وزن الدموع

وزن الدموع

وزن الدموع

 العرب اليوم -

وزن الدموع

بقلم - أسامة غريب

يقول شاعر داغستان الكبير رسول حمزاتوف: «أريد أن أهرب من هذا العالم المادى الذى صار فيه كل شىء يُحصى ويوزن حتى الدموع». فهل يمكن حقا أن نزن الدموع أم أنها مثل الروح لا توزن؟.

لقد ارتبطت الدموع على الدوام بالحزن رغم أنها تشارك فى التعبير عن الفرح أيضا، وقد تصاحب الإنسان فى كل انفعالاته وتنوب عنه فى التعبير عما لا يستطيع أن يبوح به، كما أنها تتدفق حين تنسد آفاق روحه ويعجز عن التنفس فتخرج مفسحة الطريق للهواء والضوء. وفى الحقيقة لا يوجد حب لا تكلله الدموع، والحب الذى لا يثير البكاء لا يعول عليه ولا يرجى منه أمل. ودموع المرأة ليست دائما كدموع التماسيح مثلما درج الرجال على القول لكنها تختزل تاريخا طويلا من الإساءة والإهانة والتهميش، كما أنها سلاح الضعفاء فى وجه الغشم والأقوياء الذين لا يحسنون الظن بالدموع فيفرطون فى قهر أصحابها. ومع ذلك فإن دموع الرجل المقهور مؤثرة أكثر من دموع المرأة لأن الرجل يخجل من دموعه، بينما لا تخجل المرأة إن رآها أحد تبكى.

والدموع فى أحد تفسيراتها هى مشاعر طاغية لا يمكن احتمالها قد تتولد لدى رؤية جنازة عابرة أو مشاهدة فيلم سينمائى أو قراءة رواية عاطفية، وقد تلقيت شخصيا تعليقات كثيرة من قراء أخبرونى أنهم لم يستطيعوا حبس دموعهم عندما قرأوا عبارة تقول: «أنا لا أشعر بالوحدة، لكنى أشعر بما هو أقسى وأمرّ.. أشعر بالوحشة. الوحدة يكفى لها العثور على رفيق، أما الوحشة فتحتاج لتغيير العالم». هذه العبارة الواردة فى رواية «عازفة الكمان» أثارت لواعج الشوق والشجن عند كثيرين فأحس كل منهم أن العبارة تمثله وتحكى عنه وتشرح حاله.

والإنسان الشرقى معروف أن استجابته لدواعى الحزن أقوى كثيرا من استجابته لدواعى الفرح، وقد يمكن القول إن الفرح يخيفه إذا رآه مقبلا بأكثر مما يخيفه الحزن القادم، ذلك أنه تعود على الحزن وصار يغسل النفس بالدموع المُرة، أما الفرح فإنه غير مألوف ولهذا يثير المخاوف ويبعث على التساؤلات عما قد يتلوه، حتى ولو كان الذى يتلوه هو الحزن المألوف!. وقد تكون الدموع فى بعض الأحيان نوعا من المناشدة لمن ضاق به الحال وأعجزه الاكتئاب عن الإفصاح والتعبير بالكلمة.. قد تعنى الدموع: أنا عاجز عن الاحتمال وقد أتخلص من الحياة إذا لم تمدوا لى يد العون. وكما أن الدموع تعبر عن الشعور بالألم فإنها أحيانا تكون تعبيرا عن التوبة والشعور بالندم، وقد غنت أم كلثوم من أشعار طاهر أبوفاشا: تائبٌ تجرى دموعى ندما.. يا لقلبى من دموع الندمِ.. ليتنى ذبت حياءً كلما.. جدد العفو عطاء المنعمِ.

هذا ويمكن للبكاء أن يخفف الضغط عن الدماغ المثقل بالأفكار ويحوله إلى العين التى تفرز الدموع فتغسل الروح وتغلق الباب فى وجه المرض النفسى الذى يتربص بالإنسان فى كل ركن.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وزن الدموع وزن الدموع



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:14 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

غزة... الريفييرا و«الدحديرة»!

GMT 08:31 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

سيكون على إيران القبول بحكومة نوّاف سلام!

GMT 16:16 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

60 شاحنة إغاثية سعودية تنطلق إلى سوريا

GMT 15:13 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

حصيلة شهداء الحرب على غزة تتجاوز 48 ألفا

GMT 08:46 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

غزة بين خروج «حماس» أو ترحيل سكانها

GMT 13:20 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

أول تعليق من أصالة نصري بعد حذف أغنيتها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab