بقلم : أسامة غريب
للصفعات فى السينما المصرية تاريخ يستحق أن يُروى، نذكر منه الصفعة الهائلة التى تلقاها عبدالحليم حافظ من عماد حمدى فى فيلم الخطايا، والصفعة التى نالتها نادية لطفى من أحمد مظهر فى فيلم النظارة السوداء. فإن ابتعدنا عن الصفعات الدرامية فى الأفلام التراجيدية وانتقلنا إلى الكوميديا لاختلف الحديث واختلفت التسميات. فى الأفلام الكوميدية لا يمكن أن نتحدث عن الصفعات وكفى، بل لا بد أن تكتمل المنظومة بإضافة الشلاليت وصك الأقفية ولسع المؤخرات وغيرها.
ونذكر أن الفنان عادل إمام قد نال قدرًا من ذلك فى مقتبل حياته، فى مرحلة الأدوار الثانية ثم فى أدوار البطولة المبكرة. مثال لهذا دوره الخفيف الذى لا يُنسى فى فيلم نص ساعة جواز مع رشدى أباظة وشادية. فى هذا الفيلم كان يقوم بدور صديق ماجدة الخطيب التى تكره الكذب والكذابين، ولا تدرى أن جارها وصديقها الذى يعمل بالسينما هو أكبر كذاب. لقد أوهمها بقيامه ببطولات سينمائية مع أجمل جميلات الشاشة وأنه ينعم معهن بمشاهد مليئة بالقبلات الساخنة، حتى إنه قد ملَّ من «البوس».. هذا فى الوقت الذى كانت شغلته الحقيقية «دوبلير» للبطل يتلقى الضرب والصفع والركل بدلًا منه. وقد استعرض المخرج فطين عبدالوهاب مشاهد كثيرة لعادل إمام وهو يُضرب بدلًا من البطل ويخرج من المشهد لا يقوى على الوقوف من كثرة ما تلقى من الضرب. ولا ننسى أيضًا عادل إمام فى «البحث عن فضيحة» مع سمير صبرى وميرفت أمين عندما أخذ لأجل خاطر حبيبته أكثر من علقة ساخنة على أيدى أبطال فى كمال الأجسام حتى تورم وجهه وخرج محمولًا على الأعناق.
بعد ذلك صار عادل إمام نجمًا كبيرًا تُكتب الأفلام من أجله ويشرف عليها مشهدًا بمشهد. هنا انقلبت الآية وصار هو الذى يوجه الركلات والصفعات لكل زملائه فى العمل سواء كان فيلمًا سينمائيًّا أو عملًا مسرحيًّا، وزادت المسألة بشكل ملحوظ وطغت فى كل عمل الرغبة فى أن يوجه لزملائه أكبر قدر من الصفعات على الوجه والقفا والمؤخرة دون دواعٍ درامية، ولم تستثن هذه الرغبة المُلِحّة النساء زميلات العمل. أما إذا كانت الضرورة الدرامية تقتضى أن يتلقى هو بعض الصفعات مثال فيلم التجربة الدنماركية عندما قُبض عليه على سبيل الاشتباه.
ووقف فى طابور العرض وسط المشبوهين، والظابط (طلعت زكريا) يمر عليهم ويصفعهم واحدًا بعد الآخر حتى يصل إلى عادل إمام، فإذا به يمسكه من حزام البنطلون بدلًا من أن يهوى بكفه على صدغه كالآخرين، فى انتهاك صارخ لأصول الدراما الكوميدية التى يتم لَىّ عنقها من أجل هدف واحد، هو أن يضرب الزعيم زملاءه، لكن لا يضربه أحد!، وكأن العُلق الساخنة التى نالها زمان فى أول الطريق كانت حقيقية وليست تمثيلًا، ولذا فهو يعتبرها جزءًا من هوان وكفاح البدايات الذى يستحق التعويض عنه بعد أن تربع على العرش.. وهو الأمر الذى إن صح لكان هو الكوميديا التى تفوق كل ما قدم عادل إمام!.