ملح الأرض

ملح الأرض

ملح الأرض

 العرب اليوم -

ملح الأرض

بقلم - أسامة غريب

صعد الشاب إلى الأتوبيس وهو ممسك بكتابين فى يده، وكانت هيئته تشِى بأنه طالب جامعى. تقدم داخل الأتوبيس خائضًا فى كتل بشرية من كل الأعمار.. طلبة وموظفين وستات بيوت وباعة جائلين. علا صوت الكمسارى المحشور وسط الجمهور قرب الباب بالنداء التاريخى: العربية فاضية فى النُص يا جدعان.. ابعدوا عن السلم وادخلوا جوّة. ارتد صوت مضاد من الداخل مؤنبًا الكمسارى المتفائل: أين هى العربية الفاضية يا عم المجنون؟.. دى دماغك اللى فاضية!. استشاط الكمسارى غضبًا من صاحب الصوت، وصرخ، بينما يشق طريقه لملاقاته: أظهِر نفسك يا.. حتى أُريك ماذا سيفعل بك صاحب الدماغ الفاضية.

صمت صاحب الصوت ولم ينطق عندما بدا له أن الرجل غاضب فعلًا وخارج عن السيطرة. لكن الذى نطق كان هو الشاب الجامعى، فى محاولة منه لمنع خناقة داخل الأتوبيس قد تستدعى تدخّل الشرطة وضياع اليوم: صلوا على النبى يا جماعة، لا شىء يستحق أن نتخانق عليه.. قال هذا للرجل الذى استفز الكمسارى، والذى كان يقف على مقربة منه، قبل أن يعتدل ليهدئ من ثائرة الآخر القادم بقوة من الجهة الأخرى، لكنه لم يكد يلتفت حتى فوجئ بالكمسارى ينطحه برأسه فى وجهه ظانًّا أنه هو الذى سخر منه!. كانت النطحة قوية، حتى إنها دوّخت الطالب.

وأسالت الدم من أنفه، بينما عاد الكمسارى يشق طريقه نحو كرسيه فى مؤخرة الأتوبيس وهو يلهث متوهمًا أنه ثأر لنفسه. أفاق الطالب ليجد نفسه مضروبًا، فثارت نفسه، وعلا صوته بالشتم للكمسارى الحانق، الذى أخطأ ثأره، وأنزل غضبه على برىء كان يحاول أن يلعب دور حمامة السلام. كان باديًا أن العفاريت تتراقص أمامه، وهو يسعى للوصول إلى المحصّل حتى يحطم رأسه، لكن الركاب أمسكوا به ليمنعوا تفاقم الوضع. جرى صراع بينه وبين الناس، فأجهدوه، وحالوا بينه وبين الرجل. عندما شعر باليأس من المحاولة ألقى بكتابيه على الأرض، وصار يلطم وجهه بكلتا يديه، صارخًا: ولماذا لم تستخدموا قوتكم هذه لتمنعوه من أن يضربنى؟، لماذا تركتموه يفاجئنى وينطحنى برأس الثور يا ولاد ال..؟.

فى هذه الأثناء تسلل الرجل الذى تسبب فى هذا كله، واقترب من الباب، ثم غادر الأتوبيس وذاب فى الشارع. أخذ فريق من الركاب يُطيِّب خاطر الشاب الكسير، وأخرج بعضهم منديله يمسح الدم من وجهه، بينما توجه فريق آخر إلى الكمسارى، الذى أدرك فداحة ما فعل، بعد أن عرف الحقيقة، فأمسك رأسه بين يديه، وبدا أنه يجاهد صراعًا داخليًّا عنيفًا: الدنيا لا تكف عن ضربى كل يوم، وعندما أفكر فى رد الضربة لا أجد سوى شاب برىء أوجه نحوه غضبى.. ليه يا ربى؟.

بعد ذلك فوجئ الركاب به يخلع فردة من حذائه، ويتوجه مطأطئ الرأس نحو الشاب: سامحنى يا ابنى.. خذ اضربنى بالجزمة، ولن أزعل. رد الشاب متأثرًا: حصل خير. قال هذا، ثم انسحب إلى الخلف نحو الباب، وقفز من الأتوبيس، وعلى أقرب عمود بالشارع أسند رأسه، وانخرط فى بكاء مرير.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملح الأرض ملح الأرض



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab