هل نجح «السيسى» فى زيارته للولايات المتحدة

هل نجح «السيسى» فى زيارته للولايات المتحدة؟

هل نجح «السيسى» فى زيارته للولايات المتحدة؟

 العرب اليوم -

هل نجح «السيسى» فى زيارته للولايات المتحدة

معتز بالله عبد الفتاح

إذا كانت هذه الزيارة الإجابة؟ هو كان إيه السؤال أصلاً؟

هناك ثلاثة أسئلة كانت تتردد فى دوائر صنع القرار وأروقة الإعلام والصحافة المهتمة بمصر فى الغرب: من «السيسى»؟ ما مصر بعد ثورتين؟ ما الجديد بشأن دور مصر فى محيطها الإقليمى بعد زوال نظامى «مبارك» و«الإخوان»؟

كانت هذه هى الأسئلة، ومن متابعتى لردود الفعل أزعم ما يلى:

أولاً: عبدالفتاح السيسى، الذى تحدث فى أجهزة الإعلام المختلفة وأمام الأمم المتحدة كذّب الصورة التى روجت لها قناة الجزيرة، العربية والإنجليزية، ومعها بعض أوساط صناعة الصورة الذهنية خلال العام الماضى باعتباره «الجنرال الذى انقلب على الرئيس المنتخب» و«السفاح الذى قتل أو على الأقل سمح بقتل المئات»... إلخ.

الرجل قدم نفسه باعتباره الرجل الذى أتت به إرادة المصريين بعد أن صبرت على نظام يوليو 60 عاماً وعلى نظام الإخوان عاماً وعلى فوضى ما بعد 25 يناير عامين. يتحدث بواقعية، لا يبعثر الكلمات بلا روية، يبتسم فى ثقة، ويناقش فى اطمئنان، ليس على رأسه بطحة، وليس له ذراع يمكن ليُّها. لا هو «مبارك» العجوز الذى يتثاقل فى المشى والكلام، ولا هو «مرسى» المتلعثم الذى يتحدث كثيراً ولا يقول شيئاً.

أقول هذا وأبدى تحفظى الشديد على الزفة الإعلامية التى حدثت فى مصر أثناء زيارة الرئيس للولايات المتحدة. الحذر الحذر من أن يستجيب الرئيس لجوقة المديح وحاملى المباخر ممن يصورون تنهيدته إلهاماً ربانياً، وصمته حكمة إلهية، وإن نطق بأى كلام فكأنه عندهم وحى يوحى.

مما أعرفه عن الرجل أنه شخص متوازن نفسياً، ينظر للأمور فى حجمها الحقيقى، ويحاط بأناس على قلتهم لكنهم ليسوا جزءاً من شلة ولا لهم مصلحة فى ارتداء نظارة مكبرة أو مصغرة.

الزفة الإعلامية التى كانت موجودة فى مصر أثناء الزيارة تجعلنى أقول يا رئيس مصر: «خد بالك» من سياسيين وإعلاميين يتخذون التزلف إليك والمبالغة فى الدفاع عنك رأس حربة لمعاركهم مع خصومهم الشخصيين والسياسيين. وأحذرك من بعض السياسيين والإعلاميين المستعدين لأن يزيفوا الحقائق قربة إليك ونهشاً فى الوطن، أو بتعبير سمعته من أحد العاملين معك: «يخدمون على أنفسهم ومصالحهم ومش مهم البلد».

السؤال الثانى: ما الجديد عند مصر والمصريين بعد ثورتين؟

الخطاب السياسى المنطقى الذى يملكه عبدالفتاح السيسى قاله فى المقابلات التليفزيونية وأمام الأمم المتحدة. هذا الخطاب يؤكد أن نظامه هو وليد ثورتين معاً، وليس واحدة دون الأخرى. لم يندفع الرجل لقبول أى من الخطابين الساذجين أحياناً والمغرضين أحياناً، اللذين يصور أحدهما 25 يناير باعتبارها النكسة و30 يونيو باعتبارها العبور أو الخطاب المقابل الذى يصور 25 يناير باعتبارها الثورة و30 يونيو باعتبارها ثورة مضادة أو انقلاباً عليها.

لو قال عبدالفتاح السيسى ومن يحيطون به غير ذلك فقد وضع مسماراً فى نعش شرعيته ولأعطى معارضين له، بل أقول أعداءه، فرصة ذهبية لأن يتكتلوا ضده، سواء فى الداخل والخارج.

المصريون بعد ثورتين تمت فيهما الإطاحة برئيسين وحزبين ودستورين، ونزل فيهما الملايين إلى الشارع بأعداد كبيرة لن يعودوا إلى ما قبل 30 يونيو وما كان فيها من فوضى ولا ما قبل 25 يناير وما كان فيها من فساد.

تحدث الرجل عن « مصر جديدة » وأعطى انطباعاً واسعاً بأنه قادر على أن يقود مصر والمصريين نحوها. وأرسل رسائل مهمة داخلياً وخارجياً بشأن قضية الإخوان: إن تخلوا عن العنف وتصالحوا مع المجتمع على قاعدة المواطنة المصرية ، فأهلاً بهم. وإن تسربوا لمراكز صنع القرار، ومنها البرلمان، فالمجتمع سينقلب عليهم مرة أخرى.

مع الأسف، الإخوان يفعلون كل ما يثبت صحة كلام أعدائهم عنهم.

قال لى أحد أقرب المقربين من الرئيس فى جلسة خاصة: لو كان «مرسى» قبل باستفتاء أو انتخابات رئاسية مبكرة أو قبل الإخوان بنتائج 3 يوليو، لكانوا أحرجوا كل أعدائهم ولكانوا أعطوا لأنفسهم قبلة الحياة السياسية، لكن أخطاءهم بعد السلطة لا تقل فداحة عن أخطائهم قبل أن يتركوا السلطة.

ثالثاً: ما جديد مصر فى محيطها الإقليمى؟

كلام الرئيس عن مشاكل المنطقة مع ثقل مصر وموقعها يقدم مصر للعالم باعتبارها القابضة على ميزان القوة والضعف فى المنطقة وأنها مستعدة أن تلعب دوراً فى حفظ أمن واستقرار المنطقة، لكن لمصر مطالبها وشروطها قبل التفكير فى إرسال قوات لمحاربة «داعش» وأخواتها.

أولاً: الطائفية الدينية - السياسية ليست مقصورة على «داعش» و«جبهة النصرة» و«أنصار بيت المقدس»، وإنما هى تشمل كل تنظيم يسعى للوصول إلى السلطة متاجراً بشعارات دينية مدعياً التشريع والحكم باسم الخالق، سبحانه وتعالى. وبالتالى، لن نساعد الأمريكان فى ما يحقق مصالحهم، ويظلون هم يوفرون بيئة ملائمة لثعابين تنهش فينا ولكنها لا تناصبهم العداء. إذا كانت النية منعقدة على مواجهة «الطائفية الدينية - السياسية»، فلتكن مواجهة شاملة على كل هذه التنظيمات والحركات. وإن أراد هؤلاء أن يشاركوا فى الحياة السياسية على أسس المواطنة الكاملة التى لا تتاجر بالدين، فالساحة متسعة لكل من يؤمن بالمواطنة.

ثانياً: لو حدث وأرسلت مصر قوات لمحاربة «داعش»، فلا بد أن يكون مفهوماً يقيناً أن هذا جزء من واجب قومى عربى لحماية ما بقى من عروبة وللذود عن حرمة وسمعة الإسلام، دين الله العظيم، ضد من يتاجرون به ويسيئون إليه.

ثالثاً: لو حدث وأرسلت مصر قوات لمحاربة «داعش»، فلا بد أن تكون القيادة المصرية جزءاً من عملية التخطيط الاستراتيجى، وليس فقط إدارة العمليات على الأرض، بمعنى أن نعرف ما هو المنتج النهائى الذى نسعى إليه ومتى تنتهى العمليات العسكرية. لا نريد تكرار تجارب الخديعة الكبرى التى وقع فيها العرب إبان الحرب العالمية الأولى.

رابعاً: الأفضل ألا ترسل مصر قوات برية لمحاربة «داعش»، ولكن إن كنا لا محالة فاعلين، فالأفضل أن تكون جزءاً من قوات عربية فى مجموعها تشكل نواة لقوات عربية مشتركة للتدخل السريع، وفى كل الأحوال لا تتعدى القوات البرية المصرية عدة آلاف. والإشارة هنا إلى عدم تكرار تجربة إرسال قوات بعشرات الآلاف إلى خارج الحدود كما حدث فى حرب اليمن.

خامساً: طيب، ماذا لو امتنعنا عن إرسال قوات بالمرة؟ فكرة أميل إليها إنسانياً، ولكن التكلفة أننا سياسياً لن يكون لنا أى دور فى أى ترتيبات تتعلق بمستقبل المنطقة؛ لأننا ببساطة «ما روحناش». وسيعنى أننا فى أول تهديد لاستقرار المنطقة، تخاذلنا.

المؤشرات تقول إنها كانت زيارة ناجحة على المستوى الشخصى والوطنى والإقليمى. رأس المال السياسى للرئيس اليوم أفضل مما كان عليه من قبل، الصورة الذهنية عن مصر اليوم أفضل كثيراً مما كانت عليه من قبل، لكن لا تزال المنطقة تعانى الطائفية الدينية والسياسية والحروب الأهلية والحروب بالوكالة التى يقوم بها فاعلون محليون لحساب قوى أخرى، وسيكون على مصر أن تختار دورها بحكمة وليس باندفاع.

والله المستعان.

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نجح «السيسى» فى زيارته للولايات المتحدة هل نجح «السيسى» فى زيارته للولايات المتحدة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab