حوارات موسكو ومبادئها

حوارات موسكو ومبادئها

حوارات موسكو ومبادئها

 العرب اليوم -

حوارات موسكو ومبادئها

عريب الرنتاوي

لم يكن غياب “الائتلاف الوطني” مشكلة “منتدى موسكو” الوحيدة، فلو حضر الائتلاف لزادت المناقشات تعقيداً من دون أن يؤثر ذلك على نتائج الاجتماعات ... المشكلة الأهم تكمن في كون المعارضات السياسية، داخل وخارج، لا تمتلك تمثيلاً فعلياً أو تأثيراً ملموساً على الأرض، وتوقيعها على أي اتفاق، لا قيمة له، طالما أنها لا تستطيع أن تضمن وقفاً لإطلاق النار، أو تتوفر على وسيلة لفتح ممر آمن لإدخال مواد غذائية ودوائية لأي من المناطق المحاصرة ... مشكلة هذه المعارضات، وتحديداً بعد أربع سنوات من اندلاع الأزمة السورية، أن مرور الزمن، يقلص نفوذها وتأثيرها وصدقيتها.
انتهت المعارضات في سوريا بعد أربع سنوات من الحرب فيها وعليها، إلى وضعية أكثر شبها وتعقيداً بحال المكون العربي – السني في العراق ... القوى الناشطة سياسياً والمتمثلة في الحكومة والبرلمان، لا تمتلك من أمر هذه المناطق والمحافظات شيئاً، فيما القوى المؤثرة والفاعلة والمقررة على الأرض، لا وجود لها ولا مطرح في فضاء العملية السياسية ومؤسساتها التمثيلية والتنفيذية، الأمر الذي أعطى للقوى المتطرفة الفرصة لملء الفراغ وفرض أمر واقع جديد على الجميع.
انتهى “المنتدى” إلى “مبادئ موسكو”، قبلت بها بعض القوى المشاركة في الحوارات وعارضتها قوى أخرى، حتى أن بشار الجعفري قال إن الخلاف الرئيس في المؤتمر، إنما كان بين وفود المعارضات ذاتها، وليس بينها وبين وفد النظام ... وقبله كان الرئيس الأسد، يفضل حواراً مع “معارضات مسلحة” تمتلك التأثير والفعل على الأرض على معارضات سياسية لا تمتلك من أمرها شروى نقير.
قد يقول قائل، وما الجديد في موقف ممثلي النظام من المعارضات السورية، فهو لطالما أنكر وجودها، ولطالما عمل على “تدعيشها” واستخف بوزنها التمثيلي، وأن ما يتذرع به هؤلاء ليس سوى “تكتيك” الهدف منه هو التهرب من استحقاقات الإصلاح وموجبات الانتقال السياسي بسوريا ومقتضياته .... والحقيقة أنه من دون إغفال هذا المعطى، فإن التأمل في ضعف المعارضة وشرذمتها، لا بد يقود إلى الاستنتاج ذاته: من يحاور من، ومن يمثل هؤلاء؟
خلال الأشهر الممتدة الماضية، لم يمتلك أي ممن التقيناهم من دبلوماسيين وباحثين غربيين، غير الإقرار بالواقع الضعيف والعاجز للمعارضات السورية، خصوصاً “ائتلاف إسطنبول”، ولقد مضى وقت طويل لم نقرأ فيه أو نسمع حديث عن رهانات او آمال معقودة على هذه المعارضات أو تعويل عليها ... وأحسب أن ما يطيل أمد هذه المعارضات، ويُبقي “الطلب” عليها مرتفعاً نسبياً هو خشية المجتمع الدولي، بمن في ذلك روسيا، من وضع مختلف الأوراق في سلة النظام، أو التعامل معه بوصفه القوة الوحيدة المناط بها محاربة داعش ورسم مستقبل سوريا ... وبهذا المعنى، فإن المراقب يراوده شعور عميق، بأن اللاعبين الإقليميين والدوليين على حد سواء، كانوا سيعمدون إلى “تصنيع” معارضة لو لم تكن هذه المعارضات موجودة، فهي مطلوبة ليس لذاتها ولا لنفوذها وتمثيلها، بل لكسر احتكار النظام للسلطة، وعدم تسلميه وحده راية المستقبل السوري.
في الخارج على سبيل المثال، ثمة 200 إلى 300 شخصية سورية، تتبادل المواقف والاصطفافات وتتوزع على العواصم والمحاور الإقليمية والدولية ... لكأننا أمام نادي مغلق، عضويته غير مفتوحة للجمهور ولا يقبل بأعضاء جدد، مع أن الباب مفتوح لمن يريد المغادرة إلى غير رجعة ... مجاميع تنشأ وتنحل، أطر تخلق على عجل في هذه العاصمة ليعاد تفكيكها وإعادة تركيبها بالطريقة ذاته في العاصمة تلك ... الوجوه ذاتها والأشخاص أنفسهم، لكن الرايات و”اللوغوز” هي التي تتغير ... كثبان متحركة للمواقع والمواقف والتحالفات والائتلافات ... كل ذلك، يجري في إطار هذه “الحلقة المغلقة” التي تطلق على نفسها معارضة الخارج، ولا تكف عن الاجتماعات والمؤتمرات، التي كلما تكاثرت، كلما تضاءلت فاعليتها.
لهذا لم يكن مهماً أن يحضر الائتلاف أو يغيب، أو أن تهبط هيئة التنسيق بسقف تمثيلها إلى موسكو أو ترتفع به، كما لم يكن مهماً أن يحضر تيار بناء الدولة أم يقاطع ... المؤتمر سيعقد “بمن حضر”، هكذا قالت موسكو، وقد انعقد، وسيواصل الانعقاد بمن حضر كذلك ... حتى خصوم النظام السوري والعاصمة الروسية، لم يلتفوا كثيراً لمن حضر أو غاب ... واشنطن دعمت مسعى موسكو، ونصحت أصدقاءها في المعارضة بالمشاركة، لكنها لم “تقاتل” في سبيل تمثيل هذا أو استبعاد ذاك، كما حدث في جنيف، كذلك الحال بالنسبة لعواصم إقليمية ودولية ... لم يعد الأمر مهماً، فالجميع يدركون أن فرقاً لن يحدث، وأن وزناً لن يضاف أو ينقض بخضور هذه المجموعة أو غياب تلك.
من أيد مبادئ موسكو من المعارضات لن يكون بيده أو من ضمن طاقته وولايته، تنفيذ أي منها، حتى ولو على مستوى إدخال شحنة غذاء أو دواء لهذا الحي أو تلك البلدة ... ووفد النظام الذي لم يجد صعوبة في قبول المبادئ المذكورة، طالما أنها لا تتطرق لمصير النظام والرئيس ومرحلة الانتقال، حضر من باب “لزوم ما لا يلزم” ولتفادي إحراج “الحليف الاستراتيجي”، والمسألة برمتها، لم تتجاوز هذه الحدود.
وأعجب من النظام ووفده الذي يمتنع عن تنفيذ بنود الإعلان من جانب واحد ... وأتساءل لماذا يصر النظام على إعطاء هذه “الورقة” للمعارضة، أليس بمقدوره أن يشرع غداّ في الإفراج عن معتقلي الرأي بدءاً من النساء والأطفال، لماذا يراد تصوير المسألة بوصفها انتصاراً للمعارضة وإنجازاً لها تحت الضغط ... ألا يمكنه المباشرة دون إبطاء في عرض إجراءات بناء الثقة، التي تحدث عن إعلان موسكو ... لماذا لا يبادر النظام إلى فعل كل ذلك، ومن جانب واحد، ومن دون مفاوضات أو من يتفاوضون؟ ... أحسب أن بمقدور النظام إن هو أراد حلاً، أن يبدأ من جانب واحد، بتنفيذ مبادئ موسكو، ألم يقل معارضون أنهالم تأت بحرفٍ واحدٍ زائد عن وجهة نظر السلطة؟

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوارات موسكو ومبادئها حوارات موسكو ومبادئها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab