بقلم:أسامة غريب
من الأخبار العجيبة التى ملأت الصحف والمواقع مؤخرًا خبر القبض على شخص بمطار القاهرة أثناء إنهاء إجراءات سفره إلى الكويت متلبسًا بمحاولة تهريب مبلغ مليون و٢٥٣ ألف جنيه مصرى داخل سندوتشات شاورما. مصدر الغرابة ليس فى سذاجة طريقة التهريب، وإنما فى الهدف من الوصول بهذا المبلغ إلى بلد خارج مصر، حيث لا قيمة للأوراق المالية المصرية.
إننى فى كل مرة أكون فيها مسافرًا للخارج أبتسم عندما يسألنى رجل الأمن: هل معك فلوس مصرية؟، أبتسم لأننى لا أفهم السؤال.. قد يكون من الطبيعى لو سألنى إذا كان معى دولارات أو إسترلينى، لكن جنيهًا مصريًا!. ماذا أفعل به فى لندن مثلًا؟، إننى لو طفت على محال الصرافة هناك عارضًا ما معى فلن أظفر بأحد يرغب فى شراء الجنيه المصرى، وحتى على فرض أن أحد المغامرين وافق فإنه سيأخذ الألف جنيه بعشرة إسترلينى على الأكثر.
ربما كانت هناك فائدة لا أعرفها، وأرجو هنا أن يدلنى عليها أولاد الحلال. مسألة أخرى تدفع للعجب فى حكاية أخينا هذا.. لقد كان فى مقدوره أن يحول هذا المبلغ إلى دولارات ويسافر معززًا مكرمًا وفى جيبه عشرة آلاف دولار مسموح للراكب بحيازتها أثناء السفر، ويمكنه أن يأخذ باقى المبلغ فى السفرة التالية أو بصحبة زوجته أو بأى طريقة مما يفعلها العقلاء الذين يسافرون. سبب ثالث يجعل المرء يكاد يشد شعره من هذه الفعلة: ألم يدرك هذا الرجل أن جهاز الأشعة الذى تمر به الحقائب سيكشف ما بداخل السندوتشات؟. إن أصغر طفل يعرف وظيفة الإكس راى التى تنفذ داخل عمق الأشياء الملفوفة وتجعلها واضحة على الشاشة، فكيف لرجل ذى حيثية أن يكون بهذه السذاجة؟.
لقد ذكرت الأخبار أنه تمت مصادرة المبلغ المضبوط، وأن الرجل دفع ٢٠٠ ألف جنيه كفالة ثم غادر المطار. السؤال هنا: ما موقف جهة عمله بالكويت بعد أن أدركوا لا أقول جنوحه ولا محاولته ارتكاب جريمة، ولكن أقول بعد أن أدركوا حجم سذاجته وضعف تفكيره؟، هل يثقون فى أن يضعوا بين يديه مسؤوليات؟، وماذا عن جهة عمله بمصر.. هل تعيده إلى العمل دون عرضه على أطباء متخصصين فى مثل هذا النوع من السلوك؟، إن مشكلة هذا الشخص أكبر بكثير من محاكمته على محاولة التهريب، وإنما فى ضرورة إحالته للكشف على حالته وظروفه وكيف صور له تفكيره أن تمر المسألة بسلام، وماذا كان ينوى أن يفعل بالجنيهات المصرية؟.. هل كان ينوى الانخراط فى أوساط العمال والفواعلية المصريين فى منطقة خيطان والحصول على دنانيرهم مقابل جنيهاته؟. لقد رأيت زمان سماسرة يفعلون هذا فى أوساط العمالة الفقيرة، فهل كان الأخ يعتزم أن يسترزق من هؤلاء الغلابة ويكسب بضعة دنانير؟. إن الأمر كله مثير للدهشة بقدر ما هو مثير للرثاء والتقزز.