جمهرة من الأوغاد

جمهرة من الأوغاد

جمهرة من الأوغاد

 العرب اليوم -

جمهرة من الأوغاد

بقلم:أسامة غريب

سؤال فلسفى يطوف بخيالى: هل المنافق يغضب ويشعر بالغيرة لوجود منافقين آخرين ينافسونه ويضيقون عليه فرص المكسب والقرب من أصحاب النفوذ، أم أنه يشعر بالسعادة كلما زاد عدد اللاعبين وامتلأ الملعب بهم لأن ذلك يعطيه شعورًا بالونس ويرفع عنه الإحساس بالضعة والرخص عندما يشعر بأن ما يفعله ليس فقط عاديًا وطبيعيًا وإنما مرغوب وله تلامذة مشتاقون يتحينون الفرصة؟

لوذعية هذا السؤال تكمن فى أنه قد تكون له إجابات متعددة وليست إجابة واحدة، والأمر هنا يتوقف على زاوية الرائى وموقفه من الموضوع. ولعل هذا السؤال يستدعى للذهن موقفًا فلسفيًا آخر كشفت عنه كتابات الفيلسوف الشهير «فريدريك نيتشه» عندما قال إن الأخلاق هى اختراع الفقراء الذين ابتدعوا مفهوم الأخلاق لحمل السادة الأغنياء على الترفق بهم وعدم الإيغال فى المظالم.. بينما يرى كارل ماركس أن الأخلاق هى صناعة الأقوياء والمترفين لاستعباد الضعفاء والمعدمين، وضمان بقاء ونماء مصالحهم.

ويرى ماركس الأخلاق انعكاسا لعلاقات الإنتاج.. وعليه فالطبقة المسيطرة اقتصاديًا هى الطبقة التى تفرض قيمها وأخلاقها فى كل العصور والمجتمعات، سواء كان ذلك فى النظام الإقطاعى أو الرأسمالى.

أما نيتشه فيرى أن أخلاق الرحمة والصبر والإحسان هى حيلة من ابتكار الضعفاء والفقراء لكى يخدعوا بها الأغنياء الأقوياء ويأخذوا منهم مكاسب ومنافع، فالفقراء بعد أن يفقدوا كل وسائل الصراع والمقاومة يلجأون إلى حيلة الأخلاق لكى يحصلوا على المنافع من الأغنياء، والأخلاق تعتبر مبررا مناسبا يقنع الضعيف نفسه بأنها هى السبب فى فشله وتخلفه.

ويرى نيتشه أن الرحمة والتضحية والعطف هى أخلاق الرعاع والغالبية العاجزة التى لا توجد بها الروح الفردية، وهى مليئة بخداع النفس، فالزهد والتقشف والشفقة مثلًا هى أنانية مستترة، فنحن نشفق على الغير لخوفنا من أن يصيبنا ما أصابهم، وحتى زيارتنا للمريض تتم من أجل أن نراه فى حالة الضعف ونتشفى فيه!.

أما أخلاق السادة طبقًا لنيتشه فهى الرجولة والشجاعة والإقدام والجرأة وإرادة الاستقلال والاعتماد على النفس ومواجهة المخاطر. ويعتقد نيتشه أنه كلما سيطرت وانتشرت أخلاق السادة تكتلت الأكثرية من أصحاب أخلاق العبيد وانتصرت عليهم بسبب تفوقهم العددى وتسلحهم بحجة مقاومة الشر، فكل ما يصدر عن السادة يسميه العبيد شرًا. ويلاحظ أن كلا من الفيلسوفين الألمانيين عاشا فى القرن التاسع عشر وكانا يشكلان حركتين متنافرتين من حيث الاتجاه.

أعتقد أن الإجابة عن سؤال الأخلاق وهل نشأت على يد الفقراء أم الأغنياء ليست هينة؛ لأن فلسفية السؤال تستولد مزيدًا من الأسئلة عند محاولة طرح أى إجابة، والأمر يتوقف على عوامل عديدة، منها زاوية الرائى وثقافته وانحيازاته وموقعه على السلم الاجتماعى.. وهذا فى ظنى يشبه الموقف من السؤال الذى طرحته فى أول الحديث عن المنافق وما إذا كان يشعر بالغضب إذا ظهر منافسون له أم يشعر بالسعادة لكونه ليس وحيدًا وإنما مجرد وغد ضمن جمهرة من الأوغاد!.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمهرة من الأوغاد جمهرة من الأوغاد



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 09:50 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

تعليق غريب من محمد فؤاد حول حفله بالكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab