بقلم - أسامة غريب
عجيب أمر المجموعات التى يتلقى المرء دعوات للانضمام إليها على النت، والأخرى التى يضمونه إليها دون أخذ رأيه، بل دون أن يكون على معرفة بالسادة الأعضاء الذين يفترض أن يكونوا متجانسين. لكن إلى جانب هذه المجموعات التى تضمك قسريًا يمكن أن توجد مجموعة بها نفر من أصدقائك الحقيقيين وزملائك فى العمل. من هذا النوع وجدت نفسى مؤخرًا عضوًا داخل مجموعة تضم بعض الذين زاملتهم لسنوات طويلة فى العمل. متابعة المشاركات أعادت إلىّ مواقف وأحداث مرت بى مع هؤلاء الناس بعضها حلو وبعضها ليس كذلك، لكنها أثارت فى نفسى الحماس لاستعادة جزء من ماضى أيامى. لكن بمرور الوقت بدأت ألاحظ شيئًا لفت انتباهى.. هؤلاء الناس الذين زاملتهم وصادقت بعضهم فى السابق هم أناس طبيعيون مثلنا تمامًا، وحياتهم تشبه حياة معظم المصريين، أى أنها خليط من الجد والهزل، فما الذى اعتراهم وغيّرهم على هذا النحو حتى إننى لا أجد لهم مشاركات فى هذا الجروب تخرج عن المشاركات الدينية!..
لقد أصابنى الملل وأنا أتابع بوستات كلها عبارة عن أذكار وأوراد وأدعية ومواعظ. ما الذى حدث لهؤلاء الناس وهل تدروشوا جميعًا؟، لا أظن. لقد كنت أعتقد أن وجودى فى هذا الجروب سيجعلنى على معرفة بأخبار الزملاء القدامى فأفهم أحوال من خرجوا إلى المعاش وماذا يفعلون حاليًا، كذلك أخبار الذين ما زالوا فى الخدمة وتطورات حياتهم، لكن ما حدث هو أن الانضمام لهذا الجروب لم يضف معلومة واحدة عن أى شخص من هؤلاء الناس..
إنهم يختبئون طوال الوقت خلف الأوراد والأحاديث النبوية والمواعظ والحِكَم، ولا يكفون عن سرد القصص الساذجة التى يبغون بعد أن يفرغ المرء من قراءتها أن يقول: سبحان الله أو آمنت بالله!. إن ما يثير الحنق فى هذه المجموعة أننى أعرف أعضاءها واحدًا واحدًا وواحدة واحدة.. ليس من بينهم درويش أو داعية.. صحيح أن أغلبهم أناس طيبون لكنهم منغرسون فى الحياة بمرحها وصخبها ومكرها ونميمتها، وهم يشاركون فى حياتهم اليومية فى كل هذا، فلماذا عندما ينضمون إلى جروب على النت يقومون بالتخفى ومحاولة ستر شخصياتهم الحقيقية، فيقوم كل منهم بارتداء قناع دينى زائف لا يخصه؟. هل يتصورون أن هذه هى الموضة وعليهم مسايرتها، أم تراهم يعتقدون أن هذه المشاركات التى يكتبونها عليها ثواب لا ينبغى أن يفوّتوه؟.. إن من بين هؤلاء المشاركين واحد لم يكن يتوقف عن نسج المؤامرات وضبط الفخاخ لزملائه، ولم يكن يتورع عن الدس والوقيعة ونشر الأخبار الكاذبة عن زملائه، والآن لا ينشر سوى مواعظ تحض على مكارم الأخلاق التى لم يعرفها يومًا!، هذا جروب عجيب لا يعبر عن شخصيات أعضائه لكنه يعبر عن جماعة هم أبعد ما يكونون عنها.. جماعة هجرت الدنيا وودعت متاعها الزائل ولم تعد تفكر سوى فى ثواب الآخرة. ومن الطبيعى أننى هربت ولم أستطع البقاء وسط هؤلاء الأونطجية الذين يشاركون فى تمثيلية رديئة بمنتهى النشاط والحيوية