عن التحليل السياسي والتهريج الدعائي

عن "التحليل السياسي" و"التهريج الدعائي"

عن "التحليل السياسي" و"التهريج الدعائي"

 العرب اليوم -

عن التحليل السياسي والتهريج الدعائي

عريب الرنتاوي

يجهد الثرثارون على ضفتي "الجرف المذهبي" الذي يشق سوريا وجوارها، في البحث عن "شهادة إسرائيلية" يسوّغون بها مواقفهم ويسوقون بها انحيازاتهم..النظام ومؤيدوه، يلتقطون كل شاردة وواردة تصدر عن إسرائيل أو منها، للبرهنة على صحة "نظرية المؤامرة"، واختزال المعارضة السورية بـ"حفنة من العملاء والمتآمرين"..أما خصوم النظام، ومؤيدو المعارضة المسلحة، خصوصاً الإسلامية منها، فلا يتركون مقالاً أو تصريحاً يُظهر تفضيل إسرائيل للنظام على المعارضة، حتى يتخذون منه سلاحاً للذود عن مواقفهم المتقلبة وانحيازاتهم الجديدة (القديمة على أية حال)، وللبرهنة على أنهم ما زالوا على "عهد المقاومة وطريقها"، بدلالة أنهم يقاتلون نظام الأسد، الأثير على قلوب الإسرائيليين (؟!). إسرائيل من جهتها، تعطي الفريقين كل ما يحتاجانه في هذا السجال المحتدم..لا لأنها تقصد أن تفعل ذلك، فهي الأقل اكترثاً بهذا الجدل البيزنطي، بل لأنها منقسمة على نفسها في الموقف من الأزمة السورية، تماماً مثلما هو الحال في جميع الدول والعواصم المعنية بالأزمة السورية..من إيران حتى واشنطن، مروراً بموسكو والرياض وعمان والدوحة وأنقرة والقاهرة، وعلى المستويين الرسمي والشعبي..أليس هذا هو واقع الحال من حولنا؟ ثمة "تهريج دعائي" يتدثر بلبوس "التحليل السياسي" القويم، يقول أن تل أبيب تفضل بقاء الأسد على وصول المعارضة للحكم..يستند أصحابه إلى تصريح هنا أو مقالة هناك، ومنها تسريبات أمنية لصحف عالمية..وثمة "تهريج" آخر، لا يقل سذاجة عن الأول، يقوم على اتهام المعارضة،  سيما "النصرة" و"الجهاديين" بأنهم أدوات من صنع إسرائيل، مجندة لخدمة مصالحها واستراتيجياتها، ودائماً يجد هؤلاء ما يدعمون به منطقهم، في ركام المقالات والتصريحات الصحفية الإسرائيلية. البروفيسور إيتمار رابينوفيتش، السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن ورئيس سابق لجامعة تل أبيب، ونائب رئيس معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، كتب قبل أيام متفحصاً دقائق الموقف الإسرائيلي من نظام الأسد والأزمة السورية، والمراحل التي مرّ بها هذا الموقف..مشّرحاً الانقسام داخل النخبة السياسية والأمنية الإسرائيلية، وحجج وذرائع كل طرف من الأطراف. "شيطان نعرفه أفضل من الشياطين التي نعرف"، هي العبارة التي سربتها التايمز اللندنية على لسان مسؤول أمني إسرائيلي رفيع، وقد بنى عليها كثيرون ركاماً من التحليلات الهاذية..لكن رابينوفيتش يكشف أن قائل هذه العبارة هو أريئيل شارون، وفي وصف نظام الرئيس بشار الأسد، وأمام جورج بوش الذي كان يفكر في "قلب النظام" في دمشق، انتقاماً لدوره في دعم المقاومة والجهاديين العراقيين في العام 2005..ودائماً لنفس الأسباب والمبررات التي تساق اليوم، في معرض الدفاع عن "نظرية الشيطان الذي نعرف.."، ولعل أهمها أن الأسد حول الجيش السوري إلى "حرس حدود" لضمان "صمت المدافع على الجولان". في المقابل، يشرح البروفيسور الإسرائيلي، دوافع ومبررات التيار الذي يتحدث عن ضرورة دعم "التغيير" في سوريا، وفتح أبواب الحوار والعلاقة مع البدائل المحتملة للنظام، مقللاً من شأن الخطر الأصولي، الذي لن يتخطى في أسوأ حالاته، حدود التهديد الأمني، وبمقدور إسرائيل التعامل مع تبعاته..أما بقاء الأسد في السلطة، فهو خيار محمّلٌ في طياته بعناصر "تهديد استراتيجي"، إذ يحيل سوريا إلى حلقة (تابعة) في سلسلة ممتدة تبدأ من إيران إلى قطاع غزة مروراً ببغداد ودمشق، مذكراً بدور النظام في دعم المقاومتين الفلسطينيية واللبنانية، و"حروب الوكالة" التي يشنها على إسرائيل، مستنتجاً من وقائع أزمة السنتين، أن نظاماً يقصف شعبه بالطائرات والصواريخ و"الكيماوي"، لا يمكن أن يكون رحيماً مع الإسرائيليين، وهو يرى أن هذا خيار "قلب الأسد" أكثر إقناعاً من الخيار الأول (شيطان تعرفه..). لكن رابينوفيتش، يستدرك قائلاً، أن تفضيل سيناريو رحيل الأسد، لا يعني أن على إسرائيل أن تتورط في رمال سوريا المتحركة، مقترحاً أن تهتم إسرائيل بمصالحها في سوريا، والتي يلخصها في اثنتين: الأولى، إبقاء النظام ضعيفاً ومحاصراً وغارقاً في مشاكله الداخلية..والثانية، منع وصول السلاح النوعي "الكاسر للتوازن" إلى حزب الله أو القاعدة. في سياق المقالة، يكشف رابينوفيتش، عن جولات التفاوض بين إسرائيل وسوريا زمن أولمرت بوساطة تركية، وعن استئناف هذه المفاوضات سراً زمن نتنياهو والتي لم تتوقف إلا بعد اندلاع الأزمة السورية وبسببها..وبصورة  تشخص حقيقة الموقف السوري من الصراع مع إسرائيل: حروب بالوكالة (دعم المقاومات) جنباً إلى جنب مع السعي لاستنفاذ فرص الحل السياسي لهذا الصراع، بعيداً عن لغة "قلعة الصمود" و"قلب العروبة النابض" من جهة، ولغة "الشيطنة" و"العمالة" و"التواطؤ" الأثيرة على قلوب البعض من جهة ثانية. رابينوفيتش قدّم تحليلاً بعقل بارد للاتجاهات السائدة في أوساط النخبة السياسية والأمنية في إسرائيل، وشخَص بدقة مصالح الدولة العبرية في الأزمة السورية، بعيداً عن "التهريج" الصاخب، المصاب بحالة فقدان البوصلة والاتجاه، والمثقل بأبشع الحسابات والحساسيات المذهبية الكريهة. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية

arabstoday

GMT 01:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 01:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 01:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 01:40 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 01:38 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 01:36 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 01:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 01:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التحليل السياسي والتهريج الدعائي عن التحليل السياسي والتهريج الدعائي



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab