المواطن غير المطمئن

المواطن غير المطمئن

المواطن غير المطمئن

 العرب اليوم -

المواطن غير المطمئن

بقلم:أسامة غريب

عند السوبر ماركت الكبير، لاحظت أن معظم المتعاملين مع قسم البقالة يدسون مبلغًا من المال فى يد العامل الذى يقوم بتقطيع ووزن البسطرمة والجبنة إلخ المنتجات التى تحتاج لوجود العامل، على العكس من باقى الأقسام التى يمكن للمتسوق أن يضع السلع بنفسه فى السلة دون أن يتعامل مع أحد الموظفين. لاحظت أن هذا يحدث على الرغم من اللافتة التى تخرق العين وتنهى عن منح البقشيش!. أثار هذا الأمر استغرابى ودهشتى، إذ إن إدارة السوبر ماركت تفهم هذه الظاهرة وتريد أن تتجنبها وتقدم خدمة محترمة بدون تسول ومد للأيادى، ومع ذلك فإن الجمهور هو الذى لا يتجاوب ويصر على إفساد التجربة، التى كان ينبغى أن تكون نموذجًا نسعى لتعميمه لا تخريبه!.

نفس الأمر رأيته عند محلات الشاورما عندما يدفع الزبون عند الكاشير ثم يتسلم «بون» يقدمه للعامل الذى يصنع السندوتشات.. شىء من المال يتم دسه فى يد الشاورمجى مع ابتسامة بها قدر من الود المصطنع. يمكننى أن أرى هذه المسألة على أنها محاولة لحمل مقدم الخدمة على أن «يتوصّى» بالزبون فيزيد المقدار الذى يخضع لتقديره بالنسبة للسندوتش، أو أن ينتقى نوعًا جيدًا من الجبنة مع استبعاد الأقل جودة ويعطيها لزبائن آخرين. لم يفلح الزمن فى جعلى أرى هذا المنظر نوعًا من الامتنان كما يتصور البعض.. الامتنان هنا غير موجود ولا يمكننى افتراضه، وإنما الموجود هو عدم الثقة وعدم الاطمئنان إلى جودة الخدمة الخالية من الرشوة!.

الناس للأسف فاقدة الثقة فى بعضها البعض ويحاولون شراءها أو التماسها ببذل المال مع ابتسامات خالية من المودة الحقيقية. ويمكن النظر إلى هذه الابتسامات ومحاولة دراستها فى أى مصلحة أو هيئة تقدم خدمة للجمهور. هناك تجد طالب الخدمة يتقدم من الموظف على الشباك فى وجل، ولن أتحدث عن الرشوة أو الإكرامية، وإنما الحديث هنا عن الابتسامة التى يقدمها المسكين الذى يريد أن ينهى معاملته فى هدوء وسلام.. هى ابتسامة خوف وإذعان من شخص يعلم أن هذا الموظف يستطيع أن يخدمه فى دقيقة واحدة ويجعله يظفر بالورقة أو الشهادة أو الختم وينصرف سعيدًا، كما يستطيع أن يجعله يلف «كعب داير» فى أماكن عديدة ثم يعرقل طلبه فى نهاية الأمر!. النتيجتان موجودتان ومطروحتان بقوة، وحدوث واحدة منهما يتوقف على أشياء عديدة، لذلك فإن أول ما يتقدم به المواطن وهو يقترب من الشباك هو ابتسامة لا يعنيها ولا يقصدها، مع دعوات تنطلق من فمه بأن يكرم الله الموظف ويطيل عمره ويرزقه الخير كله ويبارك له فى عياله. والدعوات هنا مصطنعة مثلها مثل الابتسامات، لكن المواطن غير المطمئن ليس لديه غيرها لأنه حتى لو فكر فى دفع إكرامية فإنها لا تُغنيه عن ابتسامات الخنوع حتى تنتهى المهمة على خير. ولا يفرق هنا أن يخرج المواطن وهو يدعو فى سره على الموظف الذى أهانه وأذله حتى من قبل أن يتقدم ويقف أمامه على الشباك، فالموظف يعرف هذا جيدًا، وهو نفسه يقوم بدور الزبون فى أماكن أخرى!.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواطن غير المطمئن المواطن غير المطمئن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab