من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ

من بغداد إلى بيروت... جذوة الربيع العربي لم تنطفئ

من بغداد إلى بيروت... جذوة الربيع العربي لم تنطفئ

 العرب اليوم -

من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ

عريب الرنتاوي

قد تنجح الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في كل المدن العراقية واللبنانية في تحقيق مراميها، وقد لا تنجح، لكن الدرس البليغ الأبرز الذي يمكن تعلمه من تجربة البلدين هو أن جذوة الربيع العربي لم تنطفئ بعد، وأن جمر البوعزيزي ما زال متّقداً تحت الرماد، وأن الخيبات والهزائم وعودة الديكتاتوريات والأنظمة السلطوية والدول العميقة، لن تفتّ في عضد الشعوب العربية التي غادرت مربعات الخوف والاستكانة، ولن تعود إليها.
وعلى الذين أوغلوا في هجاء الربيع العربي، وسارعوا إلى نعيه واستصدار شهادات وفاته، أن يراجعوا مواقفهم وتقديراتهم الموغلة بالشماتة والتشاؤم، وكذا الحال بالنسبة للذين عاودوا مزاولة هواياتهم القديمة بالنوم على حرير أوهامهم وفائض اطمئنانهم ... فما يحدث في شوارع بيروت وبغداد، قابل للتكرار في مدن أخرى ودول أخرى... بصرف النظر عن اختلاف الظرف والشرط والسياق.

هي انتفاضة شعبية عفوية، بلا قيادة أو تنظيم، شأنها في ذلك شأن مختلف ثورات الربيع العربي، اندلعت ضد الطوائفية وأمراء الحروب والمذاهب وشيوخ الطرق وعائلات الاقطاع السياسي، لتعيد الاعتبار لمفهوم دولة المواطنة المدنية الديمقراطية، بعيداً عن المحاصصة والكوتات، وتقاسم السلطة والثورة بين فئة محدودة من المتنفذين، وهي إعلان صريح وبصوت مدوٍ، بأن الطائفة والمذهب، ليسا بديلاً عن الدولة، وأن المواطنة ستظل منقوصة، طالما ظلت متبوعة بلون ديني أو مذهبي معين، وأنها قد تكون بقرة حلوب للمتنفذين وحدهم، وعلى حساب الأغلبية الكاسحة من أبناء الطائفة وبناتها، الذين يعتصرهم شظف العيش وشح الموارد ونقص الخدمات.

في العراق، انطلقت الانتفاضة ضد اللصوص والسرّاق وإمراء الطوائف والمذاهب والحروب، من داخل بيتهم وبيئتهم، خرجت الألوف المؤلفة إلى الشوارع في صيف بغداد القائظ، غير آبهة أو لاوية على أحد أو شيء، يريدون الماء والكهرباء في بلد أنفق مئات مليارات الدولارات هدراً، إن لفساد في الإدارة أو في نفوس وضمائر القائمين عليها.

وفي لبنان، خرج ألوف الشبان والصبايا من كل الطوائف، وضد الطائفية التي عجزت عن رفع أكداس القمامة من الشوارع والأزقة، وأدخلت البلاد والعباد في نفق لا ضوء في نهايته، عنوانه نقص الخدمات والثمرات... كل واحد من المتظاهرين كان يعرف تمام المعرفة، أن جيوب أمراء الحرب والطوائف قد انتفخت بأكثر مما ينبغي، بالمال المُحصّل باسم المذهب والطائفة والقبيلة، أما هم، فليس لهم سوى شظف العيش ونقص الخدمات والمضي في رحلة البحث عن مهاجر بعيدة وقريبة.
في العراق، تتربع عوائل الاقطاع السياسي السني والشيعي والكردي على رأس هرم السلطة والثورة، وكل زعيم من هؤلاء في حزبه وجماعته وبين أتباعه، مشروع ديكتاتور، لا يقبل بأقل من “الولاية المفتوحة”، ولأنجاله من بعده... وفي لبنان، تتوارث البيوتات السياسية المناصب والمواقع والثروات، كابراً عن كابر ... هذا أمين الجميل الذي ورث الزعامة عن جده وأبيه وشقيقه، يورثها إلى نجله سامي، وتيمور ينتظر تنحي وليد بيك، لتسلم راية طائفة الموحدين من بني معروف التي رفعها “أبو وليد” ... وطوني سليمان، ابن طوني سليمان فرنجية، يستعد لاستلام موقعه ومعقده، فيما راية التيار الوطني الحر، تنعقد بعد ميشيل عون إلى صهره بعد أن انسحب زوج ابنته من المنافسة، أما عن الحريرية السياسية فحدث ولا حرج، وكذا الحال بالنسبة لبقية البيوتات السياسية من مختلف الطوائف والمذاهب والأقوام، فماذا عن بقية اللبنانيين، أو بالأحرى كل اللبنانيين المتروكين للهجرة وانسداد الآفاق ونقص الخدمات وتآكل الأجور وارتفاع قمم جبال النفايات؟

هو الإحساس بالتهمش وانسداد الأفق وانعدام الجدوى، ما يحرك المعذبون في أوطانهم، للثورة والانتفاض، ولقد فعلها العراقيون واللبنانيون من قبل، وها هم يفعلونها ثانيةً الآن، تآسياً بما أقدم عليه أشقاء لهم في مصر وتونس وليبيا واليمن... والأرجح أن استلهامهم لشعارات الميادين في زمن الربيع العربي، إنما ينهض كدلالة على أن ذاك الربيع ما زال مورقاً ومزهراً.

قد لا تنتهي هذه الاحتجاجات بما يريده المنتفضون وتشتهيه أشرعة سفنهم، وقد ينجح أمراء الطوائف في احتوائهم أو الانقضاض عليهم أو تفريغ احتجاجاتهم من مضامينها، لكن الأمر الذي لا جدال فيه ولا مراء، هو “أن الشارع العربي” ما زال لاعباً مهماً، يجب أن يُحسب له ألف حساب، حتى وهو في ذروة السكون والسكينة والاستكانة.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ من بغداد إلى بيروت جذوة الربيع العربي لم تنطفئ



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab