الغسـيـل المُعلــق على حبال الجمعية والجماعة

الغسـيـل المُعلــق على حبال الجمعية والجماعة

الغسـيـل المُعلــق على حبال الجمعية والجماعة

 العرب اليوم -

الغسـيـل المُعلــق على حبال الجمعية والجماعة

عريب الرنتاوي

أحاول عبثاً استذكار محطة واحدة في تاريخ الإخوان المسلمين في الأردن، الممتد على مسافة سبعة عقود خلت، بلغ فيها الخلاف أو قل الصراع الداخلي، حداً شبيهاً بما نشهده من “حرب إلغاء” بين فريقي الجماعة والجمعية ... لقد شهدت الجماعة انشقاقات وانسحابات، كبرت وصغرت، مرت عموماً بسلام، وبأقل قدر من الخسائر ... شهدنا على انبثاق حزب الوسط من رحم الجماعة، وبعدها “مبادرة زمزم”، وشهدنا انسحابات لقيادات صف أول، من عبد الرحيم العكور مروراً بعبدالله العكايلة وبسام العموش وغيرهم، من دون الوصول إلى لحظة “القطع” و”القطيعة” وإنكار الآخر أو السعي في إلغائه واستئصاله ... يبدو أن ثقافة الإلغاء والإقصاء و”حروب الأخوة الأعداء”، المتنقلة بين الساحات والتيارات العربية، قد اتخذت من الجماعة ساحة لتجريب مفاعليها، من دون أن نشهد إرهاصات على قرب الإفلات من هذا “الاستعصاء”.

كنا ننتظر من الجمعية، كما انتظرنا من زمزم، أن تأتينا بخطاب جديد، يعيد قراءة التجربة ويتوقف أمام مفاصلها الأساسية، يجد إجابات مبتكرة على أسئلة وثنائيات عالقة من نوع: السياسي والدعوي، الدين والدولة، الشريعة والدولة المدنية، الإسلام والديمقراطية، نظرة إلى حقوق الإنسان، موقف أعمق من ظواهر التطرف والغلو والإرهاب ... خطاب ينقل الجماعة أو يدفع باتجاه نقلها، إلى قلب عملية التحول الديمقراطي في البلاد ... خطاب يبعث برسائل اطمئنان إلى مختلف أطراف العملية السياسية (وليس النظام وحده)، ويسهم في إرساء أو استرجاع، مناخات الثقة المتبادلة، ويبدد الشكوك والمخاوف، ويبرهن على أن تجربة إخوان الأردن، ستختلف عن تجربة إخوان مصر وغزة ... لكن بدلاً من ذلك، رأينا الوقت والجهد، يصرفان بغزارة، على إدارة الخلاف مع الجماعة، لكأننا نحن الذين لا ننتمي لأي فريق من الفريقين المختصمين، لا خيار لنا سوى تأييد هذا أو ذاك، في “صراع الديكة” المكشوف، على النفوذ والزعامة والجاه والممتلكات.

في المقابل، كنا نتوقع وقفة متبصرة أمام “قضايا الخلاف” التي عصفت بالجماعة، وأفضت إلى سلسلة من الانشقاقات والانسحابات خلال السنوات العشر أو العشرين الفائتة ... كنا نأمل بمراجعات تطال بالأساس تجربة السنوات الأربع أو الخمس التي أعقبت ثورات “الربيع العربي” و”الحراك الشعبي/ الشبابي” في الأردن .

.. مراجعات لا تطال تجربة إخوان الأردن فحسب، بل وتتأمل في دروس نجاح وإخفاق تجارب إسلامية أخرى في الحكم، من تركيا حتى المغرب، مروراً بمصر وتونس، أقله لكي ترى الجماعة قبل غيرها، كيف أخفق بعض إخوانها ولماذا، وكيف نجح إخوان آخرون وكيف؟

لكننا رأينا جل طاقات الجماعة تنصرف في الدفاع والتبرير عن “الحالة القائمة”، تنظيمياً وسياسياً وفكرياً ... رأينا إدراكاً متأخراً لبعض التحديات، ومبادرات جاءت بعد “خراب البصرة” ... رأينا حرباً شعواء تشن على مهرجان جرش، بوصفه موطن الرذيلة والفسق أو لكأنه قضية القضايا، في استنساخ مقلق، لأكثر خطابات السلفية “الطالبانية” تشدداً من الناحية الثقافية والاجتماعية والمدنية، وبصورة تضرب عرض الحائط، بقيم التعددية وقبول الآخر واحترام التنوع.

ومما لا شك فيه، أن هبوط الخلاف بين الجماعة والجمعية، إلى هذا الدرك من الاستقطاب والحدّية، واقتصاره على أسئلة “الشرعية” و”الممتلكات”، واتخاذه شكلاً إجرائياً لا يتخطى “الإنذارات العدلية”، قد أفرغه من الكثير من معانيه ومضامينه، وأفقدنا نحن الذين نراقب عن كثب تطور خطاب الجماعة وممارستها، الاهتمام بمتابعة تفاصيل وصيرورة هذا الخلاف ... إذ من نافل القول، أننا غير مكترثين بحكاية لمن ستؤول ملكية هذا العقار أو ذاك، نحن نتحين فرصة الانخراط في حوار سياسي / فكري / فقهي، يفضي إلى تجديد في الخطاب وتسديد للممارسة.

نحن أقرب ما نكون بإزاء عملية نشر غسيل الإخوان على حبال الجمعية والجماعة ... هكذا ببساطة، من دون زيادة أو نقصان ... فيما اللحظة السياسية الراهنة، إخوانياً وأردنياً وإقليمياً، تبدو حافلة بالتطورات والمنعطفات، وتحتاج إلى تركيز الجهد على ما ينفع الناس ويبقى في الأرض ... وإن ظل الحال على هذا المنوال، فليس مستبعداً أن تستمر عملية “التآكل الذاتي” للقدرات والمكانة والصدقية والنفوذ، إلى أن تصل إلى أسوأ النهايات والخواتيم ... وتلك نتيجة، لا يشتهيها أحدٌ، لا للإخوان ولا للأردن من باب أولى.

وما زال في الوقت متسع لمبادرات إنقاذية وتجسيرية، يطلقها ويسهر عليها حكماء الجماعة وشباب الحركة ... كما أن الباب ما زال مفتوحاً لجهود تبذل من خارج الجماعة، شريطة أن تتوفر النية والرغبة والاستجابة، لدى أطراف الصراع المعلنة والمُستقطَبَة، أو تلك الغاطسة تحت سطح التنظيم، فليست الجماعة على قلب رجل واحد، والجمعية/ زمزم ليست كذلك، ولقد آن الأوان للإفلات من قبضة “الخيارات الصفرية”.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغسـيـل المُعلــق على حبال الجمعية والجماعة الغسـيـل المُعلــق على حبال الجمعية والجماعة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 04:43 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

استشهاد فلسطيني وإصابة آخرين شمالي القدس

GMT 04:48 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أشرف بن شرقي يوقع للأهلي بمليون ونصف دولار

GMT 05:15 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

مقتل شخص وإصابة 8 آخرين بإطلاق نار في تكساس الأميركية

GMT 04:40 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

تغيير موعد مباراة منتخب مصر لليد مع فرنسا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab