كيف يخرج التقدم من رحم التخلف

كيف يخرج التقدم من رحم التخلف؟

كيف يخرج التقدم من رحم التخلف؟

 العرب اليوم -

كيف يخرج التقدم من رحم التخلف

معتز بالله عبد الفتاح

كتب أستاذى الجليل الدكتور أحمد يوسف أحمد مقالاً هاماً يوم السبت يضع فيه يده على الجرح: جرح الإهمال الأفدح من الإرهاب. وينقلنا إلى سؤال طرحته من قبل عن أى «مصر» نريد: مصر «التقدم» التى تحفر قناة السويس وتعبد طرقاً على أفضل ما تكون الطرق، أم مصر التخلف التى يموت فيها الناس وكأنهم بلا قيمة أو وزن؟

كتب أستاذى:

فى عشرة أيام فقط دفع عشرات المصريين أرواحهم ثمناً لإهمال جسيم ينخر سوسه فى عظامنا: أكثر من أربعين ضحية فى الوراق وأربعة أطفال فى بنى سويف، وستة وعشرين عاملاً فى العبور. يستطيع الإهمال أن يخرج لسانه على أقصى امتداده للإرهاب، ففى الأيام ذاتها لم يتمكن إلا من النيل من خمسة شهداء: أربعة فى رفح وواحد فى الهرم، أى أن ضحايا الإهمال يبلغون أربعة عشر مثلاً لضحايا الإرهاب، وهو ما يكفى لكيلا يغمض لنا جفن حتى نجتث الاثنين معاً، وعلينا أن نتدبر الدلالة جيداً، فصحيح أن الإرهاب خطر على وجود الدولة المصرية ذاته، لكنه معروف لدينا ورجاله قلة من المضللين أو المرتزقة ومؤسساتنا المعنية وعلى رأسها قواتنا المسلحة وقوات الأمن تتصدى له بجسارة وكفاءة، أما الإهمال فرجاله ليسوا قلة وإنما هم متغلغلون بيننا نجدهم بين صفوف كبار المسئولين ومتوسطيهم وصغارهم، والأدهى أننا نجدهم أيضاً داخل نسبة يعتد بها من المواطنين الذين يرون مظاهر الإهمال ويسكتون فإن تكلموا لا يتابعون بل ويمارسون الإهمال بدورهم، ولذلك فإن جيش الإهمال جرار إذا قورن بجيش الإرهاب. المخيف أننا عندما نمعن النظر فى الإهمال نصاب بالرعب إذ نكتشف منظومة متكاملة له تبدأ بغياب القانون مروراً بغياب الرقابة وانتهاءً بغياب العقاب، فمركب الوراق تتراوح الأقوال بشأنه بين أنه لم يكن مرخصاً أو أنه كان كذلك لكن ترخيصه مزور وبغض النظر عن ذلك، فالمؤكد أن حمولته زائدة زيادة فادحة والسائق لا يحمل رخصة فضلاً عما تحدث به الناجون من أنه كان يشارك فى الرقص مع الركاب ويترك المركب دون توجيه ولا يسمع كلاكسات الصندل التحذيرية، ثم يحاول أن يسبقه بإمكانات مركبه المتواضعة فيفشل وتقع الكارثة، والصندل بدوره غير مرخص له إلا بمقطورة واحدة (لم يتطوع أحد لإخبارنا كم مقطورة كان يسحبها). القانون إذن غائب ناهيك عن سلوك الإهمال المتأصل فى الجميع من سائق فهلوى يرقص ويسابق الصنادل إلى مواطنين يقبلون التكدس الذى يعرض حياتهم للخطر ويسكتون عن تصرفات رعناء أودت بحياتهم، والمؤسف أن الرقابة كانت موجودة لأن شرطة المسطحات المائية تغلق المراسى النهرية غير المرخصة وتمنع المراكب غير المرخصة والسائقين غير المرخصين، لكن الأجهزة المحلية تسمح بالعودة للعمل دون توقيع عقوبة، وهنا يتكاتف الفساد مع الإهمال فى التنكيل بنا. الأمر لا يختلف على الإطلاق فى حادثة قتل أطفالنا بمحلول لمعالجة الجفاف مخالف للمواصفات ينتجه مصنع للأدوية برخصة منتهية مخالفاً لشروطها، لكنه يصل إلى صيدليات المستشفيات، والتناقض مروع بين أن يقول وكيل وزارة الصحة بالمحافظة إن العقار غير مسئول عن وفاة الأطفال دون أن يجشم نفسه مشقة التحوط وبين قرار وزير الصحة بإغلاق المصنع الذى ينتج العقار المخالف ويجد البعض فى أنفسهم الجرأة على القول بأن هذا قد يحدث هزة فى صناعة الأدوية ويضر بسمعتها خارج مصر، والصيدلية المتهمة (بماذا لست أدرى فهى توزع دواء يفترض أنه مر بكافة الإجراءات الرقابية) تشير إلى علامات إهمال جسيم. وفى مدينة العبور (يا لها من مفارقة) يعمل المصنع بترخيص منتهى الصلاحية، ويفتقد أبسط معايير السلامة المهنية ومنها على سبيل المثال لا الحصر عدم وجود منافذ كافية للنجاة وهو الأمر الذى يفسر الخسارة العالية فى الأرواح وعدم وجود نظام كفء لإطفاء الحرائق، خاصة أن المصنع يستخدم بكثافة مواد كيماوية وقوات الحماية المدنية تكافح النيران الناجمة عن مواد كيماوية بالمياه. أختم وأقول: القرار فردى وشخصى قبل أن يكون حكومياً ورسمياً: هل نحن جزء من طاقة القوة التى تدفع مصر إلى الأمام؟ أم نحن جزء من طاقة المقاومة التى تشد مصر إلى الخلف؟

arabstoday

GMT 18:16 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

‎لحظة الفطام من المعونة الأمريكية

GMT 18:14 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

أحلام أجيال الأهلى مشروعات عملاقة

GMT 08:57 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

شكسبير وعيد الحب

GMT 08:53 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

“شركة لتطوير المحافظات”.. والمدينة الجديدة!

GMT 06:33 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

شو الأخبار

GMT 06:32 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

فَكُنْ أَنْتَ الَّذِي يَتَأَخَّرُ

GMT 06:30 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

ترمب... حاطبُ ليل أم الريح تحطّب له؟

GMT 06:29 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

ذئب ميونيخ... وتعدد الأسباب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف يخرج التقدم من رحم التخلف كيف يخرج التقدم من رحم التخلف



GMT 11:23 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

عن قمة باريس للذكاء الاصطناعي

GMT 02:39 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

سماع دوي أصوات انفجارات في العاصمة كييف

GMT 17:11 2025 الجمعة ,14 شباط / فبراير

وفاة الممثل والكاتب السورى هانى السعدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab