اليمن ما الذي تبقى من الدولة و«الشـرعية»

اليمن: ما الذي تبقى من الدولة و«الشـرعية»؟

اليمن: ما الذي تبقى من الدولة و«الشـرعية»؟

 العرب اليوم -

اليمن ما الذي تبقى من الدولة و«الشـرعية»

بقلم : عريب الرنتاوي

تجد “الشرعية اليمنية” نفسها بلا أرض تقف عليها ... الشمال يخضع لسيطرة الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ... والجنوب يخطو أكبر خطواته على طريق الانفصال واسترداد ما كان يعرف بدولة الجنوب العربي ... كل مظاهر النصر الاستعراضية التي صدرت عن رموز “الشرعية”، وكل الأحاديث عن قرب اقتلاع الحوثيين -صالح من أوكارهم، تبدو اليوم مسرحية لا تسعد أحداً، وتحرج أصحابها بدل أن تحرج خصومهم.

ونعود إلى بواكير الأزمة اليمنية، عندما كانت “ثورة” وقبل أن تتحول إلى أزمة بفعل التدخلات الخارجية من شتى المحاور والعواصم، لنذكر بما حذرنا منه وخشيناه في مبكر: إن كُتِب التقسيم على اليمن، فلن يتوقف الأمر عند حدود الدولتين اللتين عرفنا قبل العام 1990 ... تقسيم اليمن سيخضع لمبدأ الدومينو، والجنوب مرشح أن يكون “جنوبين” على الأقل (حضرموت أعلنت نفسها إقليماً)، والشمال يشهد صراعاً جذرياً يحتدم تحت سطح تحالف الحوثي صالح، وتعز طالما شعرت بأنها مكتفية بذاتها، وأنها تستحق إقليمها الخاص، أو ربما دولة مستقلة إن تعذرت “الفيدرالية” ومشاريعها المتماهية مع حسابات الجوار وخرائطها المرتسمة وفقاً لحدود المصالح والأطماع الإقليمية.

هي هدية مجانية، يقدمها الجنوبيون، حلفاء هادي في إطار التحالف العربي، لخصومهم في صنعاء وصعدة ... لم يعد بمقدور أحد أن يعترض على “المجلس السياسي” الذي شكله الحوثيون لإدارة الشمال، ولا على “اللجنة الثورية” التي تتولى دور حكومة الظل هناك، وتستفز صالح وحزبه وجمهوره العريض ... الجنوب بقيادة الثنائي عيدروس – بن بريك، يخطو اليوم، خطوات أوسع وأعمق مما ذهب إليه خصومهم الشماليون ... والمجلس السياسي الذي تشكل مؤخراً لإدارة الجنوب، وتحت رايات دولة الجنوب، سيتبعه تشكيل مجلس عسكري، وهياكل الدولة الانفصالية في طريقها للنهوض من تحت ركام الوحدة الهشة التي جمعت شطري اليمن غير السعيد خلال القعود الثلاثة.

وهي دلالة على عمق الصراع بين مشروعين لليمن، توحدا شكلاً في إطار التحالف العربي، من دون أن تخفي القوى الراعية لكل منهما، رغباتها ومصالحها الخاصة بها في اليمن ... الحراك الجنوبي الانفصالي يلقى دعماً علنياً، وغير مضمر أو موارب، من الإمارات، والسعودية يحرجها أن تنتهي “عاصفة الحزم” بتقسيم اليمن وتشطيره ... الإمارات تدعم علناً انفصال الجنوب ولا تجد سبباً واحداً لبقائه مرتبطاً بالشمال، والسعودية تجد صعوبة في تجرّع كأس الانفصال، أقله طالما ظل اليمن، بـ “شرعيته” المترحلة من منفى إلى مقر مؤقت، تحت رعايتها وولايتها.

قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن تداعيات الخطوة اليمنية وأثرها في على موازين القوى واتجاهات تطور الحرب الدائرة في اليمن وعليه، لكن هذا التشظي في التحالف العربي والقوى اليمنية المرتبطة به، يضفي قدراً أكبر من العبثية حرب بدت منذ يومها الأول، حرباً عبثية وفائضة عن الحاجة ... وتأكل من رصيد التحالف و”رسالته الإنقاذية” ... هنا والآن، تبدو “الوصفة العلاجية” المقترحة لإنقاذ اليمن، وكأنها رصاصة الرحمة التي أجهزت على المريض.

الصراع الإقليمي على اليمن، بدءاً بالمبادرة الخليجية مروراً بالدخول الإيراني على خط الأزمة، ومن ورائها طيف واسع من قوى هذا المحور، الذي ذهب بعيداً في “مذهبة” الصراع الدائر هناك ... هذا الصراع، لم يعد يتهدد ثورة اليمن ومكتسبات شعبها ونظامه السياسي وسيادته ووحدته واستقلاله، بل بات يتهدد الكيانية اليمنية، فالدولة لم تعد قائمة، والبلاد على مشرحة التقسيم وتقاسم النفوذ معاً ومزيد من الحروب المتناسلة بين خصوم الغد حلفاء اليوم والأمس.

والمؤسف حقاً، أن انزلاق اليمن نحو سيناريو التشظي والتشطير، يتم في ظل غفلة تامة من العالم العربي وغيبوبة تشبه الموت السريري للجامعة العربية والمجتمع الدولي، واستحقت الحرب الوحشية الدائرة هناك، وصف “الحرب المنسية”، مع أن تداعيات ما يجري اليوم في جنوب الجزيرة العربية، سيتردد صداها في مجتمعات ودول أخرى في المنطقة، فنظرية “الأواني المستطرقة” تفعل فيها في هذه المنطقة، والحرب الدائرة في أكثر من ساحة عربية، هي حرب واحدة ممتدة على ساحات جغرافية مختلفة، الأطراف المتقاتلة في اليمن، هي ذاتها التي تتذابح في سوريا والعراق، وبدرجة أقل في ليبيا، وأي تقدم يحرزه فريق هنا، لا يعني بالضرورة تقدماً للفريق ذاته هناك، ومعادلة “رابح – رابح” تخلي مكانها لـ “المعادلة الصفرية” التي تحكم الصراع بين الأطراف، أما حروب الوكالة هذه، فوقودها الناس والحجارة في أربع دول عربية على الأقل، والحبل على الجرار.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 05:33 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

عن القدس والانتخابات

GMT 04:29 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 05:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و»حرب السفن»

GMT 18:43 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن ما الذي تبقى من الدولة و«الشـرعية» اليمن ما الذي تبقى من الدولة و«الشـرعية»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab