نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية

نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية

نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية

 العرب اليوم -

نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية

بقلم :عريب الرنتاوي

لا يختلف الأردنيون على «تشخيص» جملة التهديدات والتحديات التي تجبههم في هذه المرحلة، وإن كانوا يختلفون على تقدير حجمها وأولوياتها... على أنهم ينقسمون على أنفسهم عند النظر إلى كيفية معالجتها والتصدي لها.

من دون التقليل من بقية التحديات والتهديدات الداخلية، وبالأخص الخارجية، تتصدر الضائقة الاقتصادية التي تعتصر الأردن والأردنيين، صدارة الاهتمامات والأولويات... «الأنباء الجيدة» حول هذا الموضوع، حتى الآن على الأقل، أن المواطن الأردني يتعامل بقدر عالٍ من الإحساس بالمسؤولية حيال هذه الأزمة، وهو ما زال يغلب أولوية الأمن والاستقرار على ما عداهما من أولويات... أما «الأنباء السيئة» حول الموضوع ذاته، فتتجلى في غياب أي أفق قريب للخروج من عنق الزجاجة.

مثل هذه الوضعية، ليست فريدة في تاريخ الأردن المعاصر... الضائقة الاقتصادية و»انهيار الدينار» وارتفاع المديونية إلى الناتج الإجمالي في العام 1989، ما زالت تجربة ماثلة في الأذهان... يومها أيضاً لم تكن هناك «حلولاً سحرية»، ولم يتملك صانع القرار على «عصا موسى»، يضرب بها البحر أو الصحراء، فتتفجر ينابيع الموارد والرخاء... يومها، وبقرار جريء وتاريخي، استدل جلالة المغفور له، على «حل سياسي» للأزمة الاقتصادية، مكن الأردن والأردنيين من اجتياز الأصعب، بأقل قدر من الخسائر، وبأعلى درجة من الاستقرار والهدوء، حين استجاب لنداءات الغاضبين والمحتجين في «هبة نيسان»، وقرر استئناف الحياة البرلمانية والحزبية في البلاد، مروراً بالميثاق الوطني و»شرعنة الأحزاب»، عطفاً على برلمان 1989 الاستثنائي في مكانته وسمعته الشعبية، وانتهاء بولوج عتبات مرحلة جديدة,.

من وحي تلك التجربة، التي تقترب ذكراها الثلاثين، نقترح البحث عن «حل سياسي» للضائقة الاقتصادية، التي قلنا ونقول، أنها باتت تُقرأ بمفردات «نظرية الأمن القومي» وليس بأرقام الاقتصاد الكلي والجزئي، من دون أن تساورنا الأوهام، بأن حلاً كهذا يمتلك قدرة سحرية على اجتراح المعجزات، أو أنه سيوفر للبلاد «عصا موسى» جديدة، لكنه بالقطع، سيمكن الأردن والأردنيين، من تعزيز جهاز مناعتهم المكتسبة، واجتياز هذا «القطوع» بأقل قدر من الخسائر، وبأعلى درجات الأمن والاستقرار والأمان، تماماً مثلما حصل قبل ثلاثة عقود.

إن أولى خطوات هذا «الحل السياسي» تقترح، تشكيل «هيئة ملكية» وازنة وممثلة، تعمل على بناء توافقات وطنية، صلبة وعريضة، بين مختلف الشرائح والفئات، الكيانات والمكونات، السياسية والاجتماعية، لإنتاج «ميثاق وطني جديد»، فالميثاق تقادم، وتجاوزته الأحداث، وبات وثيقة للتاريخ... ميثاق جديد، يستلهم الأوراق النقاشية السبع، وما جاءت به من رؤى وأفكار، لا أحسب أن كثيرٍا من «الإصلاحيين» في البلاد، يتطلع لأكثر منها أو زيادة عليها.

ميثاق وطني جديد، يرسم قواعد اللعبة، ويبني إجماعاً وطنياً حول منظومة الحقوق والواجبات «الفوق دستورية»، ويؤسس لمرحلة جديدة من استنهاض العمل الوطني والسياسي في البلاد... وهيئة ملكية تسهر على وضع رزنامة زمنية، لترجمة الأفكار التي استبطنتها الأوراق النقاشية، وكيفية نقلها إلى حيز التنفيذ.

ولعل نقطة البدء، في مشوار «الحل السياسي» المقترح، إنما تتمثل في الاتفاق على قانون انتخاب جديد، يخرج من عباءة الصوت الواحد المرذول، والأنظمة الانتخابية الهجينة التي لم تأت سوى ببرلمانات من ذات قماشة برلمانات الصوت الواحد وطرازها، لننتهي إلى برلمان قوي، قائم على التعديد السياسية والفكرية والبرامجية، وتنبثق عنه «ثاني حكومة برلمانية» في تاريخ البلاد... حكومة بسند شعبي صلب و»أكتاف عريضة»، قادرة على أن تشكل مع البرلمان المنبثقة عنه، «مصدات» قوية، تحمي النظام السياسي وتؤسس لقاعدة الاستقرار المستدام، وتتحمل مسؤولياتها في الاضطلاع بالملفات الكبرى التي تجبه البلاد والعباد، الآن، وفي قادمات الأيام، حيث تنتظرنا أصعب التحديات، من الغرب أساساً، وليس من الشمال والشرق فحسب... حكومة وبرلمان، قادران على قيادة الأردنيين لمواجهات تحديات الداخل والخارج، بعد أن تكونا قد جسّرتا فجوات الثقة العميقة التي تباعدهما عن الشعب، وبما يضع نهاية لحالة «الغربة» بين المواطن والمسؤول.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية نحو «حل سياسي» لأزمتنا الاقتصادية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab