الكتاب المفقود

الكتاب المفقود

الكتاب المفقود

 العرب اليوم -

الكتاب المفقود

بقلم - أسامة غريب

أذكر بعد أن تعرضت لسرقة اللاب توب، الذى أسجل عليه كل شغلى، أن انتابنى إحساس بالضياع. فى البداية شعرت بصدمة، فذهول، ثم غرقت فى الحزن، وفى النهاية أحسست بالضياع كمَن فقد عزيزًا.

وفى الحقيقة كان الجهاز عزيزًا فعلًا ليس بسبب ثمنه، ولكن لأننى كنت قد فرغت لتوى من كتابة عمل أدبى عبارة عن مجموعة قصصية مكونة من 12 قصة، وقد قضيت عامًا كاملًا فى تأليف ونسج واختلاق الحكايات، وأخذت أُعدل فيها وأُبدل حتى وصلت إلى شكل يُرضينى، فقمت باختيار العنوان الذى سيتصدر الكتاب، واعتزمتُ أن أبعث بالعمل إلى الناشر فى الصباح. لكن عندما أتى الصباح كان الجهاز قد تمت سرقته فى مترو الأنفاق على يد عصابة محترفة تجوب محطات أثينا بحثًا عن صيد بين الركاب الأجانب.

لا شك أن كلمة الانهيار تعبر بشكل صحيح عن حالة مَن يتعرض لهذه التجربة. كان من أسباب الشعور بالحسرة إدراكى أن اللصوص السفلة سيبيعونه بما لا يزيد على عشرين يورو فى سوق البراغيث، التى تمتلئ بالبضائع المسروقة من كل صنف ولون، والتى تُباع هناك جهارًا نهارًا. كنت قد لاحظت أن المترو يمتلئ بالنشالين بأكثر مما يحدث فى باريس وروما.. أينما أدرتَ وجهك طالعتَ نشالًا يلتصق بضحية محتملة من السياح الأجانب، ورغم الحرص الشديد من جانبى فقد وقع المحظور.

بعد ذلك قضيت يومين أحمل لافتة، وأقف بها فى صحن محطة المترو، كتبتها على فرخ ورق أبيض بقلم فلوماستر أسود، قلت فيها بالإنجليزية: على الشخص الذى سرق الكمبيوتر المحمول أن يُعيده، وسأمنحه مائتى يورو، ولم أنسَ أن أضع رقم تليفونى حتى أُطمئن الحرامى. إن أكثر ما أدهشنى وقتها أن بعض الذين مروا بى قد توقفوا وسجلوا نمرة التليفون ثم مضوا من أمامى، وقد توقعت أن السارق من بينهم وأنه سيكلمنى ويقبل العرض، غير أن هذا لم يحدث.

فكرت فى أن أنقذ المجموعة القصصية بإعادة كتابتها من جديد، لكن كل مرة كنت أحاول كانت التجربة تنتهى بالإخفاق، وأدركت أن هذا الأمر غير ممكن، حتى لو كانت أحداث كل قصة ماثلة فى الذهن، ذلك أننى لن أستطيع استعادة الحالة والتفاصيل الدقيقة والمنمنمات والأسلوب ولحظات التكثيف.. صحيح أن المحاولة كانت لتسفر عن عمل مختلف، لكنى فى كل الأحوال لم أكن لأرضى عنه بسبب معرفتى بالأصل الذى أحاول تعويضه!.

مضت بعد هذه الواقعة عدة سنوات قدمت فيها كتبًا جديدة ما بين القصة والرواية والأدب الساخر، وقد تم استقبالها جميعًا بشكل طيب، لكن ظل هناك شعور غير واقعى يلازمنى ولا أستطيع البرء منه بأن العمل الضائع هو أفضل ما كتبت وأنه كان خليقًا بأن يترك بصمة واضحة ونقلة فى دنيا الأدب!.

هذا يشبه تقريبًا إحساس الشخص بأن الحبيبة التى حالت الظروف بينه وبينها ولم يستطع أن يتزوجها هى التى كانت ستسعده وتضىء حياته وتملأ أيامه ولياليه بالبهجة والسرور وراحة البال.. وكل هذا فى الغالب غير حقيقى، ولكن سببه أنها ضاعت!.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكتاب المفقود الكتاب المفقود



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا
 العرب اليوم - عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعليق الرحلات من وإلى مطار دمشق حتى الأول من يناير

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:53 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab