أين ذهبت اللطافة

أين ذهبت اللطافة؟

أين ذهبت اللطافة؟

 العرب اليوم -

أين ذهبت اللطافة

بقلم:أسامة غريب

تحظى مباريات الأهلى والزمالك باهتمام ومتابعة من كل أطياف الشعب المصرى. وعادة ما تبدأ المساجلات بين أنصار كل فريق قبل أى مباراة بعدة أيام، وتظهر كذلك المساهمات على وسائل التواصل الاجتماعى، حيث يسجل فيها المشجعون آمالهم وانطباعاتهم بالنسبة للماتش، ولا يفوت أن يسخروا من الفريق الخصم وأنصاره ويتوعدوهم بالهزيمة المذلة التى تُلحق بهم العار الأبدى!.

لم أعد أشاهد المباريات، لكنى أتابع أحيانًا ما يدور حولها من جدل. وعندما أعود بالذاكرة إلى أيام كنت تلميذًا بالمدرسة على زمن الخطيب وحسن شحاتة أتذكر ما كان يحدث فى المدرسة عقب مباريات القمة من تطاحن ومشاحنة وعراك كان يصل لتبادل اللكمات والركلات، وكانت أواصر الصداقة بين التلاميذ تتقطع بسبب الخلاف على أيهما أجدر بالحب والتقدير: الخطيب أم على خليل؟!. كان رد فعل زملائى التلامذة غريبًا بالنسبة لمباراة ستليها مباريات طالما استمرت الحياة. كنت أرى حزنًا يشبه حزن من مات أبوه فى حادثة مفاجئة، كما كنت ألمس فرحًا يساوى من فاز بورقة لوترية ستنقله لمصاف الأثرياء. كان هذا يزعجنى وينكد علىَّ، لدرجة أننى تعودت على أن أغيب عن المدرسة فى اليوم التالى للمباراة حتى لا أعيش الهستيريا الطازجة التى تعصف بالعقول. ساهم فى انصرافى عن متابعة كرة القدم المحلية رؤيتى للمشجعين وهم يحضرون حمارًا ثم يُلبسونه فانلة الفريق المهزوم ويكتبون عليه اسم أبرز لاعبيه ويطوفون به وهم يصرخون ويتضاحكون ويسخرون من مشجعى الفريق المهزوم. لم أفهم أبدًا هذا النوع المتوحش من المرح، ولم أعرف كيف تتم السخرية منى وإهانتى وشتمى لمجرد أن لاعبًا لا صلة لى به أخفق فى إحراز هدف أو لأن لاعبًا آخر نجح فى التهديف؟، ولم أهضم كذلك أن أنسب لنفسى نصرًا لم أساهم فيه أو أن يبلغ بى الشطط أن أتصور نفسى صاحبه، ثم أضعه فى سيرتى الذاتية باعتباره من ضمن إنجازاتى فى الحياة!.

من أسباب عدم تقديرى للنشاط الكروى المحلى أننا نخلق لأنفسنا أبطالًا قيمتهم أقل بكثير مما ينبغى أن يكون لنا. لم أنكر أبدًا على اللاعبين حقهم فى الشهرة والفلوس، لكن يؤسفنى أن أرى معظمهم لا يتحلون بأى قدر من الثقافة يسمح بأن يتحدثوا أمام الشاشات بجمل مفيدة مترابطة!. وأرى من الأفضل ما دام حب الناس للكرة لن يفتر أن يكون هناك حرص على تعليم اللاعبين وتأهيلهم حتى لا يكون اللاعب الذى يتخذه ملايين الشباب قدوة زلنطحيًا جاهلًا!، وحتى لو كانت هذه الهستيريا مقصودة لذاتها، لأنها تحقق قدرًا كبيرًا من الإلهاء والتنفيس وتسحب الغضب بعيدًا فى مسارب مأمونة، فإنها تسحب من إنسانيتنا الكثير وتضعنا مع الضوارى المتوحشة الخالية من الإحساس، وتعودنا أن نضحك على ما يثير الأسى وأن نمرح مرحًا غليظًا عدوانيًا يختلف كل الاختلاف عن اللطافة التى عرف بها الشعب المصرى والذوق الذى ميزه عن غيره من الشعوب وخفة الدم الفطرية التى لطالما كانت ماركة مسجلة للمصريين.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين ذهبت اللطافة أين ذهبت اللطافة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 09:50 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

تعليق غريب من محمد فؤاد حول حفله بالكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab