التاريخ وجهات نظر

التاريخ.. وجهات نظر

التاريخ.. وجهات نظر

 العرب اليوم -

التاريخ وجهات نظر

بقلم: أسامة غريب

تعددت الأوصاف التي قدمها الرئيس الأمريكى بايدن في وصف الرئيس الروسى بوتين خلال الأيام القليلة الماضية، فمن قاتل إلى جزار إلى مجرم حرب، وكلها أوصاف دموية رهيبة، ورغم ذلك فإن قارئ التاريخ في المستقبل قد يقرأ سيرة بوتين باعتباره البطل الوطنى الذي أعاد أمجاد روسيا ووضعها على قدم المساواة مع القوة الكونية التي كانت وحيدة آنذاك.. يمكن أن يحدث هذا إذا نظرنا للتاريخ بعيون روسية وقرأناه مترجما عن الروسية. هكذا هو التاريخ، متعدد الرؤى، والأمر يتوقف على الأرضية التي تقف عليها وأنت تنظر، ويتوقف على النافذة التي تطل منها والزاوية التي تتخذها للرؤية.

في أوزبكستان إذا تحدثت عن الغازى المغولى تيمور لنك ستجد أن له مكانة مهيبة في قلوب الناس، وأنهم ينظرون إليه هناك باعتباره بطل الأمة الأوزبكية. وعلى النقيض فإن ذكر اسمه في بلادنا يقترن بكل البشاعة والدموية، حيث تحمل الكتب التي سطرها مؤرخونا الفظائع التي ارتكبها عامى 1399 و1400 عندما غزا حلب فأحرقها بالكامل، ثم اقتحم دمشق وألحق بها الدمار، أو عندما احتل بغداد وقتل مئات الآلاف من سكانها في يوم واحد.

ولا يختلف الأمر كذلك حينما ننظر إلى فرناندو الثالث ملك قشتالة الذي حارب المسلمين في الأندلس بين عامى 1230 و1260 وألحق بهم هزائم فادحة حتى إنه نجح في ثلاثين عاما فقط في الاستيلاء على ثمانين بالمائة من الممالك والمدن التي شكلت إسبانيا المسلمة مثل قرطبة وجيان وإشبيلية ألمرية مرسية، وقد حسم الصراع الذي أدى في النهاية إلى زوال الدولة العربية في الأندلس بسقوط غرناطة في آخر الطابور الذي تهاوى مملكة تلو الأخرى.

ولا شك في أننا عندما نقرأ التاريخ الذي تركه لنا الشاعر والمؤرخ ابن الأبّار عن تلك الفترة لا بد أن نشعر بالحنق والغضب والكراهية للملك الإسبانى الذي اقتحم الأسوار وأحرق الزرع وروّع الآمنين وقتل الأسرى المسلمين، كما نشعر بالأسى لأهلنا الذين واجهوا هذا الوحش الذي ولغ في دمائهم وألحق بهم الخراب. لكن الإسبان عندما ينظرون لنفس الرجل فبكل الحب والفخر والمهابة لدرجة إنزاله منزلة القديسين واعتباره أشبه بالملاك الذي أرسله الرب لنصرتهم فأطلقوا عليه لقب القديس فيرناندو أو فيرناندو سانتو، وملأوا بتماثيله المدن التي غزاها بعد أن توجوه بطلا للأمة الإسبانية. وأتصور أن الأمر ذاته لا بد أن يكون موجودا عند نظرة المعسكر الآخر لأبطال التاريخ العربى الذين نحمل لهم كل إعزاز وتقدير مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وطارق بن زياد.

الأمر إذن يتوقف على صالحك الشخصى وعلى المعسكر الذي تقف فيه لتحكم على الأشخاص والوقائع من منظورك الخاص. وعليه فإن تاريخ العالم الذي بين أيدينا لا يتضمن حقائق قدر ما يتضمن رؤى ووجهات نظر، أما كتاب التاريخ المحايد فإنه لن يوجد إلا إذا كتبه مؤرخ من كوكب آخر!.

 

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ وجهات نظر التاريخ وجهات نظر



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab