رسالة إلى الرئيس ومجلس علماء مصر إعادة بناء الإنسان

رسالة إلى الرئيس ومجلس علماء مصر: إعادة بناء الإنسان

رسالة إلى الرئيس ومجلس علماء مصر: إعادة بناء الإنسان

 العرب اليوم -

رسالة إلى الرئيس ومجلس علماء مصر إعادة بناء الإنسان

معتز بالله عبد الفتاح

طيّرت الصحف خبراً عن اجتماع الرئيس السيسى مع مجلس علماء مصر لمناقشة عدة قضايا من ضمنها أزمة الضمير وتراجع الأخلاق فى المجتمع المصرى. أعلنت من قبل خشيتى أن نهتم بالحجر أكثر من اهتمامنا بالبشر، بالبنيان أكثر من اهتمامنا بالإنسان. الرئيس السيسى عامل زى اللى بيبنى لولاده مصنع وشركة ومطعم ومش مركز بنفس القدر على تعليمهم وتربيتهم وحسن أخلاقهم. الرئيس «تحدّث» كثيراً فى الأخلاقيات، وينتقد الإعلام، ويتحدث عن الحاجة لثورة دينية وأهمية التعليم وأهمية تنظيم الأسرة، ولكنه «يتخذ قرارات» كثيرة مهمة فى ملفات تعبيد الطرق، وحفر القناة الجديدة، وتمرير قانون جديد للاستثمار، وغيرها من الأمور المهمة لكنها ليست الأهم فى تقديرى لأن الأهم هو بناء الشخصية المصرية.

الرئيس السيسى يتبنى منطق العلاقات العامة وإشهاد الناس على أنه قد أبلغهم ضيقه ببعض الممارسات ولا يتخذ قرارات مباشرة، بل أحياناً فى أمور معينة يقول: «ومش عايز أتدخل» فى الأمور التى تمس إعادة بناء الشخصية المصرية.

أما فى أمور بناء المشاريع الوطنية مثل حفر القناة الجديدة وغيرها، الرئيس السيسى يتبنى منطق السياسات العامة، يجتمع ويناقش ويعدل القوانين ويُصدر الأوامر المحددة بالزمان والموازنة ويتابع شخصياً التنفيذ. وهو قطعاً ويقيناً أمر محمود ومقدر.

لكن الأهم، أو على الأقل يا ريس.. بناء الإنسان وفقاً للحكمة القديمة: إحنا اللى بنعمل الفلوس مش الفلوس اللى بتعملنا.

لو عدنا لتجارب الدول الآسيوية، لوجدنا أنها اهتمت كثيراً ببناء الشخصية الوطنية من حيث القيم والمهارات. لو حدث زلزال مدمر فى كوريا الجنوبية الآن وجاء عاليها واطيها (لا قدّر الله)، لن تكون أكثر من سنوات قليلة لتعود إلى ما كانت عليه لأن الإنسان الكورى قوى عفى جاهز قادر مستعد. لو حدث زلزال فى مصر جاب عاليها واطيها (لا قدّر الله)، سيضيع كل ما نبنيه يا ريس فى عهدك، نحن نُصلح الموتور ولكننا لا نُبلغ سائق السيارة بأخطائه التى أدت إلى تدمير الموتور السابق. رئيس وزراء سنغافورة الراحل، لى كوان يو، قال: «لم يكن دورى أن أغير سنغافورة، كان دورى أن أغير الإنسان السنغافورى، وهو يغير سنغافورة». وهذا هو ما فعله المصلحون فى كل مجتمعات الدنيا، بدءاً من الأنبياء وصولاً إلى من قادوا الأمم وساسوا الشعوب.

هل نحن نعرف خصائص الإنسان المصرى الذى نريده بعد 10 سنوات من اليوم؟ لأ.. لكننا نعرف خصائص قناة السويس الجديدة طولاً وعرضاً وعمقاً. هل عملنا مؤتمراً اقتصادياً يحضر كل جلساته رئيس الجمهورية حول «بناء الشخصية المصرية» مثلما فعلنا مع المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ؟ لأ.. لماذا؟ لأننا نهتم بالحجر أكثر من اهتمامنا بالبشر. لأن الدولة لا تقوم بوظيفتها التربوية بنفس اهتمامها بوظيفتيها الأمنية والتنموية، وهى لن تنجح فى وظيفتيها الأمنية والتنموية إلا إذا قامت بوظيفتها التربوية.

لو كنا مقتنعين بأهمية تربية الإنسان بقدر اهتمامنا ببناء البنيان، فهذه محاولة. أزعم أن هناك خمسة أنواع من القيم المركزية أو القيم الآمرة التى لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ولا يجوز التسامح مع تجاهلها والتى ينبغى أن تضطلع الدولة بمهام إقرارها فى العقل المصرى.

أولاً: من القيم الاقتصادية الضرورية، هناك القيم الخادمة والمؤسسة لـ: 1 - ريادة الأعمال والمخاطرة المحسوبة ودراسات الجدوى. 2 - الاجتهاد والتطور المهنى. 3 - العقلية الاستثمارية: الادخار وعدم التبذير. 4 - الفخر بالإنجاز الشخصى والمنتج المصرى. 5 - الأجر مقابل الإنتاجية وليس مقابل الدرجة العلمية. 6 - الحفاظ على المال العام. 7 - وطنية القطاع الخاص ومسئوليته الاجتماعية. 8 - أهمية الاستثمار الأجنبى واحترام حقوق السائح المقبل إلى مصر.

ثانياً، القيم السياسية التى ينبغى أن نركز عليها عند إعادة بناء الشخصية المصرية وهى: 1 - المساواة السياسية والقانونية. 2 - المشاركة. 3 - احترام الحقوق والحريات للجميع. 4 - احترام الرأى الآخر وعدم التخوين. 5 - إعلاء المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. 6 - التعامل مع الحلول الجذرية وليس مع المسكنات.

ثالثاً، القيم السلوكية التى ينبغى أن نركز عليها: 1 - النزاهة والامتناع عن الرشوة والفساد. 2 - التذوق الجمالى. 3 - النظافة الشخصية والنظافة العامة (عدم إلقاء القمامة فى الشارع). 4 - ثقافة الاعتذار عن الخطأ إن حدث.

رابعاً، القيم الاجتماعية: 1 - التركيز على نوعية البشر وليس على كمية البشر ومواجهة ظاهرة الإنجاب بلا حساب. 2 - عدم التمييز ضد أو الحط من شأن أى إنسان آخر. 3 - العمل الجماعى. 4 - احترام حقوق الآخرين فى بيئة نظيفة ضد التلوث السمعى والبصرى واحترام حق الآخر فى الفضاء العام (شارع وسكن آمن ومحترم). 5 - احترام حقوق الفئات الأضعف (كبار السن، الأفقر..). 6 - الغنىّ ليس بالضرورة فاسداً. 7 - المخالف فى العقيدة ليس بالضرورة كافراً بالله.

خامساً، قيم معرفية: 1 - قيمة البحث والدراسة وعدم الفتْى والفهلوة (الادعاء المعرفى). 2 - الانفتاح على الأفكار الجديدة والتعرف عليها حتى إن لم نتبنَّها. 3 - قيمة العلم والمعرفة والقراءة. 4 - رفض النظرة السلبية للعالم واعتبار أن كل ما/من هو مقبل من الخارج عدو ومرفوض. 5 - رفض تنميط الناس وإطلاق أحكام عامة سلبية عنهم بسبب الطبقة أو الرأى أو العقيدة أو الدين أو الملبس الخارجى. 6 - التفكير النقدى واتخاذ القرار على أسس علمية.

هذه خمسة أنواع من القيم فى خمسة مجالات أساسية، والدولة تملك خمسة أنواع من الخطاب يمكن أن تستخدمها لبناء الإنسان المصرى الجديد وهى: الخطاب السياسى، الخطاب الدينى، الخطاب الإعلامى، الخطاب الثقافى والفنى، الخطاب التعليمى. واستخدام هذه الأدوات لن يكلف الدولة أكثر مما هى تدفعه فعلياً، فلا تكلفة إضافية وإنما هى مسألة إعادة توجيه الموارد لخدمة قضية أكبر من المصالح الضيقة لكل فرد من الأفراد أو مجموعة من أصحاب المصالح.

نعم نستطيع، لو قررنا أن ننجح. لسنا بدعاً من البشر. أختم بأن أقول: «لا مجال لمصر جديدة، إلا بإنسان مصرى جديد». قولوا يا رب.

arabstoday

GMT 05:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 05:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 04:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 04:53 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 04:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 04:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة إلى الرئيس ومجلس علماء مصر إعادة بناء الإنسان رسالة إلى الرئيس ومجلس علماء مصر إعادة بناء الإنسان



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
 العرب اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 12:46 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
 العرب اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab