مَن أفسد مَن العلماء أم العوام

مَن أفسد مَن: العلماء أم العوام؟

مَن أفسد مَن: العلماء أم العوام؟

 العرب اليوم -

مَن أفسد مَن العلماء أم العوام

بقلم : معتز بالله عبد الفتاح

فى واحد من مقالاته المتميزة، كتب الدكتور نصر عارف مقالاً يناقش علاقة العوام بالعلماء، وقد أبدى الملاحظات التالية:

مع تغير الزمان وتطورات التكنولوجيا تشابكت علاقة العالِم بالعامى وتعقدت، واختل توازنها لصالح العامى، وأصبح العالِم دون أن يدرى مرتهناً للعوام، يخافهم أكثر مما يخافونه، ويتبع توجهاتهم أكثر مما يتبعون حكمته، ويخشى أن يغضبهم أكثر مما يخشون فتاواه وتقواه وورعه. تغير الزمان خلق علاقة جديدة بين العالِم والعامى سنفصلها فى الآتى:

أولاً: هناك سُنّة تاريخية، وقاعدة اجتماعية، وحكمة توارثتها أجيال الأمة تقول: «إذا دخل العالِم فى الشبهات دخل العامى فى الحرام، وإذا دخل العالِم فى الحرام كفر العامى إن استحل». هذه القاعدة، التى قد تكون حكمة نبوية، أو مما استقر عليه علماء الأمة الربانيون المخلصون، تقول لنا إن علاقة العالِم بالعامى تحكمها قوانين المتواليات الهندسية وليست الحسابية، أى قوانين المضاعفات الرقمية، بحيث إذا فعل العالِم خطأ صغيراً قلده العامى وفعل كارثة كبرى.

ثانياً: أدت وسائل الدعوة الحديثة من أشرطة تسجيل وفيديو ثم برامج تليفزيونية، ثم ملكية كثير من الدعاة لقنوات فضائية إلى تحويل الدين إلى سلعة، وتحويل العالِم، أو من يقول إنه عالِم، إلى تاجر دين أو تاجر إيمان، ولذلك تجدهم يمثلون على خشبة مسرح العقيدة والشريعة، ويتجملون فى لبسهم ومظهرهم لجذب الجماهير، خصوصاً النساء، ويخفضون أصواتهم ويرفعونها كأنهم على خشبة مسرح، ويحاول بعضهم التظاهر بأنه من جيل الشباب فى لبسه وسلوكه.

ثالثاً: مع ظهور الدعاة النجوم والعلماء النجوم الذين تفرد لهم مساحات خاصة فى الفضائيات ظهر نمط جديد من التدين «خالى الدسم» أو التدين «منزوع الروح» الذى يركز على الشكل أكثر من الجوهر، لأن أولئك العلماء -خصوصاً كبيرهم ملياردير الدوحة- يقولون ما لا يفعلون، لم يشهد تاريخهم إلا بأنهم يأمرون العوام بما لا يُلزمون به أنفسهم، يدعون الشباب إلى الجهاد وإلى تفجير أنفسهم وهم يحافظون على أبنائهم فى قمقم، فتجد أبناءهم عمداء لكليات، وأساتذة جامعات، وشعراء يعيشون حياة الطبقة المترفة التى تتماهى مع الفساد الاجتماعى، فلم نسمع أن أحدهم قد دفع بابنه إلى ساحات «الجهاد».

رابعاً: حالة الهوَس التى أصابت كثيراً منهم ودفعتهم إلى فرض أبنائهم ليحلوا محلهم، فكل منهم يعد ابنه ليحل فى تجارة العلم الدينى محل أبيه، ولولا أن أباه قد أدرك فوائد تلك الصناعة ما دفع بابنه المترف ليرثه، وهذه الوراثة فى الغالب لا تأتى عن علم ودراسة، إنما عن كون الابن وكيل أبيه، يفتح البقالة فى مرضه أو غيابه، ويصرح للصحف تأكيداً أو نفياً لأى خبر عنه.

خامساً: مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعى تحوّل الدعاة والوعاظ والعلماء إلى نجوم كبار يتنافسون فى أرقام المتابعين لهم تنافس المراهقين، ويحرصون على زيادة أعداد المتابعين لأنها تؤكد الزعامة، وتحدد الأوزان النسبية لتجار الدين، وتحكم علاقاتهم، ومن ثم تحدد سعر الواحد منهم، أو سعر فتواه، أو سعر الجرعات الدينية التى يبيعها. سادساً: كل هذا دفع العالِم إلى أن يكون تابعاً للعامى، لا يفتى بما يغضبه، ويكتم العلم الذى وهبه الله إياه خوفاً من سخط العوام وغضبهم وانفضاضهم عنه، ويقول من الآراء والفتاوى التى تخلو من التجديد وتكرس التخلف والجمود خوفاً من العوام، أى إن علم الدين قد صار من وسائل الترفيه عن العوام واسترضائهم، وليس قوة دافعة لإصلاحهم.

وخلاصة القول، نستطيع الوصول إلى نتيجة مؤداها أن العوام فى هذا العصر قد استطاعوا إفساد العلماء بدرجة أكبر من قدرة العلماء على إصلاحهم، وأن العلماء قد خاضوا فى الشبهات بما دفع جماهير المسلمين إلى السباحة فى الحرام، وأن كثيراً من علماء ووعاظ الصناعة الفضائية الدينية قد دفعوا الشباب إلى الإلحاد بسبب سوء سمعتهم، وإغراقهم فى الدنيا وملذاتها، خصوصاً الملذات السياسية… وحسبنا الله ونعم الوكيل.

arabstoday

GMT 07:23 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 05:23 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 06:34 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 05:38 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 06:07 2017 الثلاثاء ,14 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن أفسد مَن العلماء أم العوام مَن أفسد مَن العلماء أم العوام



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab