هل باعت أمريكا العرب لإيران

هل باعت أمريكا العرب لإيران؟

هل باعت أمريكا العرب لإيران؟

 العرب اليوم -

هل باعت أمريكا العرب لإيران

معتز بالله عبد الفتاح

لا يمكن فهم الكثير مما يحدث فى الشرق الأوسط بعيداً عن الدور الإيرانى النشط فى المنطقة والتنافس بينها وبين تركيا والمملكة العربية السعودية ومصر كأهم الفاعلين الإقليميين، والغرب فى مواجهة روسيا كأهم الفاعلين العالميين.

فى مقال مترجم على موقع «ساسة بوست» نوقشت القضية على النحو التالى:

مثّل الاتفاق النووى الإيرانى بالفعل نقطة تحول فى ميزان القوى فى الشرق الأوسط. كان تأثير الصفقة ذا شقين. فى الواقع، أعطى الاتفاق إيران الفرصة لتجميد مسيرتها نحو إنتاج سلاح نووى لنحو 15 عاماً، فى أحسن الأحوال، فى مقابل تطبيع العلاقات الدولية. كما حررها أيضاً من قيود العقوبات، وسيملأ خزائنها بأموال طائلة ومنح مؤسساتها السياسية الثقة، وأكد أن تحدى القوانين الدولية وعدم احترامها يمكن أن يعود بسخاء.

ضخّم الاتفاق النووى من الانطباع المسبق بأن الولايات المتحدة ستنسحب من المنطقة. سبق الصفقة بالفعل تراجع انخراط الولايات المتحدة فى الشأن الإقليمى. وقد ساعد هذا السياق على تشكيل التصور العربى بأن الولايات المتحدة اتخذت جانب إيران، وأنها تخلت عن حلفائها التقليديين فى المنطقة.

على أى حال، أنتج هذا الوضع مشكلة لكل من الولايات المتحدة والعرب. بالنسبة للولايات المتحدة، كان ذلك نتيجة للاستراتيجية السابقة للحد من الانخراط فى أزمة الشرق الأوسط، وكنتيجة للاتفاق النووى الذى حد من نفوذها الإقليمى إلى مستوى مقلق. كنا قد كتبنا فى «ميدل إيست بريفنغ» قبل بضعة أشهر من توقيع الاتفاق أن «الولايات المتحدة تخسر العرب ولا تفوز بولاء الإيرانيين». أردنا حينها أن نشير إلى انخفاض نفوذ الولايات المتحدة إلى مستويات خطيرة فى المنطقة فى تلك المرحلة.

لذلك، نتج عن الصفقة سياق زادت إيران إثره من عدوانيتها الإقليمية، وكانت الولايات المتحدة تخفض من نفوذها وتنتظر لفتة من طهران تعرب فيها عن استعدادها للتنسيق مع الولايات المتحدة، شعر العرب بأن حليفهم التقليدى قد تخلى عنهم. كان هذا الوضع محملاً بالمشاكل. فبعد فترة قصيرة، ظهرت مشكلة كبيرة على الأرض: دعوة طهران للرئيس فلاديمير بوتين للتدخل فى سوريا، ثم فى العراق ربما. كان من الواضح أن جدول الأعمال الإقليمى يجرى حالياً إعداده لإفساح المجال لكل من إيران وروسيا للعب دور ما، وذلك فى لحظة قرار طوعى ذاتى من قبل الولايات المتحدة للحد من وجودها فى المنطقة.

مع اتضاح صورة مرحلة ما بعد الاتفاق النووى فى الشرق الأوسط تقريباً الآن، يتم تخصيص منبر لتنسيق عربى أمريكى أقوى. يمكن تلخيص هذا المنبر فى كلمتين: احتواء إيران، وميزان القوى، الذى يظهر بشكل ملموس فى هذه المرحلة من الوقت فى الشرق الأوسط، تدور رحاه فى سوريا والعراق. ويلزم ضبط ميزان القوى فى سوريا والعراق لتجنيب المنطقة التخريب الإيرانى فى المستقبل.

وبالنسبة لأولئك الذين يقولون إن إيران لا تفعل شيئاً «تخريبياً» فى المنطقة، فإننا نسأل ببساطة لماذا تسلل الإيرانيون إلى العراق بعد الغزو الأمريكى، وقتلوا كلاً من الأمريكيين والعراقيين للتلاعب بالمسرح السياسى لصالحهم؟ وسوف نسأل عن العصابات الإرهابية التى جرى اعتقالها فى الكويت والبحرين والسعودية؟ وسوف نسأل عن السفن التى تحمل أسلحة للحوثيين فى اليمن التى جرى رصدها واعتراضها قبالة الشواطئ اليمنية. وسنسأل أيضاً عن الحرس الثورى فى لبنان وسوريا والبحرين. هذه ليست سياحة، بل عمليات تخريب وإرهاب.

يتم تعريف توازن القوى فى المنطقة الآن بالمعركة الجارية فى سوريا. فسوريا هى المكان الذى «تختبر» فيه كل من روسيا والولايات المتحدة وإيران والعرب وتركيا قدراتهم لتشكيل الديناميات الإقليمية. كان الوضع قبل نحو 10 إلى 15 سنة مختلفاً. حينها، لم يكن سوى الولايات المتحدة والعرب هم من يشكلون هذه الديناميات. يرجع التغيير أساساً إلى ثلاثة عوامل. الأول، هو زلزال عام 2011 الذى سبب ضرراً لنظام الأمن الإقليمى بشكل خطير. والثانى هو التقدم الذى حققته إيران فى بناء قدرات كل من الحرب غير المتكافئة والقدرات العسكرية. والثالث هو الخفض التدريجى للدور الإقليمى للولايات المتحدة.

فى سوريا والعراق، لا بد أن تتعلم إيران أن جسور تعاونها مع المنطقة ستكون عبر التجارة والتنمية والتعاون لبناء مستقبل إقليمى مشترك لجميع دول المنطقة بدلاً من الحرب غير المتكافئة والتخريب والتدخل لإحداث المزيد من الكوارث مثل تلك التى تعانى منها كل من سوريا والعراق.

وفى سوريا والعراق سيتم معايرة موازين النفوذ فى الشرق الأوسط. وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن إيجاد إيران معتدلة أمر ممكن، نقول لهم ببساطة أن يستعدوا لمزيد من المفاجآت السيئة. لن تتحول إيران إلى قوة أقل عدوانية. بل على العكس من ذلك، ستتحول إلى قوة أكثر عدوانية بعد الاتفاق النووى. وللمساعدة على إعادة تشكيل سياسات إيران الإقليمية، لا بد أن تعلم إيران أن عمليات التخريب ستجلب المتاعب فقط على كل من المؤسسة السياسية والشعب الإيرانيين. للأسف، لا توجد وسيلة أخرى لإقناع الحرس الثورى الإيرانى بالتعامل مع الأمور بطريقة مختلفة. فى الواقع، إن السلام الإقليمى يتعارض بشكل كامل مع طبيعة و«مبرر» وجود فيلق القدس الذى يقوده السيد سليمانى. فإذا كان هناك سلام فى المنطقة، فإن العنصر الأكثر نشاطاً فى الحرس الثورى لن يكون له فائدة. ما الذى يمكن أن يحفز الحرس الثورى بالضبط على السعى خلف تحقيق الاستقرار والسلام فى المنطقة؟

فى الواقع، إن مصدر قلق قادته الرئيسى بعد توقيع الاتفاق النووى هو أن طهران قد تكون دُفعت نحو لعب دور إقليمى أكثر إيجابية.

يجب على الولايات المتحدة والدول العربية إعادة بناء استراتيجياتهم الإقليمية وعلاقات العمل من أجل تعليم الإيرانيين حقيقة واحدة بسيطة، وهى أنه لا يبدو أنهم يفهمون أن العالم العربى ليس فارسيّاً وأن محاولات جعله فارسيّاً سيكون ثمنها باهظاً.

يجب ألا تقتصر علاقات العمل العربية الأمريكية على صفقات الأسلحة. فهذا سبيل لمزيد من المتاعب. إذا لم تتوقف إيران عن التدخل فى المنطقة ودعوة الآخرين إلى التدخل، فإن الأزمة الإقليمية ستكون ثقباً أسود فى النظام العالمى. كان يتعين إبعاد أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى عن الشرق الأوسط. ومن أجل إبعادها، يلزم على إيران أن تفهم ما لم تفهمه بعد. وينبغى مناقشة تدابير واضحة علناً للتوضيح للإيرانيين أن أفعالهم قد تكلفهم ثمناً باهظاً. فمن خلال التحدث بصوت عالٍ عن هذا الثمن يمكن للعالم أن يثنى الشعب الإيرانى عن الاستماع إلى خطاب المتعصبين. إن كلّاً من المجتمع الدولى والشعب الإيرانى يضعان الشرق الأوسط فى خطر كبير إذا كانا يعتقدان أن البيانات الدبلوماسية الناعمة من قبل طهران وبعض السياسيين ستجدى نفعاً. فما يهم هو الأفعال المتبعة. وتشى الأفعال بالكثير عند رؤية السيد سليمانى يجوب المنطقة كما لو أن إيران قد ضمتها بالفعل، وأصبحت جزءاً من حلم «الإمبراطورية الفارسية العظمى» الوهمى.

 

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل باعت أمريكا العرب لإيران هل باعت أمريكا العرب لإيران



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab