من المستفيد من تفجير «التوازنات الهشة» في كل من العراق ولبنان

من المستفيد من تفجير «التوازنات الهشة» في كل من العراق ولبنان؟

من المستفيد من تفجير «التوازنات الهشة» في كل من العراق ولبنان؟

 العرب اليوم -

من المستفيد من تفجير «التوازنات الهشة» في كل من العراق ولبنان

بقلم : عريب الرنتاوي

الدخول الإسرائيلي على خط «الاستقرار الهش» و»تسويات المحاصصة» في كل من العراق ولبنان، ينذر بتفجير هذين البلدين، فما الذي تسعى إليه واشنطن، التي دعمت من دون قيد أو شرط، الضربات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في كل منهما؟ ... كيف تفكر واشنطن، وعلامَ تراهن؟

العراق، كما لبنان، محكوم بتوازنات دقيقة بين مكوناته الرئيسة الثلاثة: سنة، شيعة وأكراد ... عشرة أحزاب تقريباً تكاد تسطير (بتفاوت) على العملية السياسية بتوازناتها الهشة، نصفها شيعية ... جزء منها صديق للولايات المتحدة: الأكراد ومعظم السنة، وبعض الأحزاب الشيعية ما فتئت تغازل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، هؤلاء يسميهم خصومهم «شيعة السفارة» ... خارج الخريطة الحزبية، وداخلها، ثمة ميليشيات مسلحة،ـ شيعية بالأساس (الحشد الشعبي)، تكاد تعادل في وزنها وقوتها قوة واقتدار الجيش الوطني ذاته، وهي كفيلة بقلب الطاولة على رؤوس الجميع، وإحداث انعطافة في مسار تطور الحدث العراقي.

في السياسة ولعبة التوازنات، تستطيع القوى المدعومة من واشنطن أو غير المعادية لها، أن تخرج بالعراق من لعبة المحاور، وأن تعلي من شأن سياسة «النأي بالنفس»، هذا أقصى ما بمقدور «التركيبة السياسية/ الحزبية/ الاجتماعية» العراقية أن تذهب إليه ... بدخول إسرائيل على خط استهداف الحشد، وبدعم من واشنطن وتبريك منها، سيجد أصدقاء واشنطن أنفسهم في وضع صعب للغاية، بعضهم، خصوصاً من العرب السنة، سيختار رفض السياسات الأمريكية (قلّة من الأكراد ستفعل ذلك)، أما القوى الشيعية التي ترقص على الحبل المشدود بين طهران وواشنطن، فلن تقوى على مواصلة «رقصتها»، وستجد نفسها منحازة للحشد، سيما أن تتالت فتاوى المراجع الشيعية الكبرى، بتحريم الوجود الأمريكي في العراق، وتجريم التعاون معه ... انفجار الوضع في العراق، لن يكون أبداً لصالح المسار الجديد الذي وجد العراق نفسه فيه منذ العام 2003، وأي اضطراب للوضع، سيدخل العراق في أزمة عميقة، ولن تكون نتائج أي فرز أو حسم في مصلحة أصدقاء واشنطن بالمطلق.

الوضع في لبنان لا يختلف كثيراً، وهو كما العراق، قائم على توازن هش بين مكوناته الرئيسة الثلاثة: المسيحيون، السنة والشيعة ... نصف دزينة من الأحزاب / التيارات، تكاد تهمين على المشهد السياسي وعملية صنع القرار بالكامل ... بعضها صديق وحليف لواشنطن وحلفائها في المنطقة، وبعضهم الآخر يبحث لنفسه عن مساحة بين المحاور المتصارعة في الإقليم، وقسم ثالث، يجاهر بمقاومة السياسات الأمريكية والإسرائيلية في لبنان والإقليم.

سياسياً، جُل ما يمكن أن تفضي إليه هذه التوازنات الدقيقة، هو «النأي بلبنان عن أزمات الإقليم»، والمقصود هنا لبنان الرسمي، أما المكونات من أحزاب وتيارات، فهي لا تخفي انحيازاتها، بل وعملت على ترجمتها إلى أشكال مختلفة ومستويات متباينة، من التدخل «الخشن» في أزمات الإقليم (سوريا بخاصة) ... دخول إسرائيل على خط الأزمة اللبنانية، من بوابة استهداف حزب الله، كما حصل في هجوم الطائرات المسيّرة على الضاحية الجنوبية، من شأنه أن يسرع في عملية الفرز والاستقطاب، وهو ما حصل بالفعل صبيحة اليوم التالي للهجوم ... تفاقم حالة الاستقطاب والاصطراع في حال استمرار الضربات الإسرائيلية، من شأنه أن ينسف هذه التوازنات، وأن يعيد خلط الأوراق.

أي انزلاق للفوضى وعدم الاستقرار في لبنان، لن يكون في مصلحة حلفاء واشنطن (وحلفائها)، وقد يخسر هذا الفريق، بعضاً من مكتسباته المتحققة بنتيجة العملية السياسية الجارية بتعثر في البلاد ... وسيجد بعض اللبنانيين من خارج البيئة الحاضنة لحزب الله، أنفسهم مدفوعين إلى دعم الحزب ورفض العربدة الإسرائيلية والانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل ويمينها على نحو خاص.

لولا الدعم الأمريكي غير المشروط لليمين الإسرائيلي المتطرف المتحكم بعملية صنع القرار في تل أبيب، لما تجرأت الأخيرة على توسيع نطاق عدواناتها ضد الفلسطينيين (الخارجية شطبتهم من خريطتها مؤخراً)، والعراقيين واللبنانيين والسوريين (وربما اليمنيين) ... فما الذي تريده واشنطن حقاً، وهل تعتقد بأن تفجير الاستقرار الهش في هذين البلدين، سيمكنها من تسجيل نقاط لصالحها في مواجهتها مع إيران، أم أننا أمام انقياد أعمى وراء إسرائيل (بدوافع أيديولوجية وانتخابية في الغالب)، حتى وإن أفضى الأمر إلى الإضرار بمصالح واشنطن وحلفائها الآخرين في المنطقة؟

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من المستفيد من تفجير «التوازنات الهشة» في كل من العراق ولبنان من المستفيد من تفجير «التوازنات الهشة» في كل من العراق ولبنان



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
 العرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025
 العرب اليوم - الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 06:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

القمة الخليجية في الكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab