بقلم: أسامة غريب
تسلم شرحبيل بن نوسة شيكًا مصرفيًا يتم صرفه من بنك هلسنكى المركزى هو قيمة الجائزة التى نالها. كانت مشكلته هو وحمامة الفلايكى عدم وجود ثمن تذكرتى الطيران والإقامة بالفندق فى فنلندا. ومن الواضح أن أخبار مشكلتهما سرت فى الحارة لأن الأستاذ نعيم شمبانزى صاحب دكان البقالة أعلن استعداده لتمويل الرحلة مقابل الحصول على نصف قيمة الشيك!. كان المعروف عن نعيم شمبانزى بخله الشديد وأنه يقوم بإقراض الجيران بفوائد ربوية اصطلحوا على تسميتها «التسليف بالفايظ». بعد تفكير لم يجد الصديقان بدًا من الموافقة على عرض المرابى الملعون فاصطحباه معهما إلى هلسنكى. أراد شمبانزى أن يقيم ثلاثتهم فى غرفة واحدة بالفندق توفيرًا للنفقات، غير أن حمامة رفض بشدة وهدد بالعودة إلى مصر. رأى شرحبيل أن يهدئ الأجواء، فوافق على أن يقيم مع نعيم فى نفس الغرفة. فى صباح اليوم التالى نزل حمامة إلى ردهة الفندق وبحث عن رفيقيه فلم يجدهما. خرج يتمشى فى الشارع ففوجئ بشرحبيل نائمًا داخل كرتونة على الرصيف!. أيقظه مدهوشًا وسأله عما حدث وجعله يبيت على الرصيف. انتبه شرحبيل فصاح قائلًا: سوف أشرح لك كل شىء فيما بعد، أما الآن فسوف أنطلق إلى البنك لأصرف الشيك. قال هذا ثم قام ينفض ملابسه ويقذف بنفسه داخل سيارة أجرة.
عاد حمامة إلى الفندق فأبصر نعيم يتلفت حوله فذهب إليه متسائلًا: ما الموضوع يا شمبانزى؟ قال نعيم: إن صاحبك هذا عديم الأدب.. لقد تركنى بحجة واهية وغادر الغرفة بعد منتصف الليل.. لكن دعك منه واسمح لى أن أدعوك إلى الطعام فى غرفتى. كان حمامة جائعًا فمشى معه متسائلًا: أى طعام هذا؟ رد الرجل: لقد أحضرت كل شىء من مصر..عندى فول وجبنة رومى وبسطرمة ومربى وعيش محمص، كما أحضرت معى عِرْق بتلو! فتح الغرفة ودخل حمامة وراءه فأحس برائحة غير مستحبة تتسلل إلى أنفه فدخل إلى الشرفة يستنشق هواء نقيًا غير أن شمبانزى تبعه مستنكرًا: وبعدين.. هل ستفعل مثل صاحبك الذى ترك الغرفة متذرعًا بوجود روائح كريهة لا توجد سوى فى خياله؟ قال هذا ثم أمسك حمامة من يده وجذبه نحو الثلاجة قائلًا: تعال لأريك عرق البتلو وأريدك أن تشمه لتتأكد من سلامته. حاول حمامة التملص لكن نعيم فتح الثلاجة فخرجت رائحة عفنة جعلت الفلايكى يترنح لكن شمبانزى أخرج قطعة اللحم التى كانت فى حجم عامود الشاورمة وقربها من أنف حمامة وهو يلح قائلًا: شم.. شم. وفجأة اصطدم عرق اللحم المتعفن بوجه حمامة فغطى أنفه وفمه فلم يدر إلا وشلالًا من القىء يندفع من معدته فى دفقات متتابعة فيغرق السرير والأرضية. بعدها جرى حمامة نحو الباب وهو يسب ويلعن جنون شمبانزى وقذارته، وزادت دهشته وهو يستمع لنعيم يتساءل فى براءة: وماذا أفعل أنا فى هذا القىء الذى لوثت لى به المكان؟ فما يدرى حمامة إلا وهو يضحك فى هستيريا رغم قتامة الموقف قائلًا: بما أن نِفسك حلوة إلى حد أكل الجيفة فلا أظنك تمانع أن تعمله سندوتشات للعشاء!.