عبيد باليونيفورم

عبيد باليونيفورم

عبيد باليونيفورم

 العرب اليوم -

عبيد باليونيفورم

بقلم:أسامة غريب

فى السنوات التى قضيتها بالكويت اعتدت أن أحلق شعرى عند حلاق لبنانى شاب دكانه ملاصق لبيتى. لفت انتباهى منذ أول مرة دخلت فيها هذا المحل أن الفتى الحلاق بهى الطلعة نظيف الثياب طيب الرائحة، على العكس من آخرين جربتهم ولم أرتح إليهم. وبالدردشة معه عرفت أنه متعلم حتى الثانوية، ومع ذلك فهذا التعليم المتوسط جعله يتحدث الفرنسية والإنجليزية بشكل جيد. أثار الفتى دهشتى التى أخفيتها عندما أخبرنى عن إجازته فى الصيف الماضى التى قضاها فى جبال الألب بالنمسا، كما حدثنى عن رحلته القادمة التى أعد لها لتكون فى إنجلترا. وقد أكد لى ألبوم الصور الذى أرانى إياه أنه لا يفشر ولا يؤلف حواديت عن رحلات مزعومة. ما جعلنى أستغرب هو أن هذا الشاب متغرب فى الكويت ولا يعيش ببلده، والمتغربون كما هو معروف يسعون لجمع المال سنة بعد سنة على أمل أن يحققوا الأحلام بالوطن ذات يوم، لهذا فإنهم لا ينفقون الفلوس على الرحلات والملابس والعطور كما يفعل صاحبنا هذا..

ولو قارنا بين هذا الحلاق وبين غيره من جنسية أخرى الموجودين بنفس الشارع لتبين الفرق الشاسع بينه وبينهم، وقد دفعنى للذهاب إليه والإعراض عنهم أن بعض هؤلاء لا يستحم، وبعضهم رغاى وجاهل، وبعضهم متجهم وقليل الذوق!. هذا الفتى يمثل الشعب اللبنانى بشكل كبير، فهم يعيشون الحياة ولا يؤجلونها مثلما تفعل بقية الجاليات التى تعمل بالخليج. وينقلنى هذا إلى موضوع آخر مشابه يتعلق بالبلدان التى أصبحتُ أكرر زيارتها كلما أردت أن أسافر للنزهة والترويح عن النفس. إنها البلدان التى يستطيع فيها الجرسون أو النادل فى القهوة أو المطعم عمل رحلة لنفسه أو بصحبة فتاته فى إجازته السنوية، أى أنه يستطيع أن يكون نزيلا فى فندق وزبونا على الشاطئ وعضوا فى الفوج السياحى وليس فقط خادما للنزلاء السعداء من خلال وظيفته. لم أعد أستطيع الاستمتاع فى بلد يتأنق فيه الجرسون ويلبس البابيون الأسود أمام الزبائن ثم يعود آخر اليوم منهكا محطما إلى عشة صفيح يسكنها مع كوم من الأهل والأقارب.. وهذا هو حال العمالة التى نصادفها فى الفنادق والمطاعم والتاكسيات والمحلات فى البلاد الفقيرة البائسة. هؤلاء يرتدون اليونيفورم ويبدو منظرهم من بعيد مقبولا، لكن إذا اقترب الواحد منهم تكتشف أنه لا يستحم ولا يغسل أسنانه، وهذا يجعلك تشك فى نظافة السرير والدولاب وطبق الطعام وأدوات المائدة رغم لمعانها الظاهرى!. حالة الفقر ومحاولة مداراته الشكلية بالفرمانات التى يفرضها المديرون لا تجعلك مرتاحا لحالة النظافة ولا مطمئنا لأمنك وسلامتك الشخصية وسط هؤلاء. هذه بلاد لا تستحق الزيارة حتى لو كانت تقدم بورتريهات حياتية فولكلورية تسعد بعض الأجانب فيقومون بتصويرها للذكرى. البلاد التى تسعد النفس هى تلك التى يقوم البواب والسائق والحلاق والترزى فيها بزيارة مكاتب السياحة للبحث عن رحلات خارجية ممتعة ورخيصة باعتبارهم بنى آدمين وليسوا عبيدا يرتدون (يونيفورم)

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبيد باليونيفورم عبيد باليونيفورم



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab