قِدرة الفول والعرش

قِدرة الفول والعرش

قِدرة الفول والعرش

 العرب اليوم -

قِدرة الفول والعرش

بقلم : أسامة غريب

 

بمتابعة السلوك البشرى اتضح لى أن معظم الناس يحبون أن يكونوا آلهة أو على الأقل ملوكاً فى مكان عملهم حيث يحتاجهم الناس ويطلبون منهم قضاء الحاجات. بياع الفول يمكن أن يكون أهم شخص فى الوجود عندما نكون راغبين فى شراء طبق بالزيت الحار وسط الجماهير المحتشدة حول العربة.. أعرف أساتذة جامعة وأطباء ومحامين يسعون جاهدين للتعرف على عم أحمد بائع الفول بالظاهر.. والحق أن طعامة الخلطة التى يضعها الرجل على الفول تجعل منه واحداً من العظماء فى هذا السلك.. سلك الفول والبصل، ومن الطبيعى أن يسعى الجميع للقرب منه، فلربما منحهم هذا القرب فرصة أخذ المطلوب بسهولة ودون تزاحم والتحام بالجماهير. الغريب أن نفس هؤلاء الزبائن لا يُتوقع أن يحفل أحدهم بعم أحمد لو صادفه فى أى مكان بعيداً عن عربة الفول، لهذا فإننى لا أشعر بغضاضة فى أن أرى الرجل يسوق الدلال ويقف فى شموخ متوسطاً عربته التى تشكل مملكته الحقيقية التى سرعان ما تنفض بعد نصبها بساعتين كل صباح!. ليس عم أحمد فقط هو الملك فى مكانه، وإنما يمكن أن تلمح أيضاً الولد أشرف.

ذلك الفتى ساقط الإعدادية الذى يعمل بعيادة الطبيب الكبير بالدقى والذى يلتف حوله المرضى وأهليهم فى تضرع ورجاء أن يرضى عنهم ويدخلهم للدكتور بسرعة بدلاً من قضاء السهرة إلى ما قبل الفجر بالعيادة. ويلاحَظ أن الناس فى توددهم لأشرف يبلغون مستويات لا تصدق، فهم يدسون المال فى يده فيتناوله منهم فى تأفف ويلقيه فى جيبه، ويتبسطون معه فى الحديث كأنه صديق قديم، ويسألونه عن الأهل والأقارب، كما يستمعون إلى آرائه العبيطة فى السياسة، بل ويوافقونه عليها بحماس لافت.. ليس هذا فقط وإنما يجتمعون حوله ليروى لهم آخر الأسرار والفضائح التى وصلت إلى مسامعه عن الفنانين ولاعبى الكرة، كما يستلقون على أقفيتهم من الضحك على نكاته شديدة السماجة، ومنهم أيضاً من يأخذون منه وصفات طبية باعتباره قريبا من أهل المهنة!. وبطبيعة الحال فإن معظم هؤلاء لو صادفوا أشرف بالنهار فى أى مكان لا يحتاجون فيه إليه لما تجشموا حتى عناء إلقاء السلام عليه.. لذلك فإن الولد محق بالتأكيد فى أن يتدلل ويشعر بنفسه فى السويعات الذهبية التى يوفرها له الزمان مساء كل يوم!.

وربما لهذه الأسباب فإننى لا أميل إلى زيارة الأصدقاء فى أماكن عملهم، فربما كان الصديق يعيش هذا الدور فى مكان عمله ويفرح بتأليه الناس ومداهنتهم له، وزيارتك فى هذه الحالة تحرجه وقد تفجر الصداقة بينكما. ومن الممكن أن يكون الشخص الذى تزوره مشغولاً بشكل حقيقى فلا يتمكن من الترحيب بك واستضافتك، وقد لا يكون مشغولاً، لكن يتشاغل ويتصنع الأهمية أمامك ويجدها فرصة ليهملك ويهينك بشكل مبرر!.

لهذا أنصحك ألا تزور أحداً أثناء جلوسه على كرسى العرش ما لم تكن الحاجة إليه ضرورية، ويستحسن أن تلقاه بعيداً عن أدوات عرشه، سواء كانت قِدرة الفول أو دفتر تذاكر السينما أو أرقام الدور عند الطبيب!.

arabstoday

GMT 00:06 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

صدمة خامسة!

GMT 00:04 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

شكرا للسيدة الهولندية!

GMT 00:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

بعد 50 عامًا

GMT 00:00 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

الاختيار

GMT 11:27 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

دوشة الطرابيش

GMT 11:26 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

تريليونات ترمب وفلسطين

GMT 11:24 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

ذكريات الحرب وبطولات الأحياء!

GMT 11:22 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

شبكة الأردن... واصطياد السمك الإخواني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قِدرة الفول والعرش قِدرة الفول والعرش



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:17 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

قصة سوسن... ومآسي حرب السودان

GMT 15:06 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

الأمطار تسبب اضطرابات في شمال إيطاليا

GMT 15:05 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

ثلوج وأمطار كثيفة تضرب جنوب غرب سويسرا

GMT 15:04 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب إندونيسيا

GMT 07:39 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

وفاة الفنان المصري سليمان عيد

GMT 17:14 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

منذر رياحنة يتحدث عن علاقته بمصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab