الاكتئاب والفقر

الاكتئاب والفقر

الاكتئاب والفقر

 العرب اليوم -

الاكتئاب والفقر

بقلم:أسامة غريب

بمناسبة الحادث الأليم الذى قرأنا عنه فى الصحف بشأن الشاب الذى ألقى بنفسه تحت عجلات المترو، كثر الحديث عن الاكتئاب وخطورته وتمكنه من المصابين به حتى ليسهل عليهم الانتحار والتضحية بالحياة.

والحقيقة أن كمًا هائلًا من النصائح تمت إراقته على الورق وفى المنصات الإعلامية.. نصائح للأهل والأقارب والأصدقاء والمعلمين بكيفية التعامل والاقتراب من الشباب ومحاولة فهمهم والحرص على عدم المس بالنفوس الجريحة. كل هذا جميل ولطيف، لكنه للأسف غير مفيد، لأنه يفصل بين المرض وأسبابه، وقد هالنى هذا العدد الكبير من التعليقات التى قرأتها على النت وبها تهنئة للشاب الذى انتحر وكيف أنه نجا من الحياة الأليمة!، ولعل أصحاب النوايا الطيبة فى وسائل الإعلام الذين استنجدوا بكبار الأطباء النفسيين أن يدركونا ويشرحوا لنا أسباب الظاهرة وما الذى يدفع الشباب الصغير للتخلص من الحياة.

لعل هؤلاء يفهمون أن كبار الأطباء النفسيين قد لا يعرفون الكثير عن المكتئبين الفقراء من ذوى الأحلام المجهضة، ذلك أن الفيزيتا المرتفعة فى عياداتهم ومستشفياتهم الخاصة لا تسمح لهم بلقاء المريض الفقير. قد يمكن لهم أن يروا بعضًا منهم فى المستشفيات الجامعية لكن كفئران تجارب وبصورة ليس بها من إنسانية اللقاء الطبيعى بين الطبيب والمريض شيئًا.


وأنا هنا لا أقلل من معاناة المريض النفسى الغنى أو ميسور الحال، لكنى أتحدث عن أن الطبيب الكبير لا يعرف شيئًا عن ملايين المكتئبين فى بلاده إلا من خلال الصحف مثله مثل باقى الناس، ولذلك فإن استضافة كبار الأطباء فى التليفزيون للتعليق على موضوع انتحار المكتئبين الفقراء لن يكون سوى فقرة للتسلية والترويج لعيادة الطبيب!. وبالمناسبة لا يفوتنى التنويه عن أن العيادات النفسية بالمستشفيات الجامعية تقدم علاجًا شبه مجانى للمواطنين على يد نخبة ممتازة من شباب الأطباء الذين ما زالوا يحبون الإنسان المصرى ويؤمنون بجدارته بالحياة!.

لكن يتبقى أن المهم فى هذا الموضوع هو ما الفائدة الحقيقية التى تتحقق لو أننا استطعنا أن نصل بالتوفرانيل والبروزاك وباقى مضادات الاكتئاب إلى مستحقيها إذا لم ننجح فى إزالة الأسباب التى نكدت عليهم وأغمّتهم بصورة شديدة حتى أفقدتهم أن يكونوا أسوياء نفسيًا؟، إن هذا يشبه أن تنجح فى إيقاف الإسهال لدى المريض دون أن تقتل الأميبا التى سببته أو أن تخفّض حرارة مريض محموم دون أن تقتل الميكروب الذى سبب له ارتفاع الحرارة.

أدوية الاكتئاب مهمة وضرورية ولا أقلل من شأنها، لكن الاكتئاب كثيرًا ما يكون أحد أعراض مرض أشد هو الفقر وانسداد أفق الحياة، ولذلك فإن العلاج بالعقاقير قد يزيل الأعراض ويخفيها، لكن جرثومة الفقر ستظل تنهش الروح بلا رحمة، والدواء لن يستطيع هنا أن يمنع الأسى أو يوقف تدفقه، لكن كل ما سيفعله هو أنه سيمنع عقل المريض من إخباره بأنه مريض!.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاكتئاب والفقر الاكتئاب والفقر



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab