بقلم : أسامة غريب
أعتقد أن الرئيس الأمريكى يتعمد أن ينشر الفزع كنوع جديد من أساليب الإدارة، فكما أن هناك الإدارة بالأهداف توجد الإدارة بالتخويف، والتحدى الذى يواجه ترامب حاليا هو محاولة تثبيت هذا النوع من الإدارة فى جداول المؤسسات الدولية وفى مناهج كليات التجارة وإدارة الأعمال. يعمل هذا الرجل فى مواجهة قادة العالم على رفع مستوى الجنون عالميا أن ما يطلبه غير قابل للتحقق، بينما هو فى حقيقة الأمر يقبل بما دون ذلك، لكنه يعمد إلى ترويع الزعماء حتى إذا ما أبدى شيئا من اللين بعد ذلك حصل على الكثير فى اتجاهات عديدة وقد تكون مختلفة عما طرحه فى إطار تكتيك رفع سقف الجنون. وبالنسبة لتصريحاته عن غزة فهو يتوقع بل ويمنى النفس بأن يستنكرها العالم ويرد عليها السياسيون والكُتاب ويفندوها ويظهروا تهافتها وعدم توافقها مع القانون الدولى.. كل هذا لا يزعجه، لكن بعد ذلك عند الجلوس على المائدة للتفاوض يمكنه أن يطرح كل الأهداف الإسرائيلية المتطرفة التى عجزت عن تحقيقها بالحرب على أمل أن ينالها من خلال دبلوماسية التخويف بعدما تتنفس كل الأطراف الصعداء وتتأكد أن أهدافه الحقيقية تبتعد عن التطهير العرقى ونفى شعب فلسطين بأكمله خارج أرضه!.
من ضمن غرائب هذا الرجل أنه يستخدم ابتساماته كإحدى الأدوات التى يستعين بها لتحقيق أحلامه وتنفيذ طلباته، فهو فى لقاءاته بالقادة والزعماء يقدم أنواعا متعددة من الابتسامات، وكلها أغرب من بعضها. والابتسامات التى يقوم بتثبيتها زمناً كافياً لالتقاط الصور تؤكد أنه يعنيها ويحرص على وصولها بهذا الشكل. إذا تمعن المرء فيها سيجدها تشبه تلك التى يقوم بها الناس أمام المرآة فى الصباح عندما يكونون وحدهم فى الحمام، كأن يقطب الشخص جبينه وهو يفتح فمه على اتساعه، أو وهو يرفع حاجبيه لأعلى محاولا أن يفك عضلات وجهه المتيبسة من طول النوم.. المهم أن معظم الناس يفعلون هذا وحدهم، لكن دونالد ترامب يفعل هذا طول الوقت وهو بصحبة رؤساء وملوك وشيوخ وقادة، وربما يلاحظ المراقب الراصد أن الرجل يكثر من هذه الابتسامات العجيبة مع حلفائه الذين يريد أن يبتزهم ويحلب أموالهم، بينما لم نشاهد ابتساماته العجيبة أثناء لقائه بالرئيس الروسى وكذلك بزعيم كوريا الشمالية!. أعتقد أيضا أن ترامب هو بالأساس رجل سعيد، وفضلا عن كونه تاجرا وسمسارا فهو أيضا يميل للأنس والفرفشة ولا يضن على أسرته بمشاركته الأوقات السعيدة، بدليل أنه يصطحب زوجته وابنته فى رحلاته الخارجية ليريهما على الطبيعة كيف يتفاوض وكيف يحمل الآخرين على الانصياع، وفى تقديرى أنه يستخدم قدرات الدولة الأمريكية وإمكاناتها فى تحسين وضعه فى البيت أمام المدام، حيث إنه ينتشى وينتفخ فى وجود الزعماء الآخرين ويحصل أمام إيفانكا وميلانيا على صورة الغضنفر. الأموال الطائلة والبيزنس لا توفر لترامب صورة الأسد الهصور، لكن بركات المكتب البيضاوى التى يحسن توظيفها قد تفيده فى علاقته بالسيدة عقيلته، والدليل على هذا أنه يصطحبها حتى فى زياراته لبلدان لا تلتقى فيها بالنساء!.