من وحي الورقة النقاشية الخامسة

من وحي الورقة النقاشية الخامسة

من وحي الورقة النقاشية الخامسة

 العرب اليوم -

من وحي الورقة النقاشية الخامسة

عريب الرنتاوي

خطت الورقة النقاشية الملكية الخامسة، خطوة إضافية للأمام عندما توسعت في شرح مفهوم الملكية الدستورية والحكومات البرلمانية، والأهم، عندما رسمت بعض معالم الطريق للوصول إلى هذا الهدف، وحددت مسؤوليات مختلف الأفرقاء المنخرطين في هذه العملية السياسية المفصية إلى هذا الهدف، بدءاً بمؤسسة العرش وانتهاء بـ “المواطن الفاعل”، مروراً بالحكومة والبرلمان والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز البحث وغيرهم كثير.

في المفاهيم العامة، قالت الورقة من دون أن تذكر ذلك صراحة، اننا لسنا بصدد اختراع العجلة أو اكتشاف النار... نريد أحزاباً قوية، أو نظاماً حزبياً يعمل وفق قواعد دستورية وقانونية وأعراف مستقرة، متولّدة عن تجربة تراكمية ... نريد برلمانات بكتل حزبية وبرامجية، أغلبية تحكم وأقلية تعارض من ضمن آليات وقواعد متعارف عليها، نريد شفافية وإفصاحاً، وأدوار فاعلة لمختلف الأطراف ... والأهم من كل هذا وذاك وتلك، أننا نريد التقدم على هذا الطريق، بصرف النظر عن التطورات الإقليمية من حولنا، فالأردن أقوى وأقدر على جبه التحديات والصعاب، عندما يتقدم على مسار الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، وبذلك تُسقط الورقة، دفعة واحدة، كومة من الحجج والذرائع و”المناورات” التي طالما لجأت إليها قوى الشد العكسي في الدولة والمجتمع، لتأجيل استحقاقات الإصلاح وقطع الطريق على المسار الديمقراطي الأردني.

وفي المفاهيم العامة أيضاَ، تحدثت الورقة عن مفهوم “الربيع الأردني”، وهو المفهوم الذي يراد له وبه، وضع الأردن في منزلة بين منزلتين، فلا هو من دول الركود والاستنقاع التي ما يؤتى فيها على ذكر الحرية والديمقراطية حتى يتحسس الحكام مسدساتهم، ولا هو من دول “الفوضى الخلاقة” التي سالت في طرقاتها وميادينها، انهار من الدماء، وعمّ الخرب مدنها وأرجائها ... الأردن من ضمن حفنة من الدول العربية، التي يمكن فيها لمسار التحول الديمقراطي، أن يتجاور من دون تناقض أو تعارض، مع الأمن والاستقرار، كما يمكن لها أن تشهد عملية انتقال تصالحية، تشترك في مختلف القوى، تحت ظلال النظام السياسي القائم، ومن دون حاجة لاستحضار شعار “الشعب يريد اسقاط النظام” الشهير.

سيتحدث البعض، همساً وعلانيةً، عن الفائدة من حكومة برلمانية بلا أنياب أو أظافر بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، وسيرى آخرون أن الملكية الدستورية، فقد “جوهرها” في ضوء ما أجريَ من تعديلات على الدستور ... لكننا في الحقيقة، وبعد أربع سنوات عجاف من الفوضى وحروب القبائل والطوائف والمذاهب في العالم العربي، وفي ضوء قراءة “السياق الأردن الخاص و”المُتعيّن”، نرى أن “التدرج” هو القاعدة الحاكمة والضرورة للانتقال الديمقراطي، إلى أن تستقر منظومة الحقوق والواجب، ونتوافق على قواعد للعبة السياسي ونكرّس أعرافنا الوطنية فيما خص “مبادئ عقدنا الاجتماعي”، وإلى أن يحدث ذلك، وسيحدث بأسرع مما يظن كثيرون، إن نحن انطلقنا من دون تردد على هذا المسار، فإننا سنظل بحاجة لملكية دستورية مسلحة بأدوات وأذرع حماية الدستور وصون قواعد اللعبة وضمان عدم الانقضاض أو الخروج عليها.

إن واحداً من أهم دروس الربيع العربي، إبقاء الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية خارج إطار التجاذبات، ولقد رأينا دولاً ومجتمعات تنهار مذ تم تحويل الجيش إلى ميليشيا لحزب أو طائفة أو مذهب ... رأينا الخراب والإرهاب يعمّان البلاد ويغرقان العباد في الجحيم، مذ أن انفرط عقد هذه المؤسسات وأُخرجت عن وظيفتها ... حدث ذلك في ليبيا والعراق وسوريا، وكاد أن يحدث في مصر وتونس لولا يقظة المجتمع والمؤسسات.

وفي تركيا، النموذج الأكثر تطوراً لانتقال دولة إسلامية إلى ضفاف الحرية والديمقراطية والعلمانية، رأينا كيف وقع الانحراف في السنوات الثلاث الأخيرة، عندما فقدت الدولة اتزانها وتوازناتها، ودانت مختلف السلطات لحزب واحد، وتكسرت أذرع العلمانية، فانتهى الأمر إلى سجل حافل بالانتهاكات، وحملات على استقلالية القضاء، وخطاب ينحو للمذهبية المُفتتة للمجتمع ونسيجه، وحكومة تجد صعوبة حتى في الانضمام لتحالف دولي ضد إرهاب داعش؟!

في ظني أن الورقة النقاشية، تحدثت عن بعض المتطلبات المسبقة، أو الشروط الممهدة لخوض غمار التحوّل، منها قانون جديد للانتخاب، يأتي ببرلمان مغاير، يتيح الفرصة للتداول على السلطة ... وكذا الأمر بالنسبة لقانون الأحزاب وبقية القوانين الناظمة للعمل السياسي/ الوطني العام ... مثل هذه المهمة، يجب أن تشعل ضوءًا أخضر لجميع الأطراف الفاعلة، للشروع في التقاط الإشارة، والبناء على الالتزام الملكي، والعمل على تذليل أية مقاومة لهذا المشروع، والمؤكد أن طاقة المقاومة السلبية تتحفز للانقضاض على هذه “الفرصة”، كما فعلت من قبل.

في دلالة التوقيت، يستحضر كثيرون، في أذهانهم على الأقل، مناخات مشابهة سادت البلاد عشية الحرب الأمريكية على العراق في العام 2003، عندما أطلقت مبادرة “الأردن أولاً” الإصلاحية في مضمونها ... يومها، وما أن وضعت الحرب أوزارها، حتى وضِعَت كافة توصيات المبادرة وأفكارها في “مستودع مظلم” ... اليوم، هناك من يقول أو سيقول، بأن المنطقة مقبلة على حرب كونية ثالثة، ضد الإرهاب هذه المرة، وأن انتعاش الحديث عن الإصلاح، أنما يستهدف كسب الوقت وشرائه، وتقطيع المرحلة الصعبة التي تنتظرنا كجزء من المنطقة في الأعوام القادمة، لنعود بعدها لمزاولة يوميات الركود المعتادة.

في ظني أن مثل هذا التخوّف، الذي لم يأت من فراغ، بل ويبني على تجارب مجهضة سابقة، لا يجب أن يقعدنا على العمل والنضال والضغط في سبيل “توظيف هذه الفرصة”، وإطلاق أوسع عملية حوار وضغط من أجل إصلاح قانوني الانتخاب والأحزاب ابتداءً، والبناء على الالتزام الملكي بهذا المسار، لمحاصرة قوى الشد العكسي، ومن دون أن نفعل، سنكون كمن يرفع الراية البيضاء قبل خوض غمار المعركة، أو ترك الميدان خالياً للقوى الساعية في تأبيد الأمر الواقع ... أو نكون كمن استبدل السياسة والنضال، بجلسات التذمر والجأر بالشكوى.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من وحي الورقة النقاشية الخامسة من وحي الورقة النقاشية الخامسة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:06 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يوجه الشكر لبايدن بسبب دعمه الراسخ لأوكرانيا
 العرب اليوم - زيلينسكي يوجه الشكر لبايدن بسبب دعمه الراسخ لأوكرانيا

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab