السلام النفسى الضائع

السلام النفسى الضائع

السلام النفسى الضائع

 العرب اليوم -

السلام النفسى الضائع

بقلم:أسامة غريب

قبل عامين من الآن، زارنى أصدقاء من بلد عربى شقيق، وكانوا عبارة عن زوج وزوجة وثلاثة أطفال. أردت أن أكون دليلهم فى مصر وأحببت أن أبهرهم، فأخذتهم إلى منطقة سيدنا الحسين حيث الجو التراثى العريق وأزقة خان الخليلى وأجواء نجيب محفوظ الرائعة، لكن للأسف يبدو أن سفرى المتكرر وغيابى عن البلد جعلنى لا ألحظ أن هذه المنطقة التى قضيت فى مقاهيها أجمل الأوقات قد سقطت فى قبضة الشبيحة والمتسولين والأنطاع، حيث الرزالة والتناحة ورمى الجتت ومحاولات النصب على الزبائن هى قانون المنطقة الجديد.

أخذت ضيوفى وهربت، عازمًا ألا أعود إلى هذه الغابة أبدًا. فى اليوم التالى أخذتهم إلى مكان عزيز على نفسى هو حديقة حيوان الجيزة، لكن يالهول ما رأيت!. لقد أورثتنى هذه الزيارة ألف حسرة على الحديقة التى كنت أرتادها كل يوم أثناء دراستى بجامعة القاهرة، بعد أن امتلأت بالأكشاش التى تذيع أغانى بذيئة من خلال ميكروفونات هائلة، فضلاً عن مئات النساء القادمات من قرى الجيزة ويعملن بقراءة الطالع والبخت، أما الحيوانات فلم تعد موجودة، والمتبقى منها يعمل بلقمته.. نعم، يعمل بلقمته، فالحارس لم يعد يقدم الطعام إلا للحيوان الذى يتفاعل مع الزوار ويقبل أن يتحمل رزالتهم واقترابهم منه ومناوشته بالتواطؤ مع الحارس. بحثت عن جزيرة الشاى فلم أجد أحدًا يعرف مكانًا بهذا الاسم!.

طبعاً لم أشأ أن أذهب بهم إلى الإسكندرية وزيارة حديقة الحيوان بها بعد أن أصبحت عبارة عن أطلال لا يقبل بارتيادها إلا الفقراء المعدمون الذين لا يملكون أى خيارات أو بدائل فى الحياة. بعد الهروب من حديقة حيوان الجيزة أخذت الضيوف وتوجهت بهم إلى مدينة نصر؛ حيث الحديقة الدولية التى كانت جميلة ذات يوم، لكن للأسف لقد أصابها ما أصاب غيرها من فوضى وعشوائية وصخب وضجيج وذوق فقير. بعد ذلك أخذت ضيوفى إلى وسط البلد فى شارع الألفى حيث الشارع المبلط المخصص للمشاة فقط، وهناك وجدتهم قد رفعوا الدكك والمقاعد التى كان الطلبة والشباب يجلسون عليها وأفسحوا المجال للمقاهى التى نثرت كراسيها على الرصيف وفى الشارع، كما نثرت العاملين يجذبون الناس من ملابسهم للجلوس بالعافية!.

أما اليوم الثالث الذى اصطحبتهم فيه إلى الأهرامات فلا أريد أن أتذكره أو أتحدث عنه؛ لأننى كنت فى شدة الخجل مما واجهته من كل من صادفتهم وتحدثت إليهم وتعاملت معهم.. شىء يدفع للبكاء والحسرة.

بعد التجارب المخجلة فى الأماكن التى كانت فى مخيلتى جميلة من زمان أصبحت آخذ ضيوفى كل يوم إلى مول مختلف من المولات الموجودة فى القاهرة وضواحيها. أصبح المول هو المكان الوحيد الذى لن تصادف فيه حواة وحرامية وبلطجية.. صحيح أسعار كل شىء به رهيبة، لكن السلام النفسى له ثمن. أما الفقراء الذين لا يستطيعون دخول المول فلهم رب اسمه الكريم.

arabstoday

GMT 11:43 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

تلك هي الحكاية

GMT 11:41 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

تشييع «حزب الله»

GMT 11:39 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

لبنان... على ضفاف نهر الاغتيالات

GMT 11:33 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

«هدنة 1949» لتحرير لبنان من حروب الآخرين

GMT 11:27 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

وسمٌ سعودي على التاريخ

GMT 11:25 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

المشهد الفلسطيني قبل اليوم التالي

GMT 11:21 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

واشنطن... ومستقبل الأمم المتحدة

GMT 11:20 2025 الإثنين ,24 شباط / فبراير

ورقة المهاجرين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلام النفسى الضائع السلام النفسى الضائع



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab