بقلم:أسامة غريب
بعد دحر عدوان صدام حسين ضد الكويت عام ١٩٩١ لم تتقدم القوات الأمريكية صوب بغداد لإسقاط الطاغية، ذلك أن المواجهة كانت ستكلف الأمريكان الكثير. لم يتم غزو العراق إلا بعد أن قاموا بنزع سلاحه بالتدريج حتى أصبح الجيش العراقى مثل خيال المآتة، هنا دخلوا بغداد وقتلوا علماءه ودمروا مقدراته وأحالوه إلى شبه دولة. الأمر نفسه حدث فى ليبيا.
واليوم يرتفع صوت الموظفة الأمريكية «مورجان أورتاجوس» التى أوفدوها إلى بيروت بضرورة نزع سلاح المقاومة اللبنانية قبل الحديث عن إعادة الإعمار. لو فرضنا أن السلاح قد تم نزعه وأصبح المقاومون وحاضنتهم الشعبية فى الضاحية والبقاع وفى الجنوب اللبنانى بلا سلاح، فإن ذبحهم لن يتم بأيدى الإسرائيليين، وإنما سيحدث مثلما وقع فى صبرا وشاتيلا حينما لم يلوث شارون يده بدم الأطفال والنساء، وإنما قام بالعملية لبنانيون.
بعض هؤلاء المجرمين ما زالوا موجودين وقد أصبحوا قادة سياسيين وزعماء طوائف يتحينون الفرصة ليضعوا أنفسهم فى خدمة السفاح نتنياهو ويقوموا بقتل شركائهم فى الوطن عندما يصبحون بلا سلاح!. ومن الجائز أن يترفع أبطال صابرا وشاتيلا عن الفعل ويقوموا هذه المرة بإهداء العملية إلى الرفيق محمد الجولانى الذى تضربه إسرائيل فى الصباح فيرسل رجاله لارتكاب المجازر ضد العلويين فى الساحل السورى فى المساء!. هذا كله ليس مستغربًا بالنظر إلى أن أحد النواب اللبنانيين قام بتهديد حزب الله صراحة بأنه إذا لم يقم بتسليم سلاحه طواعية فإنه سيتم إيكال نصف العملية إلى إسرائيل وسيتولى أحمد الشرع النصف الآخر.
طبعًا مردود على كلامى هذا بالقول: وهل تعجبك فوضى السلاح فى لبنان؟ ألا يجب أن يتم حصر السلاح فى يد الجيش وحده؟ ولهؤلاء نقول: لماذا لم يتحدث أحد عن السلاح فى أيدى بقية الطوائف والأحزاب المسلحة.. هل لأنها توالى العدو الإسرائيلى؟. سؤال آخر من الضرورى طرحه على المتحمسين لحصرية السلاح هو: هل تقصدون أن الجيش اللبنانى يعتزم بعد أن يحتكر السلاح، مواجهة وصد العدوان الإسرائيلى وحده، وهو الأمر المفترض والمنتظر؟ وهل هناك بناء على هذه الفرضية البديهية خطط معدة لتسليح هذا الجيش حتى ينهض بأعباء مواجهة جيش العدو؟.
لا بد أن تكون مع خطط نزع السلاح خطط لصنع جيش حقيقى، لا نقول يوازى الجيش الإسرائيلى لكن لديه القدرة على ردعه وجعله يفكر فيما سيخسره إذا فكر فى العدوان كما فعل حزب الله لسنوات طويلة. المؤسف أنّ أحدًا لا يجيب عن هذه الأسئلة ولا يرحب بطرحها ابتداء، لكن كل ما يشغلهم هو الاستجابة للطلبات الأمريكية الإسرائيلية التى لن تنتهى، فمع كل تنازل ستأتى طلبات جديدة، مع التهديد بأن إعادة الإعمار ستتوقف إذا حدث تردد فى الاستجابة، ومعروف أن نزع السلاح سيتلوه القتل والتهجير لرجال المقاومة وجمهورها، وسوف يجد شيعة لبنان أنفسهم عراة فى مواجهة دبابات نتنياهو ورشاشات أبطال صابرا وشاتيلا، وسواطير أبو محمد الجولانى.