ولكن حتى لا نتخلف أكثر.

وهذا ما أدركته الصين منذ السبعينات فتبنّت سياسة الطفل الواحد حتى أسابيع قليلة مضت.

وهناك حلول من خبرات دول أخرى. فهناك حوافز إيجابية يمكن أن تعطى للمواطنين الذين ينجبون بقدر ما يستطيعون إحسان التربية والتعليم. ومن هذه الحوافز الإيجابية تخفيض الضرائب التى يقوم رب الأسرة بسدادها طبقاً لعدد أطفاله (مثلما يحدث فى تونس وبنجلاديش وإندونيسيا وفيتنام)، فضلاً عن منَح التقاعد التى تعطى لموظفى الحكومة الذين لديهم عدد محدد من الأطفال طبقاً لعدد الأطفال، وتنعدم هذه المنح بعد الوصول إلى عدد معين من الأطفال، ثم تتحول إلى عقوبات مع زيادة الإنجاب، وهناك تسهيلات فى الحصول على المنح والقروض وفى سدادها بقدر انضباط الأسرة عددياً (مثلما يحدث فى بنجلاديش وإندونيسيا)، والمساعدة على توفير مساكن للأسر صغيرة الحجم. فضلاً عن حوافز مالية لمن يلتزمون بالسن القانونية لزواج الفتيات (الهند مثلاً). وفى الهند كذلك يمكن منح حوافز مجتمعية فى منطقة بأكملها نظراً لالتزامها بمبدأ تنظيم الأسرة وانخفاض معدل وفيات الرضّع والمواليد بجانب انتشار المعرفة بالقراءة والكتابة وتحقيق التعليم الأساسى لجميع سكان المنطقة.

وهناك كذلك حوافز سلبية (أى عقوبات) تُفرض على من يبالغ فى الإنجاب، لأنها ليست حرية شخصية، وإنما هى مسئولية من الشخص تجاه مجتمعه أن ينجب فى حدود حسن التربية والتعليم. حيث يتم فرض عقوبات على ولىّ الأمر الذى يمتنع عن إلحاق أطفاله بمؤسسات التعليم الأساسى أو يتسبب فى ترك أبنائه للتعليم قبل بلوغ سن 16عاماً ما دام الطفل قادراً على مواصلة التعليم. وذلك على اعتبار أن التعليم هو أحد أهم عوامل الارتقاء بالخصائص السكانية كأحد الأبعاد الأساسية للمشكلة السكانية (تونس وتايلاند)، وتطبيق عقوبات مالية وإدارية على المخالفين مثل تخفيض الحوافز المادية.

arabstoday

GMT 07:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 06:31 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 06:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 06:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 06:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 06:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزيادة الأرنبية الزيادة الأرنبية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab