بقلم - أسامة غريب
فى الأسبوع الماضى، نشرت وسائل الإعلام العالمية خبر مقتل زعيم تنظيم داعش «أبوالحسين القرشى» خلال غارة أمريكية، وأنه تم اختيار «أبوحفص الهاشمى» خليفة له.
وبتاريخ 9 يوليو الماضى، نشر الإعلام الأمريكى خبر مقتل القيادى بداعش، أبوأسامة المهاجر، فى شرق سوريا. وبتاريخ 4 إبريل الماضى، قرأنا خبرًا عن مقتل خالد الجبورى، القيادى الداعشى المسؤول عن تخطيط الهجمات فى أوروبا. ولا يختلف ذلك عما نشرته الصحف فى أكتوبر 2019 عن مقتل «أبوبكر البغدادى»، أول زعيم لتنظيم الدولة الإسلامية، فى قصف أمريكى للشمال السورى. مثل هذه الأخبار المتكررة لم تعد تثير عندى سوى ابتسامة ساخرة ترفض أن تصدق أى شىء مما أُريدَ لنا أن نصدقه. أنا شخصيًّا لا أعتقد بوجود شخص اسمه «أبوبكر البغدادى» من الأساس ولا «أبوحفص الهاشمى».
ومن المُلاحَظ طبعًا فى فصل الجهاد الحديث أن صفحاته لابد أن تحوى شخصيات لها أسماء مثل «أبومحسن الشركسى» أو «أبوالبراء الكندوزى» أو «أبوسؤسؤ المخروطى».. إلخ هذه السفاهة التى يظنونها اقتداء بالسلف الصالح. وأعتقد أن الأمريكان وجريًا على هذه العادة قد اخترعوا أشخاصًا وهميين سموهم «أبوبكر البغدادى» و«أبوالحسين القرشى» و«أبوأسامة المهاجر»، ونسبوا إليهم كل ما يخطر على البال. الأمريكان سمحوا بإقامة تمثيلية الدولة الإسلامية بأموال عربية ومتطوعين مسلمين تستدعيهم المخابرات الأمريكية فى أى وقت تريد فيه مُناوَءة أحد الخصوم. من الممكن ألّا يكون للخليفة الداعشى وجود حقيقى، ومن الممكن أيضًا أنهم ينتقون أى شخص بائس، ثم يصورونه وحشًا كاسرًا، ويزعمون أمام العالم أنهم يحاربون هذا الرجل الذى يزلزل السلم الدولى!، لكن ما الذى يجعل الأمريكان ينخرطون فى تمثيلية من هذا النوع؟.
السبب فى ظنى يعود إلى أصل الصراع بين إيران وإسرائيل والهدف الإيرانى الاستراتيجى فى تسليك محور برى يمتد من طهران إلى بيروت عبر العراق وسوريا. جبهة النصرة كانت من العوائق التى زرعها الأمريكان لإعاقة المخطط الإيرانى، وكذلك تنظيم الدولة الإسلامية الذى حظى برعاية إسرائيلية، حتى إنه حين أعلن مخططه بتعيين والٍ على مكة، وآخر على مصر، وآخر لشمال إفريقيا، لم يفكر فى تعيين أحد الولاة على القدس!. والحقيقة أن الذى تكفل بدحر هذا التنظيم فى العراق هو الحشد الشعبى، والأصح أن هزيمته كانت رغم أنف الأمريكان ولا أريد أن أقول والجيش العراقى أيضًا!، أما الذى تصدى للتنظيم فى سوريا فكان القوات الكردية التى سلحها الأمريكان لتخويف تركيا ومنع تنظيم داعش من الاستيلاء على آبار النفط السورية.
كل هذه العمليات هى عمليات تليفزيونية يمكن أن تدخل ضمن الدعاية الرئاسية لبايدن جريًا على نهج ترامب الذى زعم متابعته اغتيال «أبوبكر البغدادى» على الهواء!. أما الغرض من إقامة داعش فلم ينتفِ بعد، ولابد أن الأمريكان وحلفاءهم سيطلقون نفير الجهاد قريبًا لتجميع تنظيم جديد من الراغبين فى دخول الجنة عبر الجهاد ضد المسلمين!.