العراق والاستباحة النموذجية

العراق والاستباحة النموذجية

العراق والاستباحة النموذجية

 العرب اليوم -

العراق والاستباحة النموذجية

بقلم - أسامة غريب

العيش بسلام بين المكونات المختلفة فى الدولة الواحدة هو أمر ممكن، ونستطيع أن نلحظه فى بلد مثل سويسرا تتحدث أقاليمه ثلاث لغات، أو فى بلد مثل ماليزيا يعيش به الملايو المسلمون إلى جانب الصينيين الذين يعتنقون البوذية والهنود الهندوسيون. هو أمر ممكن إذًا لكنه يحتاج إلى شروط أهمها الاستقرار الداخلى ومظلة الديمقراطية الجامعة التى تحتوى المواطنين وتدعم المساواة بين الجميع فيقل الاحتقان وتهدأ النفوس. أما فى العراق فإن الأمر مختلف.

فقد كانت السكينة المفروضة على مكونات المجتمع من شيعة وسنة وأكراد مردها القمع الرهيب والقبضة الحديدية لدولة صدام حسين، وعندما انفرطت هذه الدولة ساحت المكونات ولم يفلح الاحتلال الأمريكى فى بناء دولة مؤسسات وإنما اكتفى بكشف الضغائن وتأجيجها للاستفادة منها، فرأينا الجماعات الشيعية تبدى من الولاء لإيران أكثر مما تبديه للدولة العراقية.

ورأينا الجماعات الكردية تسعى للاستقلال بل وتعلنه بالفعل قبل أن تتراجع عنه إلى حين استكمال مقوماته وليس اقتناعًا بالصيغة الفدرالية تحت مظلة بغداد، أما المسلمون السنة فتتقاذفهم الولاءات ما بين بعثيين يحنون لأيام المهيب الركن، وبين من يسعون لتقارب أكثر لدول توازن التغول الإيرانى على القرار العراقى.

ولقد ظهر التفسخ فى أوضح صوره خلال الشهرين الأخيرين بعدما احتدم العدوان الصارخ للإسرائيليين مدعومًا بقدرات حلف الناتو ضد شعب فلسطين. من دلالات هذا التفسخ الضربات الصاروخية التى تنطلق من الأراضى العراقية ضد أهداف إسرائيلية، ومثلها ضد القواعد الأمريكية المنتشرة فى سوريا والعراق، ولست هنا فى معرض إدانة هذه الضربات أو تأييدها وإنما لتوضيح أنها تتم رغم أنف الدولة العراقية.

وبطبيعة الحال فإن الأمريكان يردون بضربات مضادة تنتهك السيادة العراقية وتزيد من حرج حكومة بغداد. هناك أيضًا القصف التركى الذى يشمل الأراضى العراقية بغرض تأديب حزب العمال الذى يعمل من أراضى إقليم كردستان، وهذا القصف لم ينقطع منذ سنوات وبالتحديد منذ اتخذ الأمريكان قواعد لهم بالمنطقة تدعم الأكراد ليكونوا شوكة فى جنب تركيا وسوريا والعراق.. وبرغم الإدانة الدبلوماسية العراقية لهذه الاعتداءات التركية فإن الأتراك لا يبالون لأن حكومة بغداد عاجزة عن لجم التنظيمات التى تعمل بعيدًا عن سلطة الدولة.

أما أوضح مظاهر هذا الضعف للسلطة العراقية فقد أتى من هجمات شنها الحرس الثورى الإيرانى ضد أهداف فى مدينة أربيل قيل إنها مقرات للموساد، وقد أدى الضغط الشديد على حكومة بغداد إلى التنديد بالهجوم الإيرانى وتقديم شكوى للأمم المتحدة ضد هذا العدوان.

يتضح من هذه الصورة أن كل القوى المتصارعة فى المنطقة تتخذ من أراضى العراق ساحة حرب تصفى فيها حساباتها، دون أن تملك الصيغة الفدرالية التى تحكم العراق القدرة على لجم أى طرف يضرب أعداءه من الأرض العراقية، أو التصدى لأى طرف يقصف أعداءه داخل الأرض العراقية، وهذه الاستباحة لن تتوقف إلا إذا اقتنعت مكونات الدولة بحاجتها إلى دولة ديمقراطية جامعة، لأن الحالة الراهنة تؤكد أن كل فصيل يريد الدولة العراقية الكبيرة ليسيطر عليها ويخضعها لسلطته.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق والاستباحة النموذجية العراق والاستباحة النموذجية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab