«من أمِنَ العقاب أساء الأدب» إسرائيل نموذجاً

«من أمِنَ العقاب أساء الأدب».. إسرائيل نموذجاً

«من أمِنَ العقاب أساء الأدب».. إسرائيل نموذجاً

 العرب اليوم -

«من أمِنَ العقاب أساء الأدب» إسرائيل نموذجاً

بقلم - عريب الرنتاوي

للصديق الراحل حسين أبو النمل، نظراته الخاصة للشأن الإسرائيلي، اشتقها وتوصل إليها بعد أزيد من أربعة عقود من البحث والتقصي في بنية هذا الكيان من مختلف جوانبه، مركزاً بشكل خاص على البعد الاقتصادي – الاجتماعي، استذكره اليوم، وأنا أعيد قراءة بحث قدمه في مؤتمر نظمه مركز القدس وبيت المستقبل في بلدة بكفيا الجبلية اللبنانية...يومها سجل الراحل بأنه لا يكفي القول، بأن إيديولوجيا التطرف الديني والقومي في إسرائيل هي المسؤولة عن السياسات والإجراءات التوسعية والعنصرية والتي تبلغ ذروتها اليوم في التوجه لضم ما يقرب من ثلث مساحة الضفة الغربية، بل ينبغي التنقيب عن الأسباب التي قادت إلى تفشي إيديولوجيا التطرف اليميني في إسرائيل ابتداءً.

فكرة الدكتور أبو النمل تنطلق من مقولة تاريخية بسيطة، اختلف الرواة حول قائلها، منهم من نسبها للإمام علي ومنهم من قال إنها للشافعي، وفريق ردّها إلى ابن المقفع، وتقول: «من أمِنَ العقاب، أساء الأدب»، وفي ترجمته الخاصة للمقولة، يمضي صاحبنا للقول أن الدول كما الأفراد، تأمن العقاب في واحدة من حالتين أو كلتاهما: أن تتوفر على «فائض قوة» أو أن تتوفر لها الحماية والإسناد من قوة أعظم...في الحالة الإسرائيلية، يتوافر الشرطان ويتكاملان.

أضف إلى ذلك، وما زلنا في عالَم الدكتور الراحل، أن خصوم إسرائيل لم يعانوا يوماً من حالة ضعف وتفسخ، كتلك التي يمرون بها...انقسام فلسطيني مدمر، وقيادات مترهلة فقدت القدرة على انتاج الأفكار والمبادرات (اقرأ القيادة)، وحالة عربية أين منها حال ممالك الأندلس في الهزيع الأخير من انحطاطها.

لم يكن اليمين الإسرائيلي ليجرؤ على الحديث عن ضم الضفة، كلها أو جلها من قبل، لم يخطر بباله أن ضم منطقة غور الأردن، سيكون محوراً لمبادرة أمريكية «للسلام»...لم يجرؤ الإسرائيليون على التفكير بضم الحرم وانتهاك قدسيته والمطالبة بالسيادة الإسرائيلية عليه، فوق الأرض وتحتها...جل ما كان يتطلع إليه التيار الرئيس في إسرائيل هو ترتيبات أمنية في الغور، وضم كتل استيطانية كبرى وليس جميع المستوطنات، وترتيبات خاصة للبلدة القديمة و»الحوض المقدس»...لا أكثر ولا أقل.

يومها، كان يمكن لأي شطط في المطالب أن يفضي إلى ما لا تحمد عقباه، فلسطينياً وعربياً ودولياً...يومها ما كان ممكناً لإسرائيل أن تجاهر بعنصريتها، وأن يقدم الكنيست على «دسترتها»...يومها، ما كان للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أن تدير ظهرها للأردن، وأن تستخف بمستقبل علاقاتها به...يومها كان ثمن التمادي والتطاول ليكون أعلى من عائداته بكثير.

حين أمنت إسرائيل العقاب، ولم تعد تخشى أحداً، أساءت التصرف...اليمين بات أكثر يمينية وتطرفاً...والوسط انتقل إلى مواقع اليمين، وأما اليسار فقد تحول قادته إلى «مهرجين» و»أراجوزات» على مسرح دمى تحركها أصابع نتنياهو.

الانزياح المنهجي صوب التطرف الديني والقومي، هو ثمرة تحولات في بنية المجتمع الإسرائيلي، واختلالات في توازنات القوى بينه من جهة وكل من الفلسطينيين والعرب من جهة أخرى، وهو نتيجة منطقة، لهيمنة القطب الواحد على السياسات والعلاقات الدولية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وحتى يومنا هذا...وهذا الانزياح يفاقم على نحو غير مسبوق، ميول التوسع ويفتح الشهية الاستعمارية للحركة الصهيونية، ويطلق العنان لكل أشكال العنصرية لتنهش في حقوق الفلسطينيين العرب وكراماتها وانسانيتهم...رحم الله الصديق العزيز الدكتور حسين أبو النمل.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«من أمِنَ العقاب أساء الأدب» إسرائيل نموذجاً «من أمِنَ العقاب أساء الأدب» إسرائيل نموذجاً



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab