«دولة» رئيس مجلس النواب

«دولة» رئيس مجلس النواب

«دولة» رئيس مجلس النواب

 العرب اليوم -

«دولة» رئيس مجلس النواب

عريب الرنتاوي

يطلق اللبنانيون على رئاسة مجلس النواب وصف “الرئاسة الثانية”، رئاسة الجمهورية تحتل المكانة الأولى في “ترويكا” الرئاسات، أما المكانة الثالثة فمن نصيب رئيس الحكومة.
ويحظى رئيسا النواب والحكومة بلقب “دولة الرئيس” وكذا الحال بالنسبة لنائبيهما، أما الرئاسة الأولى فتحظى بلقب الفخامة، ويكتفي باقي السادة والسيدات، من المسؤولين والمسؤولات، بما هو دون ذلك من ألقاب كأصحاب “المعالي” و”السعادة” و”السماحة” و”النيافة”.
على أية حال، ليس النظام السياسي اللبناني، نموذجا ملهما يمكن استحضاره أو التوصية باستنساخه في أي بلد على الإطلاق، لكن اللافت للنظر، أنه نظام يحترم – بروتوكوليا – على الأقل، مكانة السلطة التشريعية، ودورها المحوري المقرر في النظام السياسي، وهذه الفكرة / الرسالة، تجدها في كل برلمانات العالم الديمقراطي الحر ومجالسه التمثيلية المنتخبة.
في الأنظمة الديمقراطية، تحتل السلطة التشريعية مكانة مقررة، لا لأدوارها التقليدية في الرقابة والتشريع، ولا لأنها تمنح الثقة أو تحجبها عن الحكومات فحسب، بل لكونها أيضا، “الحاضنة الدافئة” التي تفرخ الحكومات البرلمانية، أو تتقدم إليها الأنظمة الرئاسية متوسلة الموافقة على ترشيحاتها للمناصب الأساسية في السلطة التنفيذية، حيث يخضع موظفو الدرجة “الممتازة” لامتحانات عسيرة قبل تعيينهم، من قبل مجالس النواب والشيوخ، وفي الولايات المتحدة، ثمة ثلاثة آلاف وظيفة عامة، بحاجة لمصادقة الكونغرس على من يشغلها كما أخبرنا بالأمس، دولة رئيس الوزراء عبد الله النسور.
في الأنظمة الديمقراطية، لا توجد مؤسسة خارج إطار مساءلة السلطة التشريعية ومحاسبة لجانها المختصة، بما في ذلك تلك المؤسسات التي يقوم عملها على السرية التامة، ويفترض تمتعها بالصلاحيات الكاملة، كالأجهزة الأمنية والعسكرية، الأمر الذي يجعل منها سلطة مهابة الجانب، لها سطوتها واحترامها التي لا تخترق مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وعدم تغوّل إحداها على الأخرى، وهنا أيضاَ نعود لدولة رئيس الحكومة الذي شدد بالأمس، أن إحالة تعيين قائد الجيش والمخابرات حصرياً لجلالة الملك في التعديلات الدستورية الأخيرة، لا تمنحهما الحصانة من المحاسبة والمساءلة.
في الأردن -كما في كثير من دول العالم الثالث- تحظى السلطة التشريعية – نظريا – بمكانة مشابهة وصلاحيات دستورية تكاد تكون مطابقة لنظيراتها في الديمقراطيات الراسخة، بيد أن المسافة بين “نظريا” و”عمليا” تبدو واسعة بعض الشيء، وهي تضيق حينا وتزداد اتساعا أحيانا أخرى، تبعا لتوازنات القوى وشخصية كل من رئيس الحكومة والمجلس، وقانون الانتخاب وغير ذلك، لكن الثابت في البروتوكول والأعراف والتقاليد، أن السلطة التشريعية في بلادنا ما زالت تحتل مكانة تالية لمكانة السلطة التنفيذية التي تجسدها الحكومة، ولا أحسب أن للأمر صلة بالدستور، بل يمكن القول إن الدستور وضع النيابة والملكية الوراثية كعمودين لنظامنا السياسي، أما بينهما، وما عداهما، فهم موظفون عموميون بدرجات مختلفة من الرفعة.
في السجال الذي يحتدم أحياناً بين بعض النواب وبعض الصحافة، وفي تعليقات المواطنين وانتقاداتهم لأداء النواب أفرادا وكتلا ولجانا ومجلسا، يختلط الحبال بالنابل، نحاسب النواب على ما هو ليس من صلاحياتهم دستوريا، ونخلط بين رفضنا لقانون جاء بنواب غير أكفّاء وغضبنا على شخوص النواب أنفسهم، وفي جميع الحالات يبلغ بنا الأمر حد الإساءة لهذه “السلطة” والمس بهيبتها وموقعها في نظامنا السياسي، وهذا خط أحمر لا يجوز تعديه واجتيازه، واقترح أن نشرع بعملية إعادة الاعتبار للسلطة التشريعية، دورا وهيبة ومكانة، بدءا بالبروتوكول والمراسم، فنسبغ على رئيسها لقب “دولة رئيس مجلس النواب”، ونقدمه في لائحة التشريفات على “دولة رئيس الوزراء”، ثم نتخطى الجانب البروتوكولي إلى تحسين الأداء، بدءاً بإصلاح قانون الانتخاب وتطوير النظام الداخلي للمجلس، وانتهاء بتمكين السادة النواب وتزويدهم بكل ما يساعدهم على القيام بأدوارهم على أكمل وجه... نتحدث عن الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والتربوي، وأحسب أنه لا ضير من الحديث عن “إصلاح البرتوكول والمراسم” لتنسجم مع توجهنا نحو الحكومات البرلمانية والملكية الدستورية.
أمس، كنّا من بين المحتفين والمحتفلين بالذكرى السنوية الأولى لتأسيس ملتقى البرلمانيات الأردنيات، وتحت رعاية رئيس المجلس، الذي حار الجمع في مخاطبته، واختيار أي لقب يسبغونه عليه، منهم من قال “سعادة” ومنهم من قال “عطوفة”، وأنا شخصياً خاطبته بـ “معالي”، مع أنها لا تفي بالمقام، فموقع رئيس المجلس، أكثر أهمية من الناحية الدستورية والرمزية والدلالية من أي موقع وزاري في أي حكومة وعلى رأس أية وزارة، بل أنني أظن أنه يتقدم على موقع رئيس الحكومة، لا سيما أنه يمثل السلطة التي تمثل الشعب في “العقد الاجتماعي” بين الدولة ومواطنيها.
أخيرا، أرجو ألا يُفهم من اقتراحي، أنني منحاز لشخص رئيس المجلس أو غاضب على شخص رئيس الحكومة، فالاحترام للرجلين محفوظ وموفور، والمسألة -من قبل ومن بعد- تتخطى الأفراد إلى السلطات والمؤسسات، وتتجاوز الحكومة الحالية والمجلس الحالي، وهذا استدراك لا غنى عنه في الحالة الأردنية المثقلة بالشخصنة البغيضة والتأويلات المجنّحة.

 

arabstoday

GMT 01:51 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 01:47 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 01:43 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 01:41 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 01:31 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 01:27 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 01:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«دولة» رئيس مجلس النواب «دولة» رئيس مجلس النواب



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab