عاجل إلى العراقيين «المالكى» يسير على خطى «مرسى»

عاجل إلى العراقيين: «المالكى» يسير على خطى «مرسى»

عاجل إلى العراقيين: «المالكى» يسير على خطى «مرسى»

 العرب اليوم -

عاجل إلى العراقيين «المالكى» يسير على خطى «مرسى»

معتز بالله عبد الفتاح

ربنا ابتلى هذه المنطقة من العالم بسياسيين قادرين على أن يدمروا الدولة ويسيلوا الدماء ويهدموا الديمقراطية وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
ومثلما كاد يُضيّع الدكتور مرسى الدولة وتسبب فى دماء كثيرة بسوء تقديره وأصاب الديمقراطية بردة خطيرة وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، مدعياً الحفاظ على الشرعية، فإن رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى يتبنى نفس الموقف ونفس الخطاب، وكأن الشرعية أهم من الدولة، والأصوات أهم من الدماء، والانتخابات هى المظهر الوحيد للديمقراطية.
سأبدأ بموقف الرجل ثم أذكّر حضراتكم برسالة قديمة أرسلها مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين للمالكى منذ أكثر من عام تدعو للأسى وتؤكد أن غيابهم عن الواقع مرض قديم.
أعلن رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى بالأمس رفضه تشكيل حكومة إنقاذ وطنى فى الوقت الذى تشهد فيه البلاد هجوماً واسعاً لمسلحين وثوار العشائر فى عدد من المناطق العراقية، ملمحاً إلى تمسكه بمواصلة سعيه للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة.
وقال «المالكى»، فى خطابه الأسبوعى: «ليست خافية الأهداف الخطيرة لتشكيل حكومة إنقاذ وطنى كما يسمونها؛ فهى محاولة من المتمردين على الدستور للقضاء على التجربة الديمقراطية الفتية ومصادرة آراء الناخبين».
وقال، عبر التليفزيون الرسمى: إن الجلسة الأولى للبرلمان ستُعقد بما يتفق مع الاستحقاقات الدستورية وانطلاقاً من الالتزام بدعوة المرجعية العليا والولاء للشعب العراقى. وكان يشير إلى المرجع الشيعى الأعلى آية الله على السيستانى الذى دعا يوم الجمعة إلى بدء عملية تشكيل حكومة جامعة، لكن «المالكى» يرى أن عليه أن يشكل حكومة، يشكل حزبه وتحالفه فيها الأغلبية، وعلى الباقى أن ينصاع.
يأتى هذا فى وقت توالت فيه الدعوات إلى تنحيه، بعد تأزم المشهد العراقى، وانتفاضة عدد كبير من ثوار العشائر ووجود تهديد جدّى لوحدة العراق.
وكأن الرجل يقول: «حزبى فاز بحوالى ثلث مقاعد البرلمان، إذن أنا رئيس الوزراء، ورئيس الوزراء هو أنا. ولو لم أستمر فى السلطة، فهذه هى نهاية الديمقراطية والدستور والشرعية».
الرجل يضحى بالدولة من أجل الكرسى تحت نفس الشعار: «الشرعية».
وقبل أن أستطرد فى تحليلى، سأذكّر حضراتكم بمقال كتبته فى هذا المكان فى 28 أبريل 2014 متضمناً نصيحة قدمها الإخوان المسلمون للمالكى. قلت آنذاك:
قرأت فيما يقرأ النائم أن جماعة الإخوان المسلمين، المصرية، فى بيان لها بخصوص الأوضاع فى العراق الشقيق قالت: «إن الحكومة هى أكبر المسئولين الآن عن الاستماع لصوت المعارضة والدخول فى حوار وطنى متكافئ، والاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة، والحفاظ على وحدة البلاد.
وإننا فى الوقت الذى ندعو فيه للحوار والوفاق والوحدة والبناء، لنُعبِّر عن عظيم أسفنا واستنكارنا للأسلوب الذى تتبعه الحكومة فى استخدام العنف مع المتظاهرين والمعتصمين السلميين الذى يُسْقِط الكثير من الأبرياء قتلى وجرحى؛ لأن هذا ما يرفضه الإسلام والإنسانية؛ فالقتل من أكبر الكبائر «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا».
وليس بهذا الأسلوب تُساس الشعوب ولا يتحقق الأمن والإصلاح «وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ» صدق الله العظيم.
هذا ما قاله بيان الإخوان المسلمين، موجهين حديثهم للنظام الحاكم فى العراق.
وكان تعليقى آنذاك:
قبل ما تقرأ السطور التالية، خذ نفساً عميقاً، أيوه. اضحك. ابتسامة عريضة، أكتر شوية. فكر معى لمن يوجه الإخوان هذا البيان: لحكومة شعب العراق الشقيق أم لحكومة شعب مصر الشقيق؟
حكومة «المالكى» فى العراق لا تعرف من الديمقراطية إلا الفوز فى الانتخابات، كمن يعرف كيف يدير موتور السيارة ولكنه لا يعرف كيف يقودها، ولدينا فى مصر مشكلة مشابهة ولو بدرجة أقل.
خذ نفساً عميقاً، مع ضحكة بسيطة، فكّر معى:
أولاً: الدعوة للاستماع لصوت المعارضة والدخول فى حوار وطنى متكافئ (آه والله العظيم متكافئ).
ثانياً: الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة والحفاظ على وحدة البلاد.
ثالثاً: استنكار أسلوب العنف الذى تتبعه الحكومة فى استخدام العنف مع المتظاهرين والمعتصمين السلميين. والقتل من أكبر الكبائر.
رابعاً: حوار، وفاق، وحدة، بناء وليس بهذا الأسلوب تساس الشعوب ولا يتحقق الأمن والإصلاح.
طلّع النفس اللى انت خدته من شوية، وفكر معى: أكيد فيه مشكلة يا جماعة. طيب لماذا لا ترسل «الجماعة» رسالة لـ«الجماعة» وللرئاسة المصرية بشأن نفس هذه القضايا؟
أتفهم أن المعارضة المصرية، وليس كلها جبهة الإنقاذ الوطنى، مبعثرة وبعض مطالبها غير منطقية، ولكن حين يقف الإخوان ومن يوالونهم تقريباً وحدهم، ويقف فى معارضتهم الكثيرون نتيجة لسياسات خطأ ووعود لم تنفذ وضعف فى عملية ترشيد القرار السياسى وتواضع فى التسويق السياسى إذن النصيحة التى توجه إلى الرئاسة المصرية أولى من تلك التى توجه للقيادة العراقية.
أعلم أن ما يواجهه العراق يختلف عمّا تواجهه مصر. وهى قضية ذكرتها فى كتاب لى عن المسلمين والديمقراطية أوضحت فيه أن الدولتين العربيتين اللتين يمكن لهما أن تشهدا تحولاً ديمقراطياً لا يترتب عليه تهديد لوحدة الدولة وسيادتها هما مصر وتونس. أما بقية الدول العربية، فالسبيل الأمثل لتحقيق التحول للديمقراطية فيها هو فقط من خلال الإصلاح الداخلى عبر خطوات إجرائية تدريجية تتخذها السلطة الحاكمة. ولكن هذا أيضاً لا يعنى السكوت عن المظالم وانتهاكات حقوق الإنسان فى الدول العربية المختلفة.
الحقيقة أن المسألة فعلاً معقدة، وأن نوعية القيادات التى تتولى السلطة فى مراحل ما بعد التحول الديمقراطى تكون هى المتغير الأهم فى تحديد مسار هذه العملية. هناك دول كانت محظوظة بقياداتها، سواء فى الحكم أو المعارضة، وهناك دول شهدت نخباً سياسية تعانى مراهقة سياسية متأخرة ومصابة باضطرابات النرجسية التقليدية التى كان يتحدث عنها «فرويد»، والتى تجعل كل سياسى يظن أنه محور الكون، وينسى أن وراءه ملايين بحاجة لترى إنجازاته وليس عناده.
كتبت آنذاك فى نفس المقال أيضاً أننى أرجو من جماعة الإخوان المسلمين فى مصر أن تطلب من الرئيس المصرى مثلما طلبت من القيادات العراقية. الرئيس المصرى أخطأ كثيراً فى إشاراته لمن اعتبرهم متآمرين عليه، وكان الأولى به أن يترفع عن ذلك.
انتهى ما كتبته فى 28 أبريل 2014.
والآن أقول: إن «المالكى» يفعل فى العراق ما فعله «مرسى» فى مصر. نفس الغطرسة، وغالباً نفس النتيجة. ولكن فى العراق لن يكون هناك جيش وطنى متماسك يمكن له أن ينقذ البلاد من بلادة النخبة، ومن لا يعرفون أن الديمقراطية تعنى ديمقراطية الوصول إلى السلطة وديمقراطية ممارسة السلطة ثم ديمقراطية الخروج منها.
يا رب لا تجعل نهاية بلداننا على يد من لا يخافك فينا ولا يرحمنا. آمين.

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاجل إلى العراقيين «المالكى» يسير على خطى «مرسى» عاجل إلى العراقيين «المالكى» يسير على خطى «مرسى»



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab