بقلم - أسامة غريب
قبل الفجر بقليل كانت جلسة الرفاق على قهوة حردوف على وشك أن تنفض، وكان حمامة الفلايكى يتهيأ للانصراف عندما ارتفع صرير سيارات تفرمل بعنف وهى تتوقف بجوار الرشاح. انتبه الجميع إلى شخص ينزل من سيارة محاطًا بجمع كبير من الأتباع والحراس ويمضى متجهًا نحوهم. عندما اقترب الرجل هتف شرحبيل بن نوسة قائلا: إنه وليم أبوالأشباح.. ترى ماذا وراءه؟، تساءلت زوزو هانم عمن يكون، فقال شمبانزى: إنه برنس الليالى وأمير الظلام وزعيم الكثبان الرملية والمناطق المنخفضة. دخل أبوالأشباح عليهم وألقى السلام ثم سحب كرسيًا وجلس. تجاهل حمامة الرد عليه وقال لأصحابه: تصبحون على خير، ثم سار بخطوات بطيئة نحو البيت. وجم الرجل لثوان، ثم سرعان ما استجاب للموقف، فنادى على حمامة معتذرًا: أنا آسف إذا كنت جئت في وقت متأخر بينما تتأهبون للانصراف، لكن مشكلتى كبيرة ولن يحلها سواك، فهلا منحتنى من وقتك خمس دقائق؟. قال حمامة: هات ما عندك بسرعة. قال: شوف يا حمامة.. منذ عدة شهور أتيتكم زائرًا وقد تفضلتَ فطلبت لى طبق خرشوف بالصلصة مع كوب من شراب اليبروح، وأنا على كثرة سفرياتى لم أذق خرشوفًا بهذه الحلاوة، والليلة ناوشنى الشوق فأردت أن آكل طبقًا آخر، فأتيت إليكم لهذا الغرض.
قال سمير ألبرتو غاضبًا: وهل تحسب قهوة حردوف مطعمًا يقدم الخرشوف لزائرى الفجر؟، قال أبوالأشباح: أنا عارف إن القهوة تقدم الشاى والسحلب والينسون، لكنى أعرف أيضًا أن حمامة يقوم بتسخير أنواع من الجن الطيب، وهى التي تأتيه بالطلبات من داخل القهوة، فإذا طلب دقية بامية باللحمة الضانى حضرت إليه في الحال، وهو في هذا يشبه على الكسار في الفيلم عندما كان يحرك العصا ويقول: يا سحلوب يا دحلوب هات المطلوب، فيجد أمامه الديك الرومى أو صينية البطاطس أو أيًا كان طلب الزبون، وأعتقد أن حمامة قادر على ذلك. قال حسين أونكل: كلامك غريب أيها الرجل، كان بإمكانك أن تطلب مطعمًا أو فندقًا فيأتى لك بما تشاء، وأنت تبدو من الأثرياء اللصوص الذين يأتى إليهم الخرشوف طائعًا، فماذا تريد من حارة ودن القطة؟. بدأ وليم في التململ وأخذ رجاله المسلحون يتحسسون مسدساتهم. نظر الفلايكى للرجل وقال في حزم: عليك أن تبعد هؤلاء الرجال لمسافة خمسمائة ذراع غرب الرشاح الجنوبى قبل أن أرد على طلبك. ويبدو أن شوق أبوالأشباح للخرشوف كان عارمًا فقال لحمامة: سأطردهم من المكان، لكن بالله عليك أريد مع الخرشوف قطعة كستليتة متشوحة على النار مع طبق باستا بصوص ألفريدو!، ضحك حمامة في استخفاف، ثم أمر له بكل ما أراد، وأشار إلى أنطوان بأن يرفع أبوالأشباح على الشجرة في أعلى فرع قريبًا من بلكونات الدور الرابع، وأن يضع معه الطعام. بعد ذلك انصرف حمامة وأصحابه، أما وليم فاستعمل الموبايل واتصل برجاله الذين حضروا أسفل الشجرة وأخذوا يفكرون في طريقة لإنزاله بعد أن يفرغ من تناول طبق الخرشوف