أفكار تنكّر لها أصحابها

أفكار تنكّر لها أصحابها

أفكار تنكّر لها أصحابها

 العرب اليوم -

أفكار تنكّر لها أصحابها

بقلم - أسامة غريب

الرأسمالية بكل عوارها وفسادها استمرت وسادت؛ لأن أصحابها انتصروا دائمًا. لو أن الاتحاد السوفيتى قد هزم الغرب فى صراع الأيديولوجيا بينه وبين المعسكر الرأسمالى لكان نموذجه هو المسيطر، ولكانت اشتراكيته قد غزت كل قرية أمريكية. لم تكن الحرب الأمريكية الشعواء ضد الشيوعية، لدرجة جنون المكارثية فى الخمسينيات، سوى دفاع عن النفس من أن تسود هذه الأفكار فى أوروبا ثم يتبناها الناس فى الولايات المتحدة نفسها.

الأمر ذاته يمكن قوله عن الشعوذة الإعلامية الفجة التى ساقها جوبلز فى الأربعينيات أثناء الحرب العظمى.. كان يمكن أن تكون هى النموذج والمثال لو أن هتلر تمكن من دحر الحلفاء فهزمهم واحتل بلادهم. ما أوقف الخطاب الخزعبلى الملىء بالأكاذيب والاستمالات العاطفية هو الهزيمة ولا شىء سواها. حتى أفكار سيادة الجنس الآرى التى حملها الخطاب النازى كان يمكن للشعوب التعيسة أن تتبناها وتصدقها فتظن فى نفسها عدم الجدارة.. ما نسف هذه الأفكار ليس فسادها لكن الهزيمة العسكرية لأصحابها، والدليل أن شعوب العالم الثالث ما زالت تحمل نفس الشعور بالدونية فى مواجهة دول الغرب التى دحرت جيوش هتلر، رغم أن الحلفاء المنتصرين لم يدّعوا أنهم أبناء الرب ولم يحمل إعلامهم أفكارًا تؤكد على سيادة جنسهم!.

الانتصارات قادرة على تسويق أحط النظريات السياسية والاقتصادية والإعلامية، بينما الهزائم تكنس نظريات المهزومين حتى لو ارتبطت بالأحلام النبيلة، فما بالك لو كانت هذه النظريات مرتبطة بشعارات لا تجد طريقها للتنفيذ. إن الاتحاد السوفيتى لم ينهزم فى صراعه الحضارى مع الغرب بفعل الدعاية الهوليودية فقط، ولكن لأن شعوبه لم تشعر بالسعادة.. لقد كان حلم المساواة والعدالة رائعًا حقًا، لكن صعوبات جمة وقفت فى طريقه، فلم يجد القادة السوفييت سوى القمع سبيلًا لإخراس الناس ريثما تتحقق المشاريع التى ستمنحهم السعادة!.

يضحكنى هذا التصور بشدة..أن يكون لدى الزعماء تصورات ومفاهيم عما يحقق مصلحة الشعوب، فلما تقصر أياديهم عن بلوغ الآمال يرجئون تلك الآمال لمراحل أخرى تكون فيها الظروف مواتية، ثم لا يجدون لمعالجة أحلام الجماهير التى تنتظر الفرج سوى القمع المؤقت الذى يتحول إلى سياسة دائمة مع وعد بأن المنّ والسلوى قادمان!. ولعل هذا يفسر الشراسة والغضب التى تبديها دول وشعوب المعسكر الشرقى الذى انفرط وتحلل تجاه روسيا التى كان عليها أن تتحمل أوزار التجربة السوفيتية، رغم أن روسيا الحالية نبذت الاشتراكية وانتقلت إلى الرأسمالية ولم تعد ترتبط بأفكار لينين وماركس على أى نحو. ما زالت التجربة المرة عالقة بالأذهان لدى كبار السن، أما الشباب الصغير فقد نشأ على أفكار العولمة الأمريكية، وصار يرى الغرب هو القائد والمعلم. لقد فعلت دول وشعوب المعسكر الشرقى هذا لأنها رأت روسيا نفسها تسعى للالتحاق بالمعسكر الغربى، ورأت بوتين يقترح على جورج بوش أن تنضم روسيا لحلف الناتو!.. فكيف بالله تظل شعوب أوروبا الشرقية على الولاء لأفكار تنكر لها أصحابها؟!.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفكار تنكّر لها أصحابها أفكار تنكّر لها أصحابها



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab