اللحظة الفيسـوانية

اللحظة الفيسـوانية

اللحظة الفيسـوانية

 العرب اليوم -

اللحظة الفيسـوانية

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

آخر مشاهد فيلم «العار» يجسد لحظة فارقة فى تاريخ السينما المصرية حين يكتشف «كمال»، جسد شخصيته الفنان نور الشريف، أن الصفائح التى توجد بها «البضاعة» قد ذابت من قاعها، فينزل إلى الملاحات ليصرخ: «شقى عمرى، شقى عمرى ضاع». فيقول له: «الفيسوانى» وهو تاجر الحشيش الذى جاء لشراء البضاعة: «مش عيب ابن الحاج عبدالتواب ما يعرفش أصول التخزين»، فيرد عليه أحد صبيانه: «التخزين كان من اختصاص الدفاس وأبودهشوم»، وهذان كانا قد ماتا فى حادثة سيارة فى بداية الفيلم.

وهنا تأتى أهم جمل الفيلم: «فيه حد يحط بضاعة 15 يوم فى صفيحة فى مية مالحة». فيسأل «كمال»: «والعمل يا فيسوانى؟» فيرد فيسوانى: «يعوض عليك ربنا».

وهذه هى النقطة التى عندها يفقد «كمال» وأخواه عقولهم: منهم من يجن ومنهم من ينتحر ومنهم من يغنى: «الملاحة والملاحة وحبيبتى ملو الطراحة، حصرة علينا يا حصرة علينا».

إذن اللحظة الفيسوانية هى لحظة فيها ثلاثة مكونات مركبة:

أولاً: تقصير شديد وعدم خبرة من قبل القائمين على أمر ما. ثانياً: خسارة فادحة ناتجة عن التقصير. ثالثاً: هزة نفسية وذهنية تفقد صاحبها اتزانه فيفعل ويقول ما لو تبصر قليلاً لما ذهب إليه.

أكاد أرى كل هذه الملامح فى أداء جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة من قبل 30 يونيو حتى الآن. فى ليلة 26 يونيو قابلت عدداً من الوزراء وبعضهم من الإخوان فى مقر مجلس الوزراء، وكنت أتوقع أن يكونوا مشغولين كثيراً بما هو مقبل فى الأيام الأربعة التالية، فوجدت أمراً عجباً: اطمئنان شديد، ثقة مبالغ فيها، عدم اكتراث بالرأى العام الغاضب. وقال أحدهم ما معناه: «الشعب معانا، والجيش كمان معانا» فتذكرت عبارة أحمد مكى: «الفلوس معايا، والبضاعة كمان معايا».

ما كان لى أن أتفهم معنى أن «الشعب معانا» كما يدركونه إلا إذا كانوا يخلطون بين «الشَعب» و«الشُّعَب» الإخوانية (بضم الشين)؛ وهذا خطأ شائع عند كل من لا يسمع عن نفسه إلا أماديح من المقربين منه فيظن أن «إنجازاته» يعرفها الجميع ويتصرفون على أساسها. أما الشق الخاص بأن «الجيش كمان معانا» فهو ما لم أفهمه إطلاقاً، وقد كان الفريق «السيسى» أصدر تحذيره قبلها بثلاثة أيام معلناً أن الحكومة والمعارضة أمامها أسبوع من أجل التوافق بقوله: «لن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد فى صراع يصعب السيطرة عليه».

فسألت السادة الوزراء، فقالوا لى: «السيسى يحذر المعارضة». فقلت: «تقديرى أن الرجل يقول ما يعنى ويعنى ما يقول، هو يحذر الجميع، وسيساند من يتخذ خطوات حقيقية نحو وقف تدهور البلاد إلى فوضى وعنف، فإما معكم أو معهم. وإن لم تتخذوا إجراءات ومبادرات حقيقية لنزع فتيل الأزمة، قد تنتهون إلى مواجهة مع قطاع من الشعب والجيش معاً».

هل غيّر كلامى من شىء؟ أبداً.

بعد 30 يونيو يتصل بى قيادى إخوانى كبير ويطلب منى أن أساعدهم فى التواصل مع القوات المسلحة من أجل عودة الدكتور «مرسى» والشرعية ومجلس الشورى؛ فقلت له لا أتصور أن هذا ممكن فى ضوء التصعيد اللفظى والوعيد الصادر من منصة رابعة فى «لحظة فيسوانية مليئة بالغيظ والحنق والغليان» بما يجعل أى حوار عقلانى مع الجيش لتهدئة الأمور مستحيلاً.

ويستمر سوء التقدير وسوء التصرف ليصعد الأمور فى اتجاه الصدام العظيم: وهى لحظة التقاء جسم يتحرك بسرعة عالية لا يمكن وقفه، مع جسم صلب راسخ لا يمكن تحريكه. وهو ما ينتج ما نراه الآن.

هذا كلام كتبته منذ سنتين.

arabstoday

GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللحظة الفيسـوانية اللحظة الفيسـوانية



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab