تحت ستار الحرب على الإرهاب

تحت ستار الحرب على الإرهاب

تحت ستار الحرب على الإرهاب

 العرب اليوم -

تحت ستار الحرب على الإرهاب

عريب الرنتاوي

أماط التدخل الروسي الكثيف في ميادين الحرب في سوريا وعليها، القناع عن “حرب أجندات” حقيقية، تدور رحاها في سوريا وعليها، ودائماً بذريعة الحرب على الإرهاب وتحت ظلالها.
الانتقادات التركية – السعودية – القطرية، المدعومة من واشنطن وباريس، لاستهداف الطيران الروسي مواقع “جيش الفتح” في إدلب وريف حماة وشمال اللاذقية، كشفت عن جانب واحدٍ من الصورة: هذه الأطراف، وتحت ستار الحرب على داعش، تدعم قوى جهادية أخرى، بعضها يتبع القاعدة رسمياً: النصرة، وبعضها الآخر، لا تفصله عنها سوى فوارق تكتيكية ضئيلة: أحرار الشام، حيث يشكل الفصيلان، العمود الفقري لما يسمى بـ “جيش الفتح”، والذي تفضل أوساط المعارضة على إسباغ صفة الاعتدال عليه، بل وتنسبه إلى “الجيش السوري الحر”، مع أننا نعرف كغيرنا، أن هذا “الجيش” بات أثراً بعد عين، ولم يعد يتحكم سوى ببؤر معزولة من المناطق السورية، وأن بقاءه بات مشروطاً بدرجة رضا “النصرة” و”الأحرار” عليه.
وسائل إعلام هذه العواصم، كما أوساطها الدبلوماسية، استعادت من جديد، “رواية” الجيش الحر والمعارضة المسلحة المعتدلة، ولقد سمعنا بالجيش الحرفي غضون أيام ثلاثة، أعقبت القصف الجوي الروسي لأهداف في سوريا، كما لم نسمع به طوال أشهر عديدة ... لا أحد في هذه العواصم، ولأسباب معروفة، يريد أن “يُعرّف” القوى التي تستهدفها الطائرات الروسية، بغير عبارة “الجيش الحر” أو “المعارضة المعتدلة”، مع أن القاصي قبل الداني، يدرك تمام الإدراك، أن “جيش الفتح” ليس في واقع الحال، سوى الوجه الآخر لـ “داعش”، وأنه في أحسن الأحوال، ينتمي إلى “القاعدة وأخواتها”.
هنا تتضح أجندة هذا المحور: تحت ستار الحرب على “داعش” والإرهاب، يجري صرف الأنظار عمّا يجري في شمال غرب سوريا، ويقوم طيران التحالف منذ عام أو يزيد، بتوجيه ضربات غير مركزة وغير مؤثرة، على أهداف لـ “داعش” في شمال شرق سوريا، فيما المعركة الحقيقة تجري في مكان آخر، وهدفها الاقتراب من “معاقل” النظام، ومن حصنه الساحلي المنيع، وفيما الحسابات الدفينة، تستهدف إسقاط اللاذقية، حيث الكثافة السنيّة، لتأمين موطئ قدم لهذه القوى ورعاتها الإقليميين والدوليين، على شاطئ المتوسط.
في المقابل، بتنا نعلم كما تعلمون، أن “نقطة التحول” التي جاءت بالدب الروسي إلى سوريا بكل ثقله، إنما بدأت من إدلب وجسر الشغور وسهل الغاب، فبعد سقوط هذه المناطق في يد النصرة، وتحت مسمى جيش الفتح، وبدعم مباشر، وتسهيلات لوجستية وعسكرية تركية وخليجية، قررت موسكو أن تتدخل، وأن تتدخل بقوة لحماية “سوريا المفيدة”، وتأمين قاعدتها البحرية الوحيدة في المياه الدافئة، وحماية الحليف الأبرز لها في المنطقة: النظام السوري.
ما كان بإمكان روسيا أن تدخل الحرب في سوريا تحت هذه الشعارات “الفاقعة”... كان لا بد من الاستظلال بالحرب على “داعش” والإرهاب، للتغطية على “التوغل” العسكري الروسي في المنطقة، مع أن موسكو والحق يقال، كانت أكثر شفافية في خطابها السياسي، فهي لم تخف دعمها للأسد ونظامه وجيشه، بل صرحت به على أرفع المستويات، في حين، مارس الغرب وبعض عواصم العرب والإقليم، ضروباً من “التقية” و”التورية” عند الحديث عن حربهم على الإرهاب، إذ باستثناء بعض الضربات المتفرقة ضد أهداف لجبهة “النصرة”، لم يقم طيران التحالف الدولي باستهداف الإرهاب في شمال غرب سوريا، واكتفى بإثارة زوابع من الغبار والدخان في شمالها الشرقي، مع أن الدول المنضوية في هذا التحالف، قررت بالإجماع، لفظياً على الأقل، بأن “النصرة” هي فصيل إرهابي، وأنها الابنة الشرعية للقاعدة، وأنها مشمولة بالحرب على الإرهاب.
واشنطن وأنقرة وبعض حلفائهما من عرب الخليج، يعتمدون “تكتيك” المفاضلة بين إرهاب قذر وإرهاب نظيف، إرهاب تتوجب محاربته، وآخر يمكن “تحييده”، هم لا يقولون ذلك علناً (بعضهم يقول ويسعى لتسويق النصرة وإعادة تأهيليها كقطر والسعودية وتركيا)، ولكنهم جميعاً يمارسون هذه “المفاضلة” فعلياً وعلى الأرض، ومن يتتبع سجل العمليات الجوية للتحالف فوق سوريا، يدرك هذه الحقيقة، كما أن الدعم الكثيف لما يسمى بـ “جيش الفتح” يفضح هذه النوايا والأجندات.
في المقابل، كانت الدوافع الروسية للمشاركة في هذه الحرب، أكثر من مفضوحة ومكشوفة، موسكو لم تطق صبراً، ولم تنتظر مرور بضعة أيام على مشاركتها في الحرب، بل شرعت منذ الطلعات الأولى لسلاحها الجوي، باستهداف مكونات “جيش الفتح” والمعارضات عموماً في المناطق المُهدِدة لـ “سوريا المفيدة”، كثفت ضرباتها ضد أهداف في حمص وإدلب وريف حلب وشمال اللاذقية، في سيناريو بات مقروءاً لكل من يراقب الأزمة السورية عن كثب.
نحن إذن أمام معسكرين مصطرعين، يجمعهما شعار الحرب على الإرهاب وتفرقهما المصالح المتضاربة والأجندات المصطرعة ... الأول يتطلع لحشر النظام في أضيق الزوايا، في مأمنه، والثاني يسعى في حمايته وتحصين قواعده ووجوده، وإن استمر الحال على هذا المنوال، فإن من المرجح للحرب على الإرهاب أن تستمر طويلاً، بل وطويلاً جداً، طالما أنها ما زالت في أسفل قائمة أولويات المحتربين والمصطرعين، وطالما ظلت “الأجندات الخفية” متحكمة بوضع القرارات وصياغة الاستراتيجيات، ودائما تحت شعار فضفاض واحد: الحرب على الإرهاب.

arabstoday

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 06:21 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 06:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحت ستار الحرب على الإرهاب تحت ستار الحرب على الإرهاب



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab