عبقرية الطوفان

عبقرية الطوفان

عبقرية الطوفان

 العرب اليوم -

عبقرية الطوفان

بقلم - أسامة غريب

نجحت إسرائيل على مدى سنوات في تصدير صورة عن نفسها بأنها وحش جبار لا يرحم، وأن أجهزتها الأمنية هي الأقوى في العالم، وسعت إلى أن يعتقد العرب أن لها ذراعًا طويلة تصل إلى أي مكان في الكوكب لمعاقبة مَن يغضب عليه قادتها. لطالما تساءلتُ وتساءل غيرى عن الدور الذي تقوم به قوات الأمن التابعة للسيد محمود عباس بالضفة الغربية.

إن النظرة السريعة تَشِى بأن هؤلاء الرجال، الذين كانت منظمة فتح تشن بهم الهجمات ضد إسرائيل، قد أصبحوا الآن يقفون حائط صد ضد العمليات الفدائية، وأن دورهم الأمنى يعمل لصالح حماية المستوطنات الإسرائيلية، ولطالما قرأنا وسمعنا عن اتهامات تطول هؤلاء الرجال بالخيانة وبيع القضية.. إلخ. لكن النظرة المتعمقة قد تصل بمَن يرصد الحالة الفلسطينية إلى نتيجة أخرى، وهذه النتيجة هي نفسها التي دفعت عددًا من الدول العربية إلى التطبيع مع إسرائيل، رغم عدم حل القضية الفلسطينية وعدم عودة الأرض السليبة.

ما أقصده هو أنه أصبحت هناك قناعة راسخة بأن إسرائيل وحش أسطورى لا يمكن منازلته أو مقارعته، وأن الممكن الوحيد إزاءه هو التعاون والتماشى مع ما يريده حتى نتجنب غضبه المصحوب بالموت والدمار.

وقد يمكننى أن أتصور أن هذه النظرة من جانب المُطبِّعين العرب ومن جانب فريق محمود عباس ترى أن الصراع بين الفلسطينى والإسرائيلى أشبه بجولة مصارعة أو ملاكمة بين طفل في السادسة من عمره وبين ملاكم شبيه بمايك تايسون أو جو فريزر. من الطبيعى أن هذه الجولة ستنتهى مع الثوانى الأولى بسحق الطفل الصغير وتثبيت تفوق المصارع الجبار.

لذلك فإن قناعتى هي أن المُطبِّعين مع إسرائيل ليسوا عملاء، وأن قوات الأمن في الضفة ليست خائنة، لكن أفرادها يعتنقون النظرية السابقة بأنه لا قِبَل لأحد بمواجهة المارد الشرير، وأن مَن يغامر سيحكم على نفسه وعلى مَن يحب بالفناء. لقد بِتُّ أعتقد أن كل رجل أمن بالضفة، وهو يمنع المقاومين من رد هجمات المستوطنين، إنما يؤمن بأنه يختار أخف الضررين، إذ إنه بذلك يحمى أسرته من الموت، وهو يرد أفراد المقاومة عن مهاجمة الوحش المنفلت.

لكل ذلك يجب النظر إلى طوفان الأقصى النظرة الموضوعية التي يستحقها هذا الحدث الكبير. لقد أثبت القتال أن إسرائيل ليست ذلك الوحش، الذي ينبغى مهادنته والتخلى عن الحقوق بغية حفظ النفس. إن رجال المقاومة نسفوا نظرية الطفل الفلسطينى الصغير في مواجهة المصارع الغشوم، وفى اعتقادى أن هذه هي أهم نتيجة للحرب الدائرة في غزة.

ولئن كان الفلسطينيون قد تكبدوا ثمنًا فادحًا من الدمار واستشهاد وإصابة عشرات الآلاف من النساء والأطفال، فإن الذي حصلوا عليه يستحق التكلفة الباهظة، التي مازالوا يدفعونها عن طيب خاطر. إن صمود المقاومة الفلسطينية، وتصدير اليأس والتمزق للمجتمع الإسرائيلى، مع إحداث آلاف الوفيات والإعاقات ما بين جنود العدو، قد أوضحت الصورة الحقيقية أمام مَن أرادوا شراء رضا الوحش من خلال التخلى عن الحقوق.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبقرية الطوفان عبقرية الطوفان



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تنضم إلى كريم عبد العزيز وياسمين صبري

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab