تقييم أداء الرئيس أم تقييم أداء الدولة

تقييم أداء الرئيس أم تقييم أداء الدولة؟

تقييم أداء الرئيس أم تقييم أداء الدولة؟

 العرب اليوم -

تقييم أداء الرئيس أم تقييم أداء الدولة

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

فى ضوء المعطيات المتاحة لنا، فإن النسبة الغالبة من المصريين يرون أن أداء الرئيس إجمالاً مرضٍ، وأن ما تحقق فى عهده على مستوى البنية التحتية وتوسيع مساحة المعمور من أرض مصر يكاد يكون غير مسبوق فى مصر لا سيما أن فترة حكمه لم تكمل العامين بعد.

ولكن ما هو أهم من أداء الرئيس الشخصى هو أداء الدولة المصرية فى عهده.

أعلم أن الأمور من داخل دولاب الحكم أعقد كثيراً مما تبدو عليه من خارجه. وأعلم أن الرجل تحمل مسئولية تردد كثيراً فى تحملها وأن قوى معارضة الإصلاح والتأسيس لدولة ناهضة قوية وماهرة وخادعة وتلاقت إرادات من الداخل مع الخارج قد تنال من هذه التجربة الوليدة.

وأعلم كذلك أن قدرات الرجل ومعه قدرات الدولة كلها مهما كانت كبيرة ومتسقة، لكنها فى النهاية محدودة. ومع ذلك يكون من المهم أن يعرف الرئيس أن المهام الملقاة على عاتقه أكبر كثيراً من أن نحصرها فى المشروعات القومية الكبرى على الرغم من أهميتها، ولكنها أقرب إلى أن تكون «ضرورية ولكنها ليست كافية» لإحداث النهضة الشاملة المطلوبة.

ولهذا يلجأ المتخصصون إلى مصطلح «وظائف الدولة»، لتوضيح طبيعة المهام الملقاة على عاتق جهاز الدولة بأكمله، وليس فقط رئيسها.

الدولة اختراع مثلها مثل المدرسة والسد والتليفون والسيارة وغيرها من المنتجات الفكرية التى اخترعها البشر كى تستقيم الحياة. بعبارة أخرى، الدولة ليست مثل الشجر والأنهار والأسرة التى هى كيانات طبيعية تفرضها طبيعة الأشياء، ولا يخترع البشر اختراعاً إلا لتأدية وظائف معينة. إن لم تقم بها فإن الاختراع يفقد قيمته. فى يوم من الأيام كانت العجلة الحربية اختراعاً له وظيفة والطربوش كان اختراعاً له وظيفة.

الدولة كذلك لها وظائف. والقائمون على الدولة لا بد أن يكونوا على علم بها، وإلا فقدت الدولة واحداً من أهم مبررات وجودها من وجهة نظر مواطنيها. وما انهارت العديد من الدول العربية فى عام 2011 إلا لأن مبرر وجودها من وجهة نظر مواطنيها قد انتفى. هذه الوظائف التى على الدولة أن تقوم بها:

1- الوظيفة الأمنية:

حماية الدولة لحدودها (البرية، البحرية، الجوية) ولمواطنيها (فى أشخاصهم وممتلكاتهم المادية) هو أول واجبات الدولة. ولهذا السبب

تنشىء الدولة، بل تخصص عادة جزءاً كبيراً من ميزانيتها لقواتها المسلحة وأجهزتها الاستخباراتية وإدارة ملفاتها الخارجية (حماية أمن الوطن)، كما تخصص جزءاً كبيراً من ميزانيتها لشرطتها وأجهزتها الأمنية الداخلية (حماية أمن المواطن).

2- الوظيفة التنموية (الاقتصادية):

على الدولة واجب تأمين حد أدنى من الحياة المادية الكريمة لمواطنيها عبر استغلالها وتوظيفها للموارد المادية والمالية والبشرية المتاحة.

وهو ما يجعل الدول تنشئ وزارات متخصصة فى الاقتصاد والاستثمار والزراعة والصناعة والسياحة والثروات المعدنية والحيوانية

والسمكية وغيرها.

3- الوظيفة الخدمية (التوزيعية):

الدولة ليست مسئولة فقط عن ثراء الغنى، ولكنها مسئولة كذلك عن تقديم الخدمات لكافة مواطنيها بدءاً بأكثرهم احتياجاً وأفقرهم مادياً، لذا عادة ما يطلق على الوظيفة الخدمية كذلك الوظيفة التوزيعية، حيث تقوم الدولة بإعادة توزيع العائد من الوظيفة التنموية على المواطنين كافة، لذلك توجد وزارة للمالية تعيد تخصيص (أى إعادة توزيع) جزء من أموال الدولة (التى عادة ما تأتى من أموال الضرائب والجمارك وموارد الدولة السيادية الأخرى) لمصالح فقراء المجمع وفئاته الأكثر احتياجاً.

ولهذا السبب كذلك توجد وزارة للتموين لتقديم السلع الغذائية وفقاً لقواعد أكثر تعاطفاً مع مطالب واحتياجات الفئات الأفقر للمجتمع، وكذلك توجد الخدمات المدعمة، مثل المستشفيات العامة ومراكز الشباب والمواصلات العامة.

4- الوظيفة الحقوقية:

للبشر حقوق وحريات أصيلة على الدولة الحديثة أن تضمنها بما فى ذلك حقهم فى التقاضى والحفاظ على حقوقهم الأساسية مثل الاعتقاد والتعبير والتجمع والتظاهر وفقاً لقواعد يحددها القانون، ولهذا تنظم الدول عمل منظمات حقوق الإنسان التى تدافع عن حقوق المواطنين فى مواجهة الدولة، كما أن الدولة مطالبة بالحفاظ على حقوق المواطنين فى مواجهة التزاماتهم المتبادلة لهذا تنشأ المحاكم وأساليب التقاضى وعمل المحامين والأطر التنظيمية التى تضبط حركتهم، مثل نقابات المحامين.

5- الوظيفة التربوية (الأخلاقية):

هى تربية وتنشئة المواطنين على القيم المدنية التى تجعلهم قادرين على التعايش والتفاعل والعمل المشترك، ولهذا نشأت فى معظم الدول مؤسسات ووزارات من قبيل: وزارات الإعلام (أو المؤسسات المستقلة الراعية للإعلام والمراقبة له)، التربية والتعليم، المؤسسات الدينية، المؤسسات القائمة على شئون الثقافة والفن والآداب. وكل هذا لا يستقيم إلا بتبنى مؤسسات الدولة الأخرى، بدءاً برأس الدولة، لخطاب يحترم القيم التربوية التى تزرعها الدولة فى مواطنيها. وقد تصل الدولة فى مبالغتها فى تبنى هذه الوظيفة، لأن تنشئهم على قيم وأفكار تتفق مع أيديولوجية معينة أو رؤية سياسية يتبناها قائد أو حزب حاكم (مثلما هو الحال فى النظم الشمولية) أو على قيم وأفكار أكثر تعددية وقبولاً بالمفاضلة بين أيديولوجيات وأحزاب مختلفة فى حدود ما يحافظ على بقاء الدولة والصالح العام لمواطنيها (مثلما هو الحال فى النظم الديمقراطية).

6- الوظيفة التمثيلية (السياسية):

مع الزيادة الكبيرة فى عدد السكان، وتنوع بل وتعارض الانتماءات الدينية والعرقية داخل الدولة، أصبح لزاماً على الدولة أن توجد آليات منتظمة وموثوق بها، لتمثيل هويات ومصالح المواطنين المتعارضة. ولهذا السبب اخترعت الدولة فكرة البرلمانات والأحزاب والانتخابات

ووسائل التواصل الإعلامى للتعبير عن مطالب ومصالح المواطنين. داخل الدولة الواحدة قد تتعدد الديانات وأتباع كل ديانة لهم رؤيتهم

بشأن دور الدين فى الحياة العامة، وقد يكون داخل الدين الواحد من يريد أن ترفع الدول شعارات دينية، وكأنها تشرع باسم ديانة معينة، وهناك من يرى أن الأفضل هو ألا يلعب الدين دوراً فى العملية التشريعية.

مهام الدولة فى عهد الرئيس السيسى مفهوم أشمل من تقييم الأداء الشخصى للرئيس، وهذه هى المعضلة التى تواجه مصر الآن حيث إن الفجوة بين أداء الرئيس وأداء الدولة فى عهده لا ينبغى أن تتسع على الحد الذى يجعل الناس: الرئيس قوى ولكن الدولة ضعيفة.

الشكر لكل من يعمل لخدمة هذا الوطن باجتهاد وإخلاص.

arabstoday

GMT 17:39 2023 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

قلبها يسع العالم

GMT 17:46 2023 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

«علقة» الوالي

GMT 12:24 2023 الثلاثاء ,25 تموز / يوليو

سيد درويش

GMT 12:17 2023 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

الرحلة «المقيتة»

GMT 16:12 2023 الثلاثاء ,18 تموز / يوليو

«النسخة المضروبة» من الحياة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقييم أداء الرئيس أم تقييم أداء الدولة تقييم أداء الرئيس أم تقييم أداء الدولة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab