التاريخ حين يُكيَّل بالبتنجان

التاريخ حين يُكيَّل بالبتنجان

التاريخ حين يُكيَّل بالبتنجان

 العرب اليوم -

التاريخ حين يُكيَّل بالبتنجان

بقلم - أسامة غريب

إذا جاءت جماعة دعوية أو تبشيرية إلى بلدك لنشر دينها بين الناس، فماذا تسمى نشاطها هذا؟. هل ستعتبره محاولة كريمة لنشر دين الله، أم ستراه نشاطًا مشبوهًا يهدف إلى فتن الناس عن دينها؟. سؤال آخر: إذا كانت جماعتك أنت أو أصدقاؤك هم الذين توجهوا للخارج لنشر دينك وسط قوم لهم دين آخر، فماذا ستعتبر نشاطهم هذا، وأى اسم ستطلقه عليهم.. هل سيكونون أصحاب نشاط مشبوه يهدف إلى فتن الناس عن دينهم أم ستراهم مجاهدين يسعون بالخير بين الناس؟. الإجابة عن هذه الأسئلة ستوضح بجلاء أنك تعتبر نفسك محور كل شىء، فما يوافق مصالحك وأهدافك هو الخير، وما يوافق مصالح الآخرين هو نشاط هدام مشبوه!.

ليس جديدًا الحديث عن «الفتح» العربى لبلاد فارس وشمال إفريقيا والأندلس، فى مقابل الحديث عن «الاحتلال» الإسبانى والبرتغالى والبريطانى لبلاد كذا وكذا، لكن الجديد الذى يجب إثارته هو أن نلقى الضوء على المعارك المتصلة التى دارت بين شمال إفريقيا بقيادة حنا بعل أو هانيبال، القائد القرطاجى التونسى العظيم الذى خاض معارك فى القرنين الثالث والثانى قبل الميلاد ضد روما وكذلك ضد مملكة مقدونيا وسرقوسة والإمبراطورية السلوقية، حيث احتل بجيوشه ما نسميه اليوم إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال، وكان اسمه كفيلًا بإثارة الفزع فى أوروبا، ومازالت تكتيكاته الحربية موضع مناقشة فى المعاهد العسكرية للآن. لم تكن أيام القائد القرطاجى كلها انتصارات، فقد اضطر إلى مغادرة روما والعودة إلى مواجهة الغزو الرومانى لشمال إفريقيا، والذى وقع أثناء انشغاله بالحرب والغزو فى أوروبا.

للأسف، لا يدرسون للطلبة فى بلادنا شيئًا عن هذا القائد، ولا يدرسون تاريخ مصر قبل دخول العرب إليها، معتبرين أن التاريخ بدأ مع جيوش الأمويين التى اندفعت إلى شمال إفريقيا ومنها إلى الأندلس. إنّ مشكلة التجاهل التام لتاريخ المنطقة والحروب المستمرة على مدى قرون بين شمال البحر المتوسط وجنوبه، والتى تضمنت غزوًا متبادلًا وانتصارًا هنا وآخر هناك.. هذا التجاهل الذى يرى أصحابه أن الدنيا بدأت بدخول الإسلام لشمال إفريقيا يعطى حجة دامغة لاعتبار فتح الأندلس عدوانًا سافرًا على أناس آمنين كانوا يجلسون بديارهم فى سلام حين انْقَضَّ عليهم الغزاة العرب، فقتلوا الرجال وسبوا النساء وهدموا الممالك وبنوا على أنقاضها ممالك جديدة تعزز حكمهم على أرض الغير. فى حين أن تدريس التاريخ الحقيقى من شأنه أن يوضح أن غزونا لبلاد الإسبان والبرتغال أو فتحها لم يكن إلا واحدة من جولات الصراع المفتوح الذى لم يتوقف خلال قرون طويلة، وبالتالى فإن ما فعله العرب والأمازيج هو رد لما كانوا يتعرضون له على يد الإمبراطورية الرومانية طوال الوقت من غزو لبلادهم كلما مالت موازين القوى لصالح روما. هذه دعوة منصفة إلى دراسة التاريخ بصورة غير انتقائية، خصوصًا من جانب الإسلاميين، الذين يُفزعهم أن ينظر الناس بفخر لأى مرحلة سبقت الفتح العربى أو لأى قائد من الأمازيج أو البربر، وكأن البطولة هى اختراع عربى خالص!.

arabstoday

GMT 23:43 2024 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

«أكثر الجيوش أخلاقية»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ حين يُكيَّل بالبتنجان التاريخ حين يُكيَّل بالبتنجان



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab