فلسطين التي تفر من بناننا

فلسطين التي تفر من بناننا

فلسطين التي تفر من بناننا

 العرب اليوم -

فلسطين التي تفر من بناننا

عريب الرنتاوي

لا أحد يلتفت إلى ما يجري في فلسطين المحتلة ... الأنظار، بما فيها أنظار الفلسطينيين، متسمرة حيال ميداني "التحرير" و"رابعة العدوية"، وبدرجة أقل إلى حيي القابون في دمشق والخالدية في حمص ... مع أن ما تقوم إسرائيل بتنفيذه على أرض فلسطين التاريخية، جدُّ خطير، ويحمل أبعاداً استراتيجية ستنوخ بثقلها على مستقبل شعب فلسطين ومصير كفاحه في سبيل حريته واستقلاله. القدس، ومسجدها الأقصى المبارك، باتت عرضة للاستباحة والانتهاك اليوميين ... لا يمر يوم من دون أن تقوم جماعات أصولية ومستوطنون ومجندين ومجندات، باقتحام باحات الأقصى، حتى باتت استباحة وتدنيس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، خبراً اعتيادياً، تفرد له الصحف ونشرات الأخبار، مساحات ضيقة ومنزوية من صفحاتها الداخلية و"توالي" نشرات الأخبار. وثمة ضخ إعلامي إسرائيلي لا تنقطع سيوله، عن توفر غالبية إسرائيلية واضحة، مؤيدة لتقسيم الحرم القدسي الشريف بين اليهود والمسلمين، أسوة بـ"سابقة" الحرم الإبراهيمي الشريف، وليس ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن هذه المهمة التي كانت مستحيلة ذات يوم، ما زالت كذلك ... وبدل أن يتوحد الفلسطينيون في معركة الدفاع عن الأقصى وصون "فلسطينيته" و"عروبته" و"إسلاميته"، نراهم يحيلون الأقصى إلى سبب للفرقة والانقسام، حين رفع نفرٌ طائشٌ منهم، صورة كبرى للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي على إحدى بواباته، لكأنه بات "خامس الخلفاء الراشدين"؟!، أو حامي حمى "العهدة العمرية". وعلى مقربة من الأقصى وفي أكناف بيت المقدس، تنفذ إسرائيل أوسع مخطط استيطاني في القدس والضفة الغربية ... 65 بالمائة من جدار الفصل العنصري، استكمل بناؤها، وتضم في إطارها نصف المستوطنات و85 بالمائة من المستوطنين، وتقتطع أكثر من عشرة بالمائة من مساحة الضفة الغربية، ومعها 35 ألف فلسطيني موزعين على عشرات المواقع السكانية ... أما عطاءات الاستيطان، فلم تتوقف، والتقديرات تذهب إلى تأكيد نيّة إسرائيل رفع عدد المستوطنين في الضفة والقدس إلى قرابة المليون مستوطن في المدى القصير القادم. أما داخل حدود الاحتلال الأول (1948)، فإن الكنيست لم يعد "يستحي" أو يجد مشقة في إقرار قوانين عنصرية ضد عرب فلسطين وسكانها الأصليين، حيث تبلغ سياسات التمييز العنصري وتشريعاته، ذروة لم يعرفها نظام الأبارتهيد البائد في جنوب أفريقيا، وتعمل تل أبيب على فرض "نكبة ثانية" على بدو النقب وبئر السبع، من خلال قانون عنصري جائر، سيشرد أربعين ألفاً منهم، ويصادر أكثر من 800 ألف دونم من أرضٍ توارثوها عن آبائهم وأجدادهم ... وبرغم المقاومة الباسلة التي يبديها عرب 48، إلا ان صرختهم لم تصل بعد، في ظل تفشي مؤامرة الصمت والتجاهل والانشغال وتبديل الأولويات. كل ذلك يجري في حمأة الغياب الرسمي العربي، وانهماك العواصم العربية الكبرى في مشاكلها وأزماتها الداخلية، من مصر إلى سوريا، مروراً بالعراق، فيما السعودية ودول الخليج، تنظر إلى إيران بوصفها الخطر الأكبر على أمن المنطقة واستقرارها، وليس إسرائيل وما استتبعه وجودها وعدواناتها المتلاحقة، من رفع فلسطين إلى منزلة القضية المركزية الأولى للعرب أجمعين، لفظياً على الأقل. كل ذلك يجري تحت ستار كثيف من دخان مهمة جون كيري وأتربتها ... يأتي الرجل ويروح في جولات متلاحقة، ويتحدث عن استئناف المفاوضات، في حين تستقبله حكومة الاحتلال في مفتتح كل جولة ومختتمها، بوجبة استيطانية جديدة، فيما الصلف والشهية التوسعية، اللذان ميّزا أداء حكومة اليمين واليمين المتطرف، على حالهما. كل ذلك يجري في غياب استراتيجية فلسطينية بديلة، تتصدى لوحش الاستيطان، وترفع كلفة الاحتلال، وتعيد الاعتبار لوحدة الشعب والجغرافيا والبرنامج والأدوات الكفاحية ... حيث ينصرف اللاعبون الفلسطينيون الكبار إلى مطاردة أوهام كيري وسراب مهمته من جهة، وتتبع مجريات "رابعة العدوية" لحظة بلحظة من جهة أخرى. فلسطين وحقوق شعبها ومقدساتها، تتسرب من بين أصابعنا قطعة قطعة ... في ظل تعتيم إعلامي مقيت، يشارك فيه لأول مرة (ربما) الفلسطينيون أنفسهم، بانصرافهم شبه التام، إلى ملاحقة ما يجري حولهم، على أمل تحقيق مكاسب "فصائلية" ضيقة، وتسجيل نقاط "سوداء" في مرمى "الإخوة الأعداء".  

arabstoday

GMT 06:31 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 06:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 06:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 06:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 06:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

GMT 06:14 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

حرية المعلومات هى الحل!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين التي تفر من بناننا فلسطين التي تفر من بناننا



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab