بقلم:أسامة غريب
ليس القصف الوحشى الذى يقوم به العدو ضد لبنان هو أشد ما يؤلم فى العدوان الإسرائيلى، لكن الأشد إيلامًا هو ما عبّر عنه قديمًا الشاعر طرفة بن العبد حين قال: وظلم ذوى القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند.
معظم وسائل الإعلام العربية تستقى أخبار الحرب ضد لبنان وغزة من مصدرين: موقع والا الإسرائيلى الذى يديره الموساد، وموقع أكسيوس الذى تديره المخابرات الأمريكية. يترتب على هذا انحياز فاضح فى بعض وسائل الإعلام العربى لوجهة النظر الإسرائيلية وترديد لكل الأخبار الكاذبة والمبتورة التى يتعمد مجرمو الحرب فى تل أبيب بثها بين الجمهور العربى. من المعروف أن قصف المقاومة اللبنانية لمستوطنات شمال إسرائيل والذى بدأ صبيحة اليوم التالى لطوفان الأقصى قد ترتب عليه نزوح المستوطنين بأعداد كبيرة نحو وسط وشمال إسرائيل.
ولما كانت هذه المستوطنات يُعتمد عليها بشكل كبير فى الحصول على الخضر والفواكه واللحوم والدواجن، حيث إنها عبارة عن مزارع يعمل بها المغتصبون الذين استولوا على الأرض الفلسطينية.. لذلك فإن هجر المستوطنين لها سبّب نقصًا فادحًا فى إمدادات الطعام، وهنا قام الجنود بالحلول مكان المزارعين الذين هربوا، فخلعوا الزى العسكرى وارتدوا الملابس المدنية وأصبحوا يديرون العمل. لذلك فقد شعرت بالألم وأنا أقرأ فى بعض وسائل الإعلام العربى أن صواريخ المقاومة اللبنانية أصابت عشة فراخ!.
قالوا هذا نقلًا عن الإعلام العبرى دون أن يوضحوا للجمهور أن عشة الفراخ المذكورة كانت تؤوى مجموعة من الجنود وأن كل المتواجدين بالمستوطنات هم عسكريون يعملون بالخدمة المدنية وأنهم يحملون السلاح فى نفس الوقت، وبالتالى فإن إصابتهم فى أماكن عملهم هى إصابة أهداف عسكرية، وهو أمر لا يثير الضحك والسخرية كما حدث بالصحف والمواقع العربية. الأمر نفسه تكرر فيما نشر عن إصابة قطيع من الأبقار فى صفد.. نفس الأخبار الإسرائيلية التى يمررونها لنا فننشرها ونشاركهم السخرية من المقاومة. إن بعض وسائل الإعلام العربى فى الوقت الراهن يحتاج للاجتهاد من أجل الوصول للخبر من مصادر محايدة، ومصادر الأعداء هى أبعد ما تكون عن الحياد.
يكفى أننا لا نقرأ عن خسائر إسرائيل بالمرة. تنطلق الصواريخ من لبنان وتهرب من القبة الحديدية فتصيب القواعد والمطارات ومخازن الأسلحة وفى النهاية يقال فى الأخبار: إصابة إسرائيلى واحد بشظايا، أو إصابة امرأة أثناء التدافع لدخول الملاجئ!..لا يا سادة، إن خسائر إسرائيل فادحة، ومئات الصواريخ التى أصابت أهدافها لا يمكن أن تسفر عن إصابة عشة فراخ ووفاة مستوطن من الخضّة! ولو كان هذا هو تأثير صواريخ ومسيرات المقاومة فعلًا لما تكبدت إسرائيل عناء القيام بارتكاب كل هذه الجرائم بحق المدنيين ولا كانت احتاجت لاغتيال قادة المقاومة وتفخيخ البيجرات والظهور بمظهر الدولة المارقة. فى الحقيقة إنه من الخير لنا أن تتوقف هذه الوسائل الإعلامية عن متابعة أخبار العدوان الإسرائيلى، فذلك أفضل من تعريض الجمهور لدعاية العدو بهذه الكثافة، ونحن فى النهاية لا نحب أن نردد صرخة مظفر النواب حين تساءل: يا وطنى هل أنت بلاد الأعداء؟.