حرب التسريبات ومستقبل العلاقات المصرية الخليجية

حرب التسريبات ومستقبل العلاقات المصرية -الخليجية

حرب التسريبات ومستقبل العلاقات المصرية -الخليجية

 العرب اليوم -

حرب التسريبات ومستقبل العلاقات المصرية الخليجية

عريب الرنتاوي

قيل الكثير في “النوايا الخبيئة والخبيثة” الكامنة وراء تسريب ونشر وإعادة نشر، الشريط المنسوب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي تضمن عبارات قاسية بحق دول وحكومات وقيادات خليجية، ووجهت الاتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بالمسؤولية عن التهريب والتسريب ... لكننا لم نسمع حتى الآن، كلاماً صريحاً وقاطعاً، عمّا إذا كان “الشريط / التسريب”، صحيحاً أم لا، وسنحتاج لبعض الوقت للتعرف على الأثر الذي سيحدثه على العلاقات المصرية – الخليجية بعامة، والمصرية – السعودية بخاصة.
الحديث عن “أنصاف الدول” المنسوب للسيسي، يذكر بخطاب “أنصاف الرجال” للأسد، والذي وإن لم يترك أثراً فورياً على العلاقات السورية الخليجية، إلا أنه كان محركاً لمواقف عدائية أبدتها أطراف خليجية عديدة للنظام السوري، ما إن لاحت أول فرصة لتسوية الحساب مع اندلاع شرارات الربيع العربي في سوريا في ربيع العام 2011.
من مصلحة الإخوان المسلمين، الجهة المتهمة بالتسريب، أن تصل العلاقات بين دول الخليج والنظام المصري الجديد، إلى طريق مسدود ... فالنظام أطاح بأول تجربة لهم في الحكم، والدول الخليجية كانت الداعم الأكبر له، سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً، والأهم مالياً ... وبهذا المعنى، فقد تصرفت الجماعة كما تتصرف أية جهة سياسية، من منطلق الحسابات والمصالح، بعيداً عن الإطار الأخلاقي والقيمي، الذي لا مطرح له في عالم السياسة، لا عند الإخوان ولا عند غيرهم.
للإخوان المسلمين مصلحة عميقة في إحراج نظام السيسي وإخراجه، ولا تعادل هذه المصلحة عندهم، سوى مصلحتهم في استعادة علاقات وطيدة مع المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج ... ولهذا رأينا تزامناً من نشر التسريب المذكور، توجيه الجماعة لرسائل تهنئة للقيادة السعودية الجديدة، محمّلة بكل المشاعر الرقيقة والرغبات الصادقة في استعادة دفء العلاقات، والعودة إلى عصور التحالف في مواجهة الأخطار المشتركة.
الأحاديث المنسوبة للسيسي على قسوتها، لن تسهم في تقرير مسار العلاقات المصرية – الخليجية (السعودية)، فالعلاقات بين الدول تقررها المصالح العميقة والحسابات المعقدة، أما “الكيمياء” بين أهل الحكم والسياسة، فتلعب دورها كعامل مساعد في تطوير أو تقليص مساحات التعاون والعمل المشترك، وفي خلق “الحافزية الشخصية” لتطوير هذه العلاقات ... ولو كانت العلاقات الشخصية هي المحرك والمقرر في العلاقات الدولية، لكانت إسرائيل في ظل نتنياهو في عزلة دولية خانقة.
لكن مما لا شك فيه، أن مثل هذه التسريبات تؤشر – ربما – إلى نهاية شهر العسل غير المسبوق في العلاقات المصرية – السعودية، ولا أحسب أن هذه العلاقات ستعود إلى “دفئها” السابق .... برغم التصريحات والاتصالات المتبادلة والمعلنة بين الجانبين، والتي تؤكد في مجملها على “عمق” العلاقات واستراتيجيتها ومتانتها... وبهذا المعنى، يمكن القول إن التسريب حقق أهدافه، برغم حملة الاتهامات و”الشيطنة” التي تعرضت لها الجهة المُسرِّبة.
الرأي العام على ضفتي مصر والخليج، بدا منقسماً بدوره ... المصريون من خصوم النظام وجدوا في المناسبة ضالتهم لتصفية الحساب مع عهد كامل، وبدا أن لسان حالهم يقول: ألم نقل لكم؟ ... فيما الوضع لم يكن مختلفاً على الضفة الخليجية، فمن مشكك بالشريط ونوايا الجهات التي تقف وراء تسريبه، وداعٍ إلى تشديد الحملة على الإخوان وتمتين أواصر العلاقات المصرية – الخليجية، إلى غاضب يدعو لإعادة النظر في العلاقات مع القاهرة، وإغلاق “حنفية” المساعدات المالية والاقتصادية، بل وربما إلى ما هو أبعد من ذلك.
التسريب الأخير، ليس الأول من نوعه، فقد أعقب سلسلة من التسريبات التي ذهبت في كل اتجاه، لكنه الأول الذي يمس علاقات مصر مع أطراف خارجية ... الأمر الذي يطرح فيضاً من الأسئلة حول “كفاءة الإدارة” وقدرة القيادة على التحكم بمفاصل العمل في أعلى قمة هرم السلطة، فضلاً عن حجم “الاختراقات” التي تجابه مؤسسات صنع القرار السياسي/ العسكري والأمني في البلاد.
لم يكن ينقص النظام المصري الجديد، سوى هذه “الزوبعة” التي أثيرت في قلب الدائرة الأضيق من حلفائه ... فالإرهاب المتفشي في سيناء والوادي، يحصد العشرات من الأرواح شهرياً، والشرطة تعاود هوايتها في ممارسة “العصا الغليظة” على المحتجين وجمهور كرة القدم ... أما النظام القديم، فيعود بكل صوره ورموزه من نافذة ثورة يونيو بعد أن خرج منها من باب ثورة يناير.
“مصر التي في خاطري”، يبدو أنها لم تغادر بعد، مربع الخطر، والأيام القادمة يبدو أنها ستظل حبلى بالمفاجآت.

 

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب التسريبات ومستقبل العلاقات المصرية الخليجية حرب التسريبات ومستقبل العلاقات المصرية الخليجية



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab