العراق وامتحان داعش وما بعدها

العراق وامتحان داعش وما بعدها

العراق وامتحان داعش وما بعدها

 العرب اليوم -

العراق وامتحان داعش وما بعدها

عريب الرنتاوي

سينجح العراق في اجتياز “امتحان داعش” مدعوماً بموقف إقليمي ودولي مُصمم على اقتلاع هذا التنظيم وتقويض “خلافته”، وسواء أتم ذلك في العام الجديد 2016 كما تعهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، ام في العام الذي يليه، لا فرق ... “داعش” بدأت رحلة التفكك والانهيار، والعراق سائر إلى مرحلة “ما بعد داعش”.
لكن ذلك لا يعني على الإطلاق، أن العراق قد دخل في مرحلة الشفاء والاستشفاء ... فتحديات المرحلة التي ستلي “داعش” لا تقل خطورة عن تحديات المرحلة التي بدأت باحتلاله الموصول في يونيو 2014، بل ويمكن القول: إنها أخطر من تحدي “داعش”، فالإرهاب وحّد العراقيين، أو جلب غالبيتهم العظمى على أقل تقدير، إلى الخندق ذاته في معركة الحياة أو الموت مع البربرية الجديدة ... لكن “ترتيبات” الأوضاع في المحافظات الغربية من جهة وإعادة التوازن إلى العملية السياسية من جهة ثانية، سيشكلان التهديد الأكثر “وجودية” للعراق، وسيترتب على الكيفية التي ستجري بها مواجهة هذا التحدي، تقرير مستقبل العراق ومصير وحدته الترابية وسيادته الوطنية.
المحافظات الغربية، أو “المكون العربي السني”، يتوزع إلى فئات وشرائح عديدة، منقسمة على ذاتها... هناك فئة من قادة هذا المكون تعمل تحت الأرض، وتناصب النظام أشد العداء ... وهناك فئة في السجون، التي تعج بالمئات والألوف من قيادات هذا المكون، الذين جرى تغييبهم خلف القضبان تحت شعار “اجتثاث البعث” أو بذريعة الحرب على الإرهاب ... وهناك قيادات عراقية وازنة ما زالت تعيش في المنفى، وتتنقل ما بين الأردن وتركيا والإمارات ومصر والعديد من دول المنافي والمهاجر .... وأحسب أن هذه القوى بمجموعها، والتي تتموضع خارج العملية السياسية والمؤسسات المنبثقة عنها، هي التي تحظى بالنفوذ والتمثيل للمكون العراقي السني.
وهناك من جهة ثانية، قيادات وأحزاب وشخصيات، منخرطة في العملية السياسية، وتمثل هذا المكون في الحكومة والبرلمان والمؤسسات، بيد أنها منقسمة على بعضها البعض من جهة، ونفوذها في أوساط هذه الفئة من العراقيين، محدود نسبياً، وبعضها متهم بكل سوءات نظام ما بعد 2003، وينظر إليها بوصفها جزءاً من المشكلة وليست جزءاً من الحل.
كيف ستدير الحكومة العراقية “المناطق المحررة” من “داعش” في المرحلة المقبلة، وكيف يمكن إعادة ضخ “جرعات” حقيقية من التوازن والعدالة في تمثيله في مؤسسات الدولة، توطئة لمصالحة وطنية تبدو حاجة ضرورية وأولوية أولى، إن أريد للعراق أن يظل “قطعة” واحدة، وأن يتغلب على رياح التشظي والانقسام.
وسيواجه العراق خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة، تحدياً اقتصادياً ومالياً استثنائيا، في ضوء انخفاض عائدات النفط وتضخم الإنفاق الجاري للدولة وارتفاع كلف الفساد وفواتيره، وإذا ما استمرت الحال على هذا المنوال، فقد تعجز الحكومة العراقية عن تسديد رواتب الموظفين، فيما يشبه “الإفلاس” ... وستواجه عملية إعادة المناطق التي تحررت من “داعش” تحديات جمّة ... وسيؤثر أي تأخير في عمليات إعادة الإعمار، الجهود الرامية لاستعادة الاستقرار السياسي بعد الانتهاء من استعادة الأمن للمناطق المحررة.
على الحكومة العراقية أن تشرع من الآن في بذل جهد استثنائي، من أجل التجسير مع المناطق الغربية، وتمهيد الطريق للمصالحة الوطنية، وبث رسائل الطمأنينة إلى هذا المكون ... وأحسب أن إقدام رئيس الحكومة على إصدار “عفو عام” عن المعتقلين والمطلوبين والمنفيين، هو المقدمة الأولى للمصالحة واستعادة التوازن للنظام السياسي .... إغلاق صفحة “الاجتثاث” التي تحولت من اجتثاث للبعث إلى اجتثاث للدولة ومؤسساتها، وإجهاز على تمثيل العرب السنة في العملية السياسية والمؤسسات المنبثقة عنها.
كما أن جهوداً مخلصة، تبذلها دول متحررة من الأجندات التوسعية في العراق وحروب الطوائف والمذاهب، بهدف “توحيد” مواقف التيارات والأحزاب والشخصيات العربية السنية، تبدو مهمة بالغة الأهمية والحيوية ... لقد حاولت قطر فعل ذلك قبل أشهر، لكن الدوحة من منظور عراقيين كثر، هي جزء من مشكلة بلادهم، وليست “وسيطاً نزيهاً” بين العراقيين ... في هذا السياق، يمكن للأردن أو مصر، أو كلا البلدين، وربما تحت مظلة الجامعة العربية، أن يقوما بمبادرة توحيدية لممثلي العرب السنة من جهة، وبينهم وبين الحكومة في بغداد من جهة ثانية، من أجل المساعدة في تمكين العراق من “تصفية ذيول” مرحلة داعش، والانطلاق لاستعادة الأمن والاستقرار، والاستعداد لمواجهة “التحدي الاقتصادي والمالي” الأخطر الذي ينتظره، سيما مع ارتفاع كلف الفساد وفواتيره على الاقتصاد العراقي، على أمل أن ينجح العراق ذات يوم في حفظ وحدته وسيادته واستعادة دوره.

arabstoday

GMT 08:48 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

الإنسانية لا تتجزأ….

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 01:31 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ممَّ يخاف كارل غوستاف؟

GMT 01:27 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

نهاية الحروب اللبنانية مع إسرائيل

GMT 01:24 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

مسألة «الصراع» و«القضيّة» اليوم!

GMT 01:21 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

هم يحيون بالتطرف... لا يستخدمونه فقط

GMT 01:18 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

لبنان العربي وعودة الدولة

GMT 01:15 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

قراءة في معاني انتخاب رئيس لبنان الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق وامتحان داعش وما بعدها العراق وامتحان داعش وما بعدها



أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ العرب اليوم

GMT 06:40 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 العرب اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 06:57 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
 العرب اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 01:12 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

ماذا يحدث في السودان؟

GMT 14:28 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

الجيش السوداني يتقدم في عدة محاور قرب ود مدني

GMT 11:51 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

نعم يا سِتّ فاهمة... الله للجميع

GMT 11:03 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

فئرانُ مذعورة!

GMT 14:39 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

زلزال شدته 4.2 درجة يهز شمال أفغانستان

GMT 14:59 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

إنتر ميلان يخطط للتعاقد مع دوناروما فى الصيف

GMT 06:40 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab