العيد في زمن حروب القبائل والطوائف والمذاهب

العيد في زمن حروب القبائل والطوائف والمذاهب

العيد في زمن حروب القبائل والطوائف والمذاهب

 العرب اليوم -

العيد في زمن حروب القبائل والطوائف والمذاهب

عريب الرنتاوي

احتفظت سوريا بالمكانة الأولى من بين الدول العربية جميعها، من حيث أعداد القتلى والجرحى الذين سقطوا في أيام عيد الفطر السعيد الثلاثة، تلتها العراق الذي يشهد منذ الإعلان عن "غزوة رمضان"، طوفاناً من التفجيرات والأشلاء والجثث الممزقة، أما كنانة الله في أرضه، فقد حلت ثانية من إعلان الجيش عن بدء فعاليات "حرب رمضان 2" ضد الإرهاب في العريش ورفح والشيخ زويد وباقي مناطق شمالي سيناء، وصولاً إلى القاهرة وبعض المدن المصرية، وحلّت تونس وليبيا في المرتبتين الرابعة والخامسة، في حروب القبائل والفصائل والجهاديين، من طرابلس وبنغازي إلى جبل الشعانبي ... ليأتي اليمن غير السعيد، في المرتبة السادسة بعد عودة "طائرات الدرون" لممارسة هوايتها في تقتيل "المجاهدين"، واستئناف الأخوة الأعداء حروب التصفيات والاغتيالات ... أما الأردن، فقد جاء في المرتبة السابعة من حيث الخسائر البشرية والضحايا في "حروب الطرق والشوارع" و"العنف المجتمعي" وفقاً لتقارير دائرة السير ومديريات الأمن العام. باختصار، هو عيدٌ دامٍ بكل المقاييس والمعايير، ولولا أنه يتعين على المسلمين إظهار السعادة بانتهاء شهر الفرائض والطاعات، لما أمكن وصفه بـ “العيد السعيد" أبداً ... فمن أين تأتينا السعادة، فيما الأخبار المتواترة من مختلف العواصم العربية، لا تبعث إلا على الكآبة والحزن الشديدين. هو ليس العيد الدامي الأول الذي يمر على الأمة، فقد سبقته أعياد وأعياد مترعة بروائح الدم والجثث المتحللة ... والمؤكد أنه ليس العيد الأخير من شاكلته وطرازه، الذي ينتظر الأمة في قادمات أيامها وسنيّها ... فليس في أفق المنطقة، ما يدفع على التفاؤل، بأن صراعاتها وحروبها البينية، قد تضع أوزارها قريباً، بل على العكس من ذلك، فإن كثيرٍ من المؤشرات، تؤكد أن حالة "الاهتياج" القبلي والطائفي والمذهبي، ستزداد احتداماً واهتياجاً مع كل قطرة دم تنزف من أجسادنا المتحللة. في حروب الطوائف والأقوام المذاهب، شهد العيد الذي نودّع، ومن قبله العشر الأواخر الأعلى منزلةً في رمضان المبارك، حدوث تطورات "نوعية" هامة، سيكون لها ما بعدها في رسم صورة المنطقة – وربما خرائطها – في المرحلة المقبلة: دخول كردستان على خط الصراع في شمال شرق سوريا بين أكرادها من جهة، وجبهة النصرة وحلفائها من جهة أخرى، وتهديدات مسعود البرزاني بأن قواته قد تدخل عمق الأراضي السورية انتصاراً لأشقائهم من أكراد سوريا إذا تطلب الأمر، ولنا أن نتخيّل ما الذي سيعنيه ذلك بالنسبة لمشروع "كردستان الكبرى" والعلاقات الكردية – العربية، وكيف ستستقبل أنقرة من جهة وحكومة المالكي، صديقة نظام الأسد، من جهة ثانية، تطوراً من هذا النوع. والتطور الثاني، إعلان النصرة والقاعدة في سوريا، بدء حرب تحرير الساحل السوري، ونجاحها في اقتحام ما يقرب من عشرة قرى علوية، وارتكابها فظائع يندى لها الجبين، من بقر بطون الحوامل إلى سحل الجثث وتقطيع الرئيس، والأهم، بث كل ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، صوتاً وصورة، ولنا أن نتخيّل، ما الذي سيستولده هذا العنف المذهبي من ردات فعل في الاتجاه الآخر، وكيف سيكون شكل سوريا وصورتها، إذا ما قُدّر للعبة استسقاء الدم، أن تتواصل وتعنف وتتسع نطاقاتها وميدانيها. وفي سيناء، ثمة "لغز" لم تنجح البيانات والبيانات المضادة في حله وتفكيك طلاسمه: هل دخلت إسرائيل الحرب ضد القاعدة في سيناء؟ ... هل استخدمت طائراتها من دون طيار في ضرب مجموعات جهادية؟ ... هل تم ذلك بعلم السلطات المصرية وموافقتها (أو طلبها)، كما تزعم الروايات المنبعثة من "منصة رابعة العدوية" أم من وراء وظهرها وبالضد من إرادتها؟ ... ما الذي حصل بالضبط، بانتظار أن يأتينا بالأخبار، من لم نزوّدِ! وحدها الضفة الغربية، الخاضعة للاحتلال والمهددة بالاستيطان، قضت عطلة مغايرة تماماً لكل العواصم العربية: أكثر من مليون فلسطيني وفقاً للأنباء زاروا القدس وصلّوا في الأقصى أو ذهبوا إلى شواطئ عكا ويافا وحيفا للاستجمام والاستحمام، بعد أن منحتهم إسرائيل تصريحات بالجملة، ولأول مرة بهذا الحجم، في مسعى لتنشيط سوق السياحة الإسرائيلي من جهة، وفي محاولة لتمكين الفلسطينيين من قضاء إجازة مؤقتة من نير الاحتلال (فورة السجين خارج زنزانته)، من جهة ثانية ... وفي دلالة لا تخطئوها العين المجردة، على استتباب الأمن للاحتلال وسلطاته من جهة ثالثة ... والحقيقة أن صور "المتنزهين" الفلسطينيين على شواطئ المتوسط، وإن كانت مُحمّلة بالفرح والسعادة المفتعلين والحذرين، بعثت فينا شعوراً بالكآبة، لا يقل عن ذلك المنبعث من صور الحروب والمعارك في سوريا والعراق ومصر وتونس وليبيا واليمن ... فهي هنا تعلن أو تكاد، عن انطفاء الصراع الرئيس مع العدو الرئيس، وهي هناك تشي بدخول الأمة عصر حروب الطوائف والقبائل والمرحلة الثانية من سايكس بيكو ... وكل عام وانتم بخير.

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العيد في زمن حروب القبائل والطوائف والمذاهب العيد في زمن حروب القبائل والطوائف والمذاهب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab